علاقة السياسة بالبيضة والدجاجة وطيدة ، تشابه علاقتها بالمراهقة الفكرية ، وبألوان السمك ، وبسير السلحفاة .. وهذا ليس هذيان كاتب مهووس بالكتابة فيما لا طائل منه ، بل هي حقائق لا غبار عليها ، وقبل أن تطلق أحكاماً مسبقة على ما ستقرأ - عزيزي القارئ - ارجو أن تتريث حتى تنتهي من قراءة المقالة بالكامل ، فلعلها تجيب عن أسئلة قابعة في ردهات افكارك ، أو تثير تساؤلات جديدة تحفزك على التفكير ، وبها أصيب الهدف الحقيقي من وراء الكتابة بشكل عام !! لا يخفى على أحد المراوغات التي تحرك عالم العلاقات الدولية من أجل المصالح ، فهي تبدو كألوان السمك الذي على السطح ، لونه فاتح .. أي معلن وواضح ، بينما العلاقات غير المعلنة تعتبر سرية وتدور في الخفاء ، ويكون لونها كلون أسماك الاعماق ، سوداء بلون غامق ربما ان المعادلة التي تتحكم في مصير مصر الشقيقة أشبه بالمعادلة التي تتحكم في مصير الارض الفلسطينية برمتها ، ففي فلسطين تقول المعادلة : لن تقوم دولة فلسطينية ما لم تحصل اسرائيل على الأمن ، ولن تحصل اسرائيل على الأمن ما لم تضمن للفلسطينيين دولتهم .. بينما المعادلة المصرية تقول : لن تستقر مصر إلا بفض الاعتصامات ، ولن تفض الاعتصامات إلا بعودة الاستقرار السابق ، وفي هذا ما يشير الى أن قصة البيضة والدجاجة قد دخلت في مجال العمل السياسي في القرن الحادي والعشرين عبر تلك المعادلتين . أما ما يتعلق بالمراهقة الفكرية وعلاقتها بالسياسة ، فالحكماء يقولون إن الارتباط بأحكام مسبقة علامة من علامات المراهقة الفكرية ، وهذا المرض الفريد يصيب الكثير من الساسة ، ولاثبات ذلك أنظر الى المعادلة السابقة والخاصة بالارض الفلسطينية وستجد أنها دخلت في المراهقة الفكرية منذ أكثر من خمسين عاما ولم تصل الى الرشد حتى اليوم ، بسبب أن كلا الطرفين قد ارتبط بأحكام مسبقة مفادها أن الارض له ، كما أن المعادلة المصرية - للتو - دخلت في هذا النوع من المراهقة ، لأن كلا الطرفين يقول إن الشرعية له ، ولا أحد يعلم - حتى الآن - متى تنتقل المعادلة المصرية من المراهقة الى الرشد ! في إشارة قديمة باحت بها فلسفة ( كونفوشيوس ) في الاصلاح ، تحاكي وضع عالمنا العربي الحالي ، وكأنها تقول : إن ما اشعل شرارة الربيع العربي هو فساد الآباء ، ونصها : إذا صلح الأب في الأسرة صلحت الأسرة ، وهو يعني أن الاصلاح يبدأ من القمة ، وهذا ربما يصلح تطبيقه على مصر وليبيا وتونس وسوريا واليمن ، لكن لا يمكن تطبيقه على الارض الفلسطينية .. ذلك لأن الأب غير موجود في الاصل مع الحالة الفلسطينية ، أو لأن العرب الأوائل في فلسطين الحبيبة أجبروا على مخالفة الفطرة الطبيعية وسمحوا لأن تكون فلسطين متبناة من أبوين اثنين . أما ما يتعلق بالسمك وعلاقته بالسياسة فستجد ذلك مخيماً على الاجواء السياسية في مصر ؛ لأنه من المستحيل وضع مشروع انتقالي وطني واضح المعالم لكل الأطراف في ظل تدخل أطراف خارجية في الشأن المصري ؛ ذلك لأن هؤلاء تهمهم مصالحهم أولاً ، وربما لا يهم البعض منهم ما يسفك من الدماء المصرية البريئة ، ولا يخفى على أحد المراوغات التي تحرك عالم العلاقات الدولية من أجل المصالح ، فهي تبدو كألوان السمك الذي على السطح ، لونه فاتح .. أي معلن وواضح ، بينما العلاقات غير المعلنة تعتبر سرية وتدور في الخفاء ، ويكون لونها كلون أسماك الاعماق ، سوداء بلون غامق حيث لا ضوء في ظلام الاعماق . أما سير السلحفاة البطئ وعلاقته بالسياسة ، فهو واضح كوضوح جامعتنا العربية ومبادراتها في انتشال عالمنا العربي من الفوضى التي تكاد تخيم على الكثير من دوله ، فهي جامعة تضم أنواع السلاحف الثلاث التي هي : سلاحف تعيش على اليابسة ، وأخرى في الماء الحلو وثالثة في الماء المالح ، وجميعها يسير ببطء .. يعني لدينا جامعة عربية سلحفائية في وسط عالم عربي أحداثه تسير بسرعة الضوء . تويتر: maaasmaaas@