مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وانخراط الغالبية العظمى من كافة شرائح المجتمع في منصاته، مثل التويتر والفيس بوك، ومع تسارع وتيرة الحياة، فقد أصبحت تلك الغالبية غير آبهة بالتدقيق في المعلومات التي تصلهم، حتى لو كان فيها ما يسيء للآخرين ويمس كرامتهم وشرف أسرهم ويدمر بيوتهم. في سورة الحجرات يقول الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ). ولعل مَنْ يقرأ هذه الآية بتمعن، يدرك خطورة التسرع في إطلاق الأحكام قبل التبين من صحة ما نقل لهم، فكم من بيت تدمر، وكم أسرة تفككت، وكم قصة طلاق حدثت، وكم صداقة عمر ضاعت، وكم تجارة قد بارت، بسبب فاسق خبيث نقل كلامًا غير صحيح أو دقيق. آية أخرى في هذه السورة الكريمة، تقدم لنا درسًا عظيمًا نتعلم منه، وتهدينا منهجًا لا بد أن ننهجه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ). تبصروا في هذه الآية، فرغم أن عدد كلماتها لم يتجاوز الثلاثين كلمة، إلا أنها عالجت الكثير من الأمراض التي نعاني منها، مثل الظن الآثم والتجسس على الغير والغيبة وأكل لحم الأخ وهو ميت. وفي آية أخرى من سورة الحجرات يقول الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). ترى.. كم ستكون الحياة جميلة، وكم سنكون سعداء، وكم سيكون عالمنا آمنًا وضمائرنا مرتاحة، لو تمعنا في هذه السورة واتبعنا ما فيها من توجيهات ربانية !! الإجابة لديكم. ولكم تحياتي.