في كل مجتمعات العالم، يتحدث الناس - على اختلاف مواقعهم الاجتماعية - عن الماضي والحاضر والمستقبل، لكن (حديث الساعة) يختلف من حيث الكم والنوع من مجتمع إلى آخر. صحيح أن ثمة سمات مشتركة في التراث البشري كالفلسفة والآداب والفنون، لكن حتى في هذه الفضاءات، تختلف المقاصد والغايات وأشكال التناول والتفاعل. يحلو للناس في المجتمعات النامية والمتخلفة أن يكون جل أحاديث الساعة حول الماضي، بأولوية ما له على ما عليه، بينما تتصدر أحاديث الساعة في المجتمعات المتقدمة الحاضر والمستقبل بأولوية المستقبل، ماله وما عليه.. ما معنى ذلك؟ وما دور الإدارات السياسية العليا ؟ رغم كل ما تملكه السلطات العليا من قوة مادية أو معنوية، دستوريةً كانت أو شمولية، إلا أنها مجبرة على تبرير ادارتها الخفية أو المعلنة لأحاديث الساعة وتوجيهها لمصلحتها. الإدارات السياسية إما ان مازال خيار الانحياز السلمي للمستقبل واستحقاقاته قائما في مشروع الملك عبد الله وتوجهاته للإصلاح تمثل خريطة طريق كلما تأخر الأخذ بما جاء فيها، كانت الأثمان باهظة خاصة مع توافر الإمكانات المادية والضمانات الشرعية للمجتمع والدولة تتوافق وتغذي ميول الماضي بالتماهي مع الماضي وثقافته، أو أن تكون مجبرة على التماهي مع الحاضر وثقافته. المجتمعات المتقدمة حسمت هذا الجدل منذ قرون واستقرت على ادارات متعاقبة سلمياً ومجتمعات متحركة بفضل جدل واقعها المتجدد مع حيوية أحاديث الساعة الدائرة بالضرورة حول المستقبل. في مجتمعاتنا، المشكلة لا تزال قائمة لسوء الحظ. الكل يعلن أن المطلوب هو التخطيط والعمل للحاق بالدول المتقدمة. هل الثقافة السائدة والإجراءات المنحازة لمحصلتها توحي بحسم الاختيار وتحمل تبعاته الحميدة للدولة والناس؟ المؤشرات من حيث الخطوط العريضة تقول ذلك. أماالتفاصيل - وما قد تؤدي إليه لا سمح الله – فتشير إلى حالة مراوحة تغذيها حالة ركود تسمى «استقرار أفضل من اضطراب الجيران»، والسؤال الملح هنا : لماذا الانتظار حتى نصل إلى مشارف ما وصل إليه الآخرون، خاصةً بعد ان وصلت أحاديث الساعة هناك إلى أوساط شعبية عريضة هنا ؟ نحن لا نزال في مرحلة أحاديث الساعة، لكن عقارب الساعة تميل أكثر فأكثر نحو المستقبل. مازال خيار الانحياز السلمي للمستقبل واستحقاقاته قائما في مشروع الملك عبد الله، وتوجهاته للإصلاح تمثل خريطة طريق كلما تأخر الأخذ بما جاء فيها، كانت الأثمان باهظة خاصة مع توافر الإمكانيات المادية والضمانات الشرعية للمجتمع والدولة .. والله من راء القصد. [email protected]