في مجتمعنا يمر ارتباط الزوجين بمراحل واضحة المعالم ففي أول سنواتها مساحات هائلة من الحب والرومانسية ، وفي أوسطها حالة من التذبذب في العلاقة رقياَ وهبوطاَ ، وفي آخرها حالة تتأرجح على طرفي نقيض بين قرب أشبه ما يكون بالأخوة والصداقة بين الزوجين أو انفصال شعوري وطلاق روحي بينهما لأسباب يشوبها الغموض . والمرحلة الأولى بوصفها بداية للحياة الزوجية تغلب عليها المجاملات وفيها يظهر كلا الزوجين أجمل ما عندهما من مشاعر وأطيب ما لديهما من تعامل وتصرفات وهؤلاء الأزواج الجدد يمكن التعرف عليهم في أي مكان بعلامات لا تخطئها العين تظهر من خلال حداثة سن الزواج واهتمامهم بهندامهم وتشابك اليدين أو الذراعين أثناء المشي ، والعطر الذي يتضوع شذاه في الأجواء القريبة منهم وكذلك الكلام المتبادل بينهم الذي أقرب ما يكون للهمس الذي تتبعه الابتسامات الخجولة ، وهذا الرونق والجمال أشبه ما يكون بعصافير الكناري الزاهية في أقفاصها الذهبية ، وفي هذه المرحلة الموغلة في المشاعر الجياشة نجد أنه وفي حكم المستحيل أن لا يرافق الزوج زوجته في مشاويرها الخارجية وهذا استمرار طبيعي لما تعود عليه الاثنان في شهر العسل ، والمرحلة الأولى هذه تكون مدتها في أسوأ الأحوال أشهراً معدودة بعد حفل الزفاف وفي أحسن الأحوال لا تتجاوز السنوات الخمس الأولى من الزواج أما من تتجاوز هذه المرحلة عنده السنوات الحقيقة أن مثار دهشة الفتاتين من صديقي لها دواع وأسباب طبعاَ إذا ما أحسنا النوايا والظن في الدافع والمبرر ، لكن اللافت أن الكثير من الأزواج في مجتمعنا ابتعدوا كثيرا عن مرافقة زوجاتهم وأبنائهم وبناتهم في خروجهم للسوق أو المطعم أو النزهة في الشاطئ والحديقة وأصبح دور الأب تسليم عائلته المال أو البطاقات الائتمانية وتركهم يذهبون مع السائق أو مع أكبر الأبناء وهو بالطبع إما يمكث في البيت أو يخرج مع أصدقائه إلى المقاهي والاستراحات الخمس الأولى فلم يصل إلينا خبره حتى اللحظة ولم نقرأه حتى في قصص ألف ليلة وليلة . أما المرحلة الثانية وهي المرحلة الأطول والتي تكون فيها الحياة الزوجية في حالة من التذبذب الشديد ، فعند الأكثرية تنتهي المجاملات وتقل فيها الرومانسية إلى الحد الأدنى ويصبح هناك ترشيد إنفاق في الهمسات والابتسامات والهدايا والسفر وتتحول فيها الحالة الزوجية إلى ما يشبه أداء الواجب ويتحول فيها الزوج إلى ما يشبه جهاز صراف ، أما الجزء الأقل من المتزوجين في هذه الفئة فقد حافظوا على ارتفاع المؤشر وبتحقيق نسب عالية من العلاقة الحميمة الجميلة واستطاعوا بذكاء التشبث بملامح المرحلة الأولى ، فجعلوا حياتهم هانئة سعيدة مستقرة مفعمة بالمحبة والمودة والرحمة . في خريف العمر تبدو المرحلة الثالثة ، حيث يكون الأزواج فيها إما صديقين يحفظان لبعضهما طول العشرة وتاريخًا من الحياة المديدة المشتركة وإما عدوين لدودين يبتعد كل منهما عن الآخر ولا يذكره إلا بالسوء والنكران . صديقي كان في أحد مطاعم برج المملكة مع ابنتيه الصغيرتين وبينما كانت زوجته تتبضع في المعارض القريبة كان صاحبي يناول طفلتيه الطعام ويتبادل معهما الضحكات وبينما هو كذلك إذا بفتاتين تقفان مشدوهتين بالقرب من طاولة الصديق وابنتيه وتقول إحداهما للأخرى : ( ما أصدّق .. سعودي مع بناته في مطعم وهو اللي يؤكلهم بيده ! ) . والحقيقة أن مثار دهشة الفتاتين من صديقي لها دواع وأسباب طبعاَ إذا ما أحسنا النوايا والظن في الدافع والمبرر ، لكن اللافت أن الكثير من الأزواج في مجتمعنا ابتعدوا كثيرا عن مرافقة زوجاتهم وأبنائهم وبناتهم في خروجهم للسوق أو المطعم أو النزهة في الشاطئ والحديقة وأصبح دور الأب تسليم عائلته المال أو البطاقات الائتمانية وتركهم يذهبون مع السائق أو مع أكبر الأبناء وهو بالطبع إما يمكث في البيت أو يخرج مع أصدقائه إلى المقاهي والاستراحات . هذا الانفصام الأسري يبدو أنه أضحى ظاهرة في مجتمعنا فلا تكاد ترى في المولات الكبيرة إلا الأمهات اللاتي يصطحبن أطفالهن ، ولا ترى في الشواطئ إلا العائلات التي ينتظرهم السائق مسترخيا أو نائما على مقعد السيارة ولا ترى في المطاعم إلا الأمهات والأطفال وحدهم . يبدو أن مؤشر العلاقات الأسرية في مجتمعنا قد هبط هبوطاَ كارثياَ وأن الخسائر الناتجة أكبر من أن تعوض فيما بقي من الحياة . twitter: @waleed968