نعني بالمسؤولية الاجتماعية الممارسات التي تهدف إلى تحسين مستوى المعيشة لفئات المجتمع والتنمية المستدامة لهذه الفئات.. وإذا كانت المسؤولية الاجتماعية مصطلحا جديدا نسبيا لكنها كممارسة فعلية ذات تاريخ في المجتمع الإسلامي، خصوصا وأن الشريعة تحث على تكافل المؤمنين وتآزرهم وأن يحب المرء لأخيه ما يحب لنفسه. ولا شك أن واقع المسؤولية الاجتماعية في القطاع الخاص عامة آخذ في التنامي، وإن كان بحاجة إلى مزيد من الممارسة التي تتحمل فيها الأطراف كافة مسؤوليتها، وفي مقدمتها البنوك، باعتبارها القطاع الأكثر ربحية بين قطاعات الاستثمار والإنتاج، وهنا ينبغي الإجابة عن بعض الأسئلة حتى نحكم على مدى قيام هذا القطاع بدوره في مجال المسؤولية الاجتماعية، وفي مقدمتها ما حجم إنفاق البنوك في مجال المسؤولية الاجتماعية؟.. وماذا يمثل ذلك من أرباح البنوك السنوية؟.. وهل تعتبر البنوك ما تنفقه في مجال المسؤولية الاجتماعية نوعا من الاستثمار الذي يحقق رضا المجتمع ويؤدي إلى إقبال العملاء على التعامل مع البنك؟. في محاولة للإجابة عن هذه الأسئلة نلاحظ أن حجم أرباح البنوك كبير جدا، فهل حجم إنفاقها على المسؤولية الاجتماعية يتناسب مع هذه الأرباح التي جاءت من المجتمع المطلوب منها الوفاء بالمسؤولية الاجتماعية تجاهه، والإجابة هنا تحتاج شفافية من البنوك في الإفصاح عن مساهماتها في المسؤولية الاجتماعية وحجم إنفاقها، وهو ما لا تتضمن أغلب التقارير السنوية ما يفيد في الإجابة عنه، فيما يتحدث بعضها عن أدائه المسؤولية الاجتماعية حديثا إنشائيا يفتقر للغة الأرقام، فيما يحتاج الأمر ذكر الأرباح ونسبة ما ينفق منها في هذا المجال وأسماء المشاريع ومواقعها والمستفيدين منها، وهو الأمر الذي لا نجده إلا نادرا، لذلك فقد سبقنا الكثيرون ممن كتبوا عن ضرورة تولي مؤسسة النقد ووزارة المالية بل وحتى الغرف التجارية مسؤولية تحديد نسبة معينة من الأرباح السنوية لكل بنك وتوجيهها للمسؤولية الاجتماعية ومتطلبات التنمية وخاصة مجالات التوظيف ومكافحة البطالة أو إنشاء المشاريع الصغيرة بقروض ميسرة، وكذلك دعم مشاريع الجهات الخيرية التي تعتبر الموارد المستدامة لها مسؤولية المجتمع كله، لأن ذلك يمكنها من ديمومة العمل في التنمية الاجتماعية للأسر المحتاجة والتحول بها من الحاجة إلى الاكتفاء. وهنا نأتي على الحديث الذي يتداوله بعض الكتاب بل وفي اللقاءات والمؤتمرات والمجالس حول وجود قصور في أداء البنوك بشكل عام للمسؤولية الاجتماعية التي ينبغي أن تتحملها وغياب الممارسة عن بعضها أو عدم وجود إدارة متخصصة للمسؤولية الاجتماعية فيها حتى الآن مما يوجب العديد مما يجب فعله في سبيل تعزيز المشاركة، ومن بينها إلزام البنوك بوجود جهة مسؤولة عن المسؤولية الاجتماعية فيها، وكذلك أن يؤخذ صرف البنك على المسؤولية الاجتماعية معيارا من معايير التصنيف للبنك، ووضع جائزة للمسؤولية الاجتماعية، وأن يؤخذ ذلك في الحسبان أيضا عند تعامل الجهات الحكومية مع كل بنك، إلى جانب تحديد حد أدنى لمساهمة كل بنك على أساس رأس المال والأرباح، وإلزام كل بنك أن يفصح عن مساهمته في مجال المسؤولية الاجتماعية بشفافية في تقريره السنوي أو في تقرير خاص بالمسؤولية الاجتماعية، كما يجب تعميم تجربة تأسيس مجلس المسؤولية الاجتماعية في المنطقة الشرقية على المناطق، وتأسيس مراكز لأبحاث المسؤولية الاجتماعية تساعد الجهات المتبرعة في توجيه ما تخصصه لذلك التوجيه السليم.. هناك الكثير مما يجب عمله وصولا إلى تحمل هذا القطاع المهم لمسؤولياته.. فهل نحن فاعلون؟.