لو كان لي أن أصنف الناس في ظروف الحياة، لقسمتهم إلى أقسامٍ ثلاثة: - ناسٌ لا يعلمون ماذا يحبون أن يعملوا: هؤلاء مشوشون لا يعرفون طرقهم ولا يستدلون على اتجاهاتهم.. فيضيعون. - ناسٌ يعلمون ماذا يحبون أن يعملوا، ولكنهم لا يعملون: هؤلاء لا يسعون لتحقيق أهدافهم، لأنهم يقبلون الوضع الراهن بلا طموح. - ناس يعلمون ماذا يحبون أن يعملوا.. فيعملونه: هؤلاء هم الفائزون. فهل تسمحون أن أطبق أحد هذه التصنيفات على مجتمعاتنا؟ هل نحن من الذين يحبون أن يعملوا مثل اليابان وكوريا وفنلندا، أم نحن من الذين لا يعملون أصلا فأراحوا وارتاحوا.. أم نحن شعوب من فئة الذين يعلمون ولا ينفذون ما يعملون. طيب، قد يفاجئك رأيي. أرى أن الشعب العربي -وربما جاز لي أن أقول ذلك- من الشعوب العاملة والطموحة وأن ما يبدو ظاهريًا من تأخر وسوء إنتاج وفقر في الجدية مؤشر ليس أصيلا، وإنما مؤشر تراكمت عليه أعرفة فغطته وطمست شكله. أثبت العرب، وتعرفون ذلك، في الماضي أنهم من أبرز الشعوب الجادة والعاملة فبنوا حضارة متقدمة، وفتوحات غطت نصف الأرض. ولكن الذي صار بعد ذلك من تخاذل وضعف همة كان بسبب فترات الحكم التي مرت على العرب قرونا فسلبت منهم قوتهم وجديتهم وتفوقهم الباهر في العمل والعلم. الآن في زماننا هذا يساهم ضعف التنظيمات البيروقراطية في إكمال عملية الاستلاب، فيظهر على المجتمع العربي بصراحة مؤشرات البلادة وعدم الاكتراث، وفقر المخيلة، وضمور المبادرة الذهنية والعملية. انظر للعرب لما ينعتقون من الترهل البيروقراطي، وتفشي النفع الشخصي على العمل العام النظيف الذي يخدم الوطن. لما كنت أزور طلابنا المبتعثين في أوروبا وأمريكا لفتني كثرة الشباب المتفوق تفوقا يفوق المعدل لتلاميذ كبرى الجامعات، وخصوصا تفوق الفتيات الذي بالفعل أذهل أكاديميين في جامعات عالمية. لما زرت مؤخرًا معرض «بيبان» الذي أقيم مؤخرا بمعارض الظهران، رأيت واقتنعت بصحة جدية وعملية وإبداع الشباب السعودي من الجنسين.. والأمثلة تزدحم. لذا تجدني أقول نعم.. أجد شباب مجتمعنا من الصنف الثالث.. الصنف المثالي، ولكن قبل ذلك علينا أن أن نكون مجتمعًا مثاليا!