وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي قال إنه يعارض وجود قوات أجنبية في الخليج، وإن بلاده لا تتدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى. ولكن كيف يعارض النظام الإيراني وجود قوات أجنبية في الخليج وهو الذي لم يدع مناسبة إلا وخلقها لمجيء القوات الأجنبية، مثل المشاغبات المستمرة، طوال ثلاثين عاماً، والتصريحات غير المسئولة لمتنفذين في الحكم الإيراني، والاستعراضات شبه اليومية للأسلحة الإيرانية ومناورات الحرس الثوري، كل ذلك لا يعطي أي شعور بالأمان لدى الخليجيين، خاصة أن إيران تحتل ارضاً خليجية وتهيمن على حكومة العراق وتزرع ميلشياتها في كل البلدان الخليجية. وتبدو معارضة وحيدي للقوات الأجنبية في الخليج مجرد استهلاك خطابي، لأن طهران وباعتراف كبار مسئوليها هي التي تحالفت مع القوات الأمريكية ويسرت لها احتلال العراق واحتلال افغانستان، ولهذا السبب قدم الأمريكيون العراق هدية لإيران مقابل الخدمات الجليلة التي قدمتها طهران للقوى الأجنبية. وفي الواقع كان الإيرانيون والأمريكيون حلفاء في العراق واتفقوا على أن كل طرف يحرس مصالح الطرف الآخر. وقدمت طهران وأتباعها أكبر الخدمات للقوات الأمريكية، وفي المقابل كان الأمريكيون يسمحون للإيرانيين وأتباعهم بممارسة نفوذهم وتنفيذ مخططاتهم لاجتثاث الهوية العربية من العراق. بل انه حتى حينما فاز المرشح العربي في الانتخابات النيابية العراقية بأغلبية الأصوات تدخل الأمريكيون ومنحوا ممثل طهران نوري المالكي رئاسة الحكومة. وتمارس حكومة المالكي تصرفات عدوانية تجاه العرب في العراق، وكان ذلك مما يرضي واشنطن ويسرها. ما يعني أن طهران حليف فعلي لواشنطن، حتى وان امتلأ الخطاب السياسي الإيراني بانتقادات واشنطن. ولا يبدو هذا النقد أكثر من مجرد تضليلات إعلامية للرأي العام الإيراني والإسلامي، فالحقيقة أن طهرانوواشنطن متنافرتان في الإعلام حليفتان في الواقع وعلى الأرض. والعجيبة الأخرى ما قاله وحيدي ان طهران لا تتدخل في شئون الدول الأخرى. ولا نعرف، هل لا يعلم وحيدي بالميلشيات التي تمولها طهران منذ عقود وتصرف عليها من قوت فقراء إيران، لتمارس مشاغباتها في كثير من المدن العربية في سوريا والعراق واليمن ولبنان والبحرين، أم أنه يتعامى ويشارك في حفلة التضليل الإعلامي ومحاولات إخفاء الشمس بأصابع اليد. ونعتقد أن نظام إيران يعرف ماذا يتوجب عليه إذا ما أراد، حقيقة وفعلاً، أن يعم السلام منطقة الخليج وإذا ما أراد ألا يشعر جيرانه بأي قلق. إذا ما أراد ذلك عليه أن يهجر سياسة التهديدات وسياسات المؤامرات والدسائس وسياسة التحريضات وسياسة عسكرة الخليج وسياسة خلق الأعداء المجانية التي لم تعد خافية حتى على أجهل الناس. ولكن المشكلة أن نظام طهران لا يعرف عقيدة غير هذه السياسات.