كل شيء تصورت أن تفعله الشركة السعودية للكهرباء، ضمن مبادراتها الاجتماعية الأخيرة، إلا أن تنظم مهرجانا ثقافيا وفنيا بحتا يحضر فيه صوت الأرض الخالد طلال مداح، يرحمه الله، ويحضر فيه الموسيقار المصري المعروف محمود سرور، وعازف العود، المعروف أيضا، محمود الجبالي. ليس هذا فقط بل إن الشركة وسعت، مشكورة وموفقة، دائرة نور مهرجانها ليشمل عددا من الندوات والقراءات الثقافية وثيقة الصلة بمشهدنا المحلي. واختارت بذكاء تُحسد عليه أن تستضيف الصينيين، بعد قرار إدخال لغتهم في مدارسنا، ليقدموا ثقافتهم وفنونهم ورقصاتهم الضاربة في عمق التاريخ البشري. أذكر أنني قبل عشر سنوات تقريبا طرحت على أحد مسؤولي الشركة أن يفك أغلالها ويثير حميميتها مع المجتمع بدلا من هذا الانطباع السائد الراسخ بأنها تقف جافة عند حدود وصول الفاتورة إلى المستهلك. وربما وقتها لم يكن هذا المسؤول متحمسا لشيء من هذا القبيل أو أن الوقت لم يكن مناسبا. المهم أنها الآن، وفي مرحلة سعودية مهمة ومناسبة جدا، تبدأ المشاركة في تنوير العقول بعد أن أنارت لعقود البيوت والمزارع والمتاجر والطرق. الفعل الاجتماعي التنويري هو ما يجعل الشركة، أية شركة، محل تقدير الناس وامتنانهم. وهو، بحسب دروس الإعلام الثابتة، ما يضيف إلى صورتها الذهنية المزيد من الحضور والبريق. أمر آخر وهو أن الجرأة غير المتوقعة من الشركة على عالم الثقافة والفن، بهذا الحجم وهذا الجدول المزدحم والترحيب المجتمعي الواضح بهذه البادرة، ستغري شركات وقطاعات خاصة أخرى لتمد يدها الناعمة إلى المجتمع الذي يحتضنها وتبادله العلم والثقافة والفن والإلهام. وفي ذلك فليتسابق المتسابقون ونحن من ورائهم؛ نرحب بمبادراتهم وندعمهم على مستوى المجتمع ككل.