بدأ هذا الأسبوع موسم الاختبارات النهائية لأبنائنا وبناتنا الطلاب، وما يكون فيه من أمور المذاكرة والتحصيل، وما يتبع ذلك من استنفار البيوت في الوقوف بجانب أبنائها ومساعدتهم لتجاوز الاختبارات لنيل أعلى الدرجات وتحقيق النجاحات، فالاختبارات الدراسية برغم عنائها وجهدها فهي أكبر وأجمل مدرسة حقيقة لو تأملنا فيها، وفهمنا ما ترشدنا إليه وتعلمنا إياه. هناك أمر يمارس مع الأبناء، في مثل هذه المواسم من كل عام، والدافع له هو الحرص عليهم بلا شك، ولكنه يعود في الغالب بالضرر عليهم، ألا وهو تهويل وتضخيم الاختبارات، وزرع الرهبة في صدور الأبناء بسبب قدوم موسمها حتى أضحت عند كثير من الطلاب والطالبات شبحا وكابوسا يراد له أن ينتهي بأية صورة كانت، وكيفما كانت النتيجة، فنجد بعض الأولياء ديدنه صباح مساء التشديد على الأبناء بأمر المذاكرة والحث على ذلك، وربما صاحب ذلك شدة في القول وأحيانا شدة في الفعل والأوامر، مما يولد ردة فعل سلبية لدى الأبناء، وقد تجعله يكره الدراسة لأجل ذلك، وقد يصحب ذلك عقدة مستديمة نتيجة ذلك الأسلوب التربوي الخاطئ، وكان الأولى بالوالدين الحكمة في التعامل فلا إفراط في الشدة ولا تفريط في الإهمال، بل تقدر الأمور بقدرها وحري بالوالدين أن يحرصا على عدة أمور بسيطة إذا فعلوها فسيكون أثرها كبيرا وبالغا على أبنائهم وهي: أن يرسخا في أذهان الأبناء أن هذه الامتحانات أمرها هين، وأنها مرحلة عادية كغيرها من المراحل، وبقدر جهد الطالب يجني ويحصد ذلك الجهد بكل سهولة، أيضا يجب على الوالدين تهيئة الأجواء المناسبة للاستذكار والحرص على تناول الوجبات الصحية المحفزة والابتعاد بقدر المستطاع عن المشروبات الغازية ومشروبات الطاقة والتي لم يثبت لها إطلاقا أي فائدة بل مخاطرها كبيرة وفادحة. لذا، فدور أولياء الأمور في مثل هذه الأوقات مهم بلا شك، ومما يؤسف أن بعض أولياء الأمور يضع نجاح ابنهم أو ابنتهم أو إخفاقه في الامتحانات الدراسية علامة على نجاحهم في حياتهم أو فشلهم، فإذا نجح الابن في دراسته كال له أبواه أنواع المديح والثناء، وعلى النقيض من ذلك إذا أخفق الولد في دراسته وباء بالفشل، عاتبه أبواه وأنباه تأنيبا شديدا، ومن هنا تظهر فداحة ذلك الخطأ من حيث المبالغة في العتاب والتأنيب، لذا يجب استخدام الأساليب التربوية المهمة في هذا الجانب، ومعرفة أسباب الفشل ووضع الحلول المناسبة والتي تساعد - بإذن الله - على تحقيق النجاح وإزالة أسباب الفشل. وأريد أن أهمس في أذن كل طالب وطالبة بالحرص على بر والديك وطلب الدعاء منهم قبل الامتحان وأثناء الذهاب إليه وبعده، وإياك والقلق وعدم الثقة بالنفس، ولا تجعل صعوبة مادة ما تكون عائقا وسببا في عدم تقبلك لها وعدم استذكارها استذكارا جيدا، وتذكر أن طلب العلم ليس أحلاما ولا أماني، إنما هو بذل واجتهاد فلا تحقق الأهداف والآمال إلا بالبذل والجهد والتعب، وليكن التفاؤل طبعك في كل أعمالك، وتوكل على الله واعلم أن هذه الفترة هي أهم وأجمل فترات حياتك، فبعلمك واجتهادك ستبني وطنك، وستعتمد عليك الأجيال القادمة لرفعة وطنك، فبالعلم ثم العلم ثم العلم تبنى وتنهض الأمم وتزدهر.