تزخر أرض محافظة بقعاء الخصبة بعدد كبير من الأماكن والشواهد الأثرية من نقوش ثمودية ورسوم صخرية ومنشآت حجرية منتشرة في أرجاء متفرقة من المحافظة دلت على استيطان بشري قديم يعود إلى ما قبل التاريخ، وتعتبر بقعاء أحد أقدم البلدان النجدية والمواطن الحضارية التي يعود تاريخها إلى ما قبل البعثة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام، وتحتل موقعا جغرافيا مميزا شمال شرق مدينة حائل؛ كونها إحدى محطات طرق القوافل التجارية القديمة التي تربط جنوب الجزيرة العربية بشمالها، وهي أحد منازل طرق الحج المؤدية إلى مكةالمكرمة والمدينة المنورة. وتكون المقومات الطبيعية وتنوع التضاريس في المنطقة أسهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في جلب العنصر البشري إلى الاستقرار في هذه المنطقة، وجعلها حلقة وصل لطرق القوافل القديمة ومكانا يقف فيه كل مسافر منذ آلاف السنين. مؤخرا انتهى الباحث بدر محمد البقعاوي، أحد أبناء محافظة بقعاء، من تأليف وإعداد كتاب (النقوش الثمودية والرسوم الصخرية في محافظة بقعاء)، ويقع الكتاب في 340 صفحة يسلط فيها الضوء على حقبة زمنية عاشت فيها مجموعة بشرية من العرب قبل 3000 عام تقريبا في محافظة بقعاء، ويعكس الكتاب البعد التاريخي والعمق الحضاري لهذه المحافظة، ويعتبر الباحث أول مَنْ أبرز ودوّن ووثق النقوش الثمودية والرسوم الصخرية في محافظة بقعاء، واستمرت عمليات البحث أربع سنوات متواصلة، قام المؤلف بشرح المعلومات العلمية، التي توضح أصل الخط العربي الشمالي الثمودي واكتشاف النقوش الثمودية ومواقعها وموضوعاتها والتسلسل الزمني لحضارات الجزيرة العربية، ونشأة الكتابة وتطورها قبل الإسلام، كما قام بتعريف الرسوم الصخرية ومكانتها وطرق دراستها والتسلسل التاريخي لها، ومن ثم مواقع النقوش الثمودية في محافظة بقعاء. وأوضح المؤلف البقعاوي: «أن نتائج الدراسة ممتازة، والتي كشفت عن عدد من المواقع، التي لم تتعرض للدراسة أو التنقيب أو التدوين من خلال المصادر أو المراجع المتخصصة سوى قلة منها، وتم ولله الحمد مسحها وتدوين وتصوير وترجمة ودراسة كل ما يوجد فيها من نقوش ثمودية ورسوم صخرية لما قبل التاريخ، التي من خلالها تتضح الجوانب والمضامين الحضارية والتاريخية، والتي تتصف بها الشعوب العربية القديمة».