دعا الرئيس الاميركي باراك اوباما الكونغرس الى استبدال الاقتطاعات الالية في الموازنة الاميركية «بمقاربة متوازنة» تشمل اقتطاعات «ذكية» في الموازنة واصلاح المساعدة الاجتماعية. ويأتي ذلك بعد ان وقع اوباما الجمعة طبقا للقانون، مرسوم تطبيق تجميد 85 مليار دولار من القروض العامة الذي بدأ آليا بعد فشل المفاوضات بين الديموقراطيين والجمهوريين للتوصل الى تسوية حول خفض عجز الموازنة ولم يكن من المفترض تطبيق هذه الاقتطاعات عندما تم الاتفاق عليها بموجب اتفاق مع الكونغرس في 2011. ولا يتوقع ان تكون هذه الاقتطاعات فورية او متساوية عبر البلاد او بين دائرة حكومية واخرى. وحذر خبراء اقتصاد من ان هذه الاقتطاعات قد تؤدي الى فقدان العديد من الوظائف وتكبح النمو في الاقتصاد الاميركي الذي لا يزال يتعافى. لكن اصبح من الواضح انه رغم خطورة هذه الاقتطاعات، لا مفر منها اقله في الوقت الحالي. وفي مداخلته الاسبوعية عبر الاذاعة والانترنت، قال اوباما السبت انه لا يزال هناك وقت لايجاد حل اذكى لمشكلة العجز ودين البلاد. وأوضح اوباما «ما زلت اؤمن انه في وسعنا وعلينا استبدال هذه الاقتطاعات بمقاربة متوازنة -- مقاربة تنطوي على اقتطاعات ذكية مع اصلاحات في قانون الضرائب تجعله اكثر انصافا على الاسر والمؤسسات من دون زيادة الضريبة - واعلن الجمهوريون الذين قدموا تنازلات لاوباما العام الماضي بشأن الموازنة، بقبول زيادة الضرائب على الاغنياء، ان الحد من العجز الان سيأتي حصريا من خفض النفقات. وأشار اوباما ان عجز الموازنة الذي يتجاوز حاليا الف مليار دولار يمكن خفضه من دون تسريح موظفين او جعل الاهالي او الطلاب يدفعون الثمن. واضاف اوباما ان «معظم الاميركيين يوافقونني الرأي في هذا الخصوص بما في ذلك غالبية الجمهوريين». وستطال هذه الاقتطاعات تدريب العسكريين وصيانة المعدات وستؤدي خصوصا الى اجراءات بطالة جزئية لحوالى 800 الف موظف مدني يعملون في البنتاغون اعتبارا من ابريل. وسيخسر هؤلاء عشرين بالمائة من اجورهم بين ابريل وسبتمبر اذا لم يتم التوصل الى اتفاق بين البيت الابيض والكونغرس حتى ذلك الحين. وقد يرغم المتعاقدون مع وزارة الدفاع الى تسريح موظفين وسيتأثر ايضا الانفاق الفدرالي على الصحة جراء هذه الاقتطاعات. وستطال الاقتطاعات تعليم الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، والتعليم في المرحلة الابتدائية للاطفال الفقراء. وسيتم اغلاق حدائق وطنية، وقد يصل وقت الانتظار في مراكز الجمارك في المطارات الى اربع ساعات. لكن اوباما اكد انه رغم الانقسامات، هناك نقاط مشتركة بين الجمهوريين والديموقراطيين اكثر مما يبدو. حمل اوباما الجمهوريين مسؤولية اجراءات التقشف الصارمة لانهم رفضوا سد الثغرات الضريبية للاغنياء والمؤسسات مع الحد من النفقات في مقاربته «المتوازنة» لخفض عجز الموازنة وقال بعض الجمهوريين ان ادارة اوباما تضخم وقع الاقتطاعات الالية، مؤكدين انها ليست بهذا السوء. وقبل ساعات من توقيع المرسوم الجمعة حمل اوباما الجمهوريين مسؤولية اجراءات التقشف الصارمة لانهم رفضوا سد الثغرات الضريبية للاغنياء والمؤسسات مع الحد من النفقات في مقاربته «المتوازنة» لخفض عجز الموازنة. وقال اوباما «لست دكتاتوريا. اني الرئيس» محذرا من انه لا يستطيع ارغام خصومه الجمهوريين على «القيام بما عليهم» او احتجاز القادة الجمهوريين في غرفة حتى يتم التوصل الى اتفاق. واضاف «هذه الاقتطاعات ستضر باقتصادنا وستلغي وظائف ولتصحيح هذا الوضع على الجانبين التوصل الى تسوية» واصفا هذه الاقتطاعات ب «الغبية» و»غير المجدية». وبعد ثلاثة اشهر على فوزه في الانتخابات الرئاسية، شكا اوباما من عجزه في تغيير مواقف الجمهوريين بشأن الموازنة. ولم يكن من المتوقع ان تؤثر الاقتطاعات على البنتاغون والنفقات الداخلية، لكن كان يفترض ان تكون مجرد اداة عقاب لارغام المشرعين الرافضين على التوصل الى تسوية للحد من عجز الموازنة. ووافق الجانبان على ان الاقتطاعات اداة حادة لخفض النفقات لانها لا تميز بين البرامج الضرورية وغير الضرورية. من جهته حذر وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل من ان الاقتطاعات تهدد قدرات وزارة الدفاع على انجاز مهامها على اكمل وجه. ومع عجز الطرفين عن التوصل إلى اتفاق على جوهر المشكلة، عمدا إلى وضع حلول مؤقتة لها. وكانت فكرة هذه الخطة التي صدرت في منتصف 2011 عن البيت الأبيض ووافق عليها الجمهوريون، تقضي في الأساس بتحديد اقتطاعات في النفقات تدخل حيز التنفيذ تلقائياً، ويفترض أن تكون مؤلمة إلى حد يدفع الطرفين إلى التفاوض للتوصل إلى حل يجنب البلاد كأسها. ويفترض أن تضاف هذه الأزمة إلى أزمة أخرى نتائجها أخطر، وهي تمويل الدولة الاتحادية للأشهر الأخيرة من ميزانية 2013. ويفترض أن يجري تصويت بشأنها في الكونجرس قبل 27 مارس، وإلا يتم إغلاق الخدمات العامة. وقال زعيم الديموقراطيين في مجلس الشيوخ هاري ريد، إنه يأمل في أن يدفع ذلك الجانبين إلى التفاهم. وأوضح باينر الجمعة أن كتلته ستتقدم الأسبوع المقبل بنص لتمويل الدولة الاتحادية حتى نهاية ميزانية 2013 في سبتمبر. لكن أوباما لم يعد رسمياً بتوقيعها، وتحدث عن ضرورة التزامه «بتعهداته السابقة». وتطال الاقتطاعات الآلية في الميزانية في الولاياتالمتحدة التي دخلت حيز التنفيذ، خصوصاً وزارة الدفاع الأميركية ( البنتاجون) التي ستضطر لتقليص مهامها على الرغم من أن ذلك سيضر بأمن البلاد كما ذكر مسؤولون. وهذه الاقتطاعات التي تبلغ قيمتها 46 مليار دولار من أصل 85 ملياراً من مجمل ميزانية الحكومة الفدرالية، لن تؤثر على العسكريين الذين ستبقى أجورهم وتعويضاتهم الاجتماعية محمية. إلا أنها ستطال تدريبهم وصيانة المعدات، وستؤدي، خصوصاً، إلى إجراءات بطالة جزئية لحوالي 800 ألف موظف مدني يعملون في البنتاجون اعتباراً من أبريل. وسيخسر هؤلاء 20 بالمائة من أجورهم بين أبريل وسبتمبر إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق بين البيت الأبيض والكونجرس حتى ذلك الحين. وستؤدي الاقتطاعات إلى خفض بنسبة حوالى 8 بالمائة من أصل حوالى 614 مليار دولار مخصصة للبنتاجون للسنة المالية 2013 التي بدأت في أكتوبر 2012 وتنتهي في سبتمبر 2013. ومن جهة أخرى أكدت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيف الائتماني التي حرمت الولاياتالمتحدة من تصنيفها الممتاز في 2011، أن الاقتطاعات التلقائية في الموازنة الأميركية سيكون تأثيرها “محدوداً” على الاقتصاد الأميركي. وقالت الوكالة في تقرير “نتوقع أن يكون تأثير الاقتطاعات التلقائية محدوداً على الاقتصاد الأميركي والشركات والولايات الاتحادية والبلديات، طبعاً بشرط ألا تستمر طويلاً”. وبسبب عدم تمكن الجمهوريين والديموقراطيين في الكونجرس من التوصل إلى اتفاق، فإن اقتطاعات تلقائية ستدخل حيز التنفيذ الجمعة على الموازنة الفدرالية، بحيث تنخفض النفقات بمقدار 85 مليار دولار حتى نهاية سبتمبر، وبمقدار 109 مليارات سنوياً على مدار السنوات الثماني المقبلة، ما يهدد النمو الاقتصادي الأميركي الذي ما زال هشاً. وأضاف التقرير “نعتقد أن الاقتطاعات ستكون مؤقتة، وستحل محلها في الربع الثاني من العام خطة طويلة الأمد تتضمن خفضاً للنفقات وزيادة للإيرادات، أي زيادة ضرائب”. وبحسب التقرير، فإن احتمالات عودة الاقتصاد الأميركي إلى الانكماش تتراوح بين 10 و15 بالمائة. وأكدت الوكالة أن التوصل بسرعة إلى اتفاق يوقف العمل بالاقتطاعات التلقائية، أمر كفيل بالمحافظة على “الاندفاعة” الحالية في النمو الاقتصادي. وفي صيف 2011، حرمت “ستاندرد آند بورز” الولاياتالمتحدة من تصنيفها الائتماني الممتاز “ايه ايه ايه”، بسبب الأزمة السياسية حول رفع سقف الدين العام الأميركي.