نجحت كوريا في نهضتها بالاعتماد على سواعد وعقول شعبهم، وليس بالاعتماد على موارد وثروات طبيعية. ولفهم المزيد عن حضارتهم وأثرها على ثقافة العمل الكورية ألخص فيما يلي بعض المفاهيم والظواهر التي شدت انتباهي من احدى المحاضرات في المعهد الكوري للعلوم والتقنية (كايست): الأمهات الكوريات لديهن حرص شديد على تعليم أبنائهن، ولهذا توجد في كوريا أعلى نسبة من حملة الدكتوراة من النساء خارج العمل النظامي لتفضيل الكثير من الأمهات التفرغ لمتابعة الأبناء والتأكد من حصولهم على أفضل تعليم ممكن 1- بالي بالي، وهي تعني «سريع سريع» وترمز إلى نظام الحياة المتسارع لدى الكوريين وحرصهم على الإنجاز وعدم اضاعة الوقت. 2- نوونشي وهي قراءة الرسائل غير الشفهية وحركات الجسم ونبرات الصوت، أو ما يمكن تشبيهه بالفراسة أو الذكاء الاجتماعي. 3-جنق ، ويعني وجود علاقة حميمية وإحساس متبادل وبناء تفاهم عميق وولاء بين أبناء البلد الواحد أو موظفي الشركة الواحدة. وهو أحد وجوه تقديم مصالح الجماعة على الفرد مما يجعل لدى الكوريين حسا وطنيا قويا، وهذه بدورها من الخصائص المشتركة بين شعوب شرق آسيا. 4- الكرامة والحفاظ على ماء الوجه، نظرا لأهمية العلاقات الشخصية فيكون اعتمادهم كبيرا على النقد غير المباشر، من خلال إيراد قصص وأمثلة لتوصيل المعنى المراد. 5- الأمهات الكوريات لديهن حرص شديد على تعليم أبنائهن، ولهذا توجد في كوريا أعلى نسبة من حملة الدكتوراة من النساء خارج العمل النظامي لتفضيل الكثير من الأمهات التفرغ لمتابعة الأبناء والتأكد من حصولهم على أفضل تعليم ممكن، وهم مع وجود التعليم العام المجاني والعالي المستوى، إلا أن الكوريين يحرصون حرصا شديدا على التعليم الخاص والمتميز. يبدأ يوم الأطفال الدراسي في كوريا من السابعة صباحا وحتى الحادية عشرة ليلا، وتشمل أكاديمية بعد المدرسة ودروس موسيقى، وبسبب هذا لا تكاد ترى أطفالا في كوريا على الإطلاق إلا متجهين إلى الدراسة أو عائدين منها. 6- مأساة الأب الوزة (وهو تعبير يطلق على الاب المنفرد، حيث يطير الوز كسرب بالعادة)، فبسبب حرص الكوريين على التعليم؛ كثيرا ما تسافر الأم مع الأطفال إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية أو الصين مؤخرا للدراسة من الإبتدائية إلى الثانوية تاركة زوجها وحيدا. 7- المكانة الاجتماعية، يهتم الكوريون كثيرا بتصنيف الشخص على حسب مكانته وعلاقاته وانتماءاته الوظيفية والأكاديمية. ومن العادي عندهم السؤال عن العمر والجامعة التي تخرج منها والحالة الاجتماعية وعدد الأطفال وكل هذا يؤثر على التعامل الشخصي، مثل من يجب أن ينحني أكثر عند التحية وكيفيتها ومن يحصل على أفضل مقعد على طاولة العشاء (وهو أبعد مقعد عن الباب)، ولا يبدأ أحد في الأكل حتى يبدأ كبير الجلسة. ويهتم الكوريون تبعا لذلك بالألقاب والمناصب، فعلى سبيل المثال استقال 3 من أعضاء هيئة التدريس عند تعيين عميد أصغر منهم سنا. 8- نظام الهوبونج وهو حصول الموظفين على علاوة أو ترقية كل سنتين أو ثلاث سنوات بغض النظر عن الانتاجية، وهو نظام تقليدي قديم وبدأ التحول عنه في عدد من الشركات. تلعب هذه الخصائص دورا كبيرا في تشكيل سوق العمل الكورية. فنسبة البطالة لديهم أقل من 4% (3.2% حسب آخر تقدير)، وبينما يعمل 93% من الرجال، فلا تتجاوز نسبة النساء في العمل النظامي 57%، كنتيجة للتفريق بين الجنسين عند الكوريين ونظرتهم بأن أولوية الأمهات هي الحرص على تعليم أولادهن بالإضافة إلى عدم توفر حاضنات أطفال بالشكل الملائم. وهذا ما أدى إلى تأخير سن الزواج من 26-28 إلى 30-31، ووجود ظاهرة أن النساء في الأربعينيات من أعمارهن يدخلن إلى سوق العمل في وظائف كثيرا ما تكون بالمستوى الأدنى. ظاهرة أخرى مثيرة للاهتمام هي التقاعد المبكر بين 50 و55، مع أن سن التقاعد القانوني هو 65، بل و تتجه كوريا نحو الشيخوخة السكانية، والسبب في هذا هو نظام الهوبونج السالف ذكره وعدم وجود مجال لترقيتهم أكثر. أدى هذا بدوره إلى تغير آخر في المجتمع الكوري وهو بداية انتشار مساكن التقاعد للمسنين، واتجاه الكثير منهم للتوقف عن العمل والاستمتاع بالحياة أو العمل في بعض الخدمات. تويتر@AlQurtas