قد لا تخلو مدينة من مدن العالم من أسواق متجولة ، وإن كانت طبيعة هذه الأسواق بغض النظر عن المنتج ، هي عادة ما تكون من الطبيعة الشعبية وإن كان لهذه الأسواق طابع خاص في تلك المدن ، إلا أنه وفي بلدنا وللأسف عادة ما تكون موطنا للسلع المغشوشة والرديئة ، ولا يكتفي في ذلك فقط فغالبية هذه الأسواق عشوائية وغير مصرح لها من الجهات الرسمية ، مما يعطيها صفة الأسواق غير الخاضعة للرقابة ، وهنا يفقد المستهلك كامل حقوقه إضافة الى أضرار اقتصادية اخرى نتيجة انتشار مثل هذه الأسواق. وأكثر ما لفت انتباهي حول هذا الموضوع ، هو زيارتي للأحساء الأسبوع الماضي عندما شاهدت ودون سابق إنذار تجمعاً كبيراً من الناس وازدحاماً من السيارات ، وعندما اقتربت اكثر تبين لي ان هذه الارض الفضاء أصبحت سوقاً شعبياً دون اي مقدمات ، لن أتحدث عن الأضرار الاقتصادية من انتشار مثل هذه الأسواق بشكل غير مرخص ، ولكن يبدو ان انتشار مثل هذه الأماكن بهذه الطريقة أصبح جزءا من ثقافتنا والمحزن ان هذه السوق تقابل مقر أمانة الأحساء وتجاور استثمارات مهمة ، فأصبحت في حيرة اما ان مقومات الاستثمارً في هذه المدينة تختلف عن غيرها من المدن او يعتبر السماح لمثل هذه الاسواق في هذا المكان هو جزءا من محفزات الاستثمار !!! فأصبحت تواقا لسماع رأي المسئولين عندما يشاهدون هذه التجمعات بصفة يومية في هذه المنطقة والتي من المفترض ان تكون هي قلب الأحساء الجديد. ولن أتحدث عن الأضرار الاقتصادية من انتشار مثل هذه الأسواق بشكل غير مرخص ، ولكن يبدو ان انتشار مثل هذه الأماكن بهذه الطريقة أصبح جزءا من ثقافتنا ، حيث لا نستغرب ان يكون هناك عدة سيارات واقفة تبيع الفواكه على طريق الدمامالخبر السريع وأصبحت جزءاً من الحوادث المرورية ، أو نرى الأرصفة التي كلفت أمانة الاحساء الكثير في احد اهم شوارع المدينة تفترضه بضاعة بيع التمور ومنذ سنوات ولا رقيب ولا حسيب ، ولا اعلم ما اذا كان مفتشو الأمانة يتجاهلون هذا عمدا ام من باب فعل الخير ، او ينتظرون أوامر وقرارات عليا للتعامل مع هذه الظاهرة. لا أريد ان اكرر كثيرا ، فنحن أمة لها حضارة عريقة ونأمل لعمل صناعة حضارة أكثر إشراقا ، وإن كنت لا أحبذ ان نستمر في استمداد الممارسة الايجابية من الخارج ، الا ان ممارسة التحضر في تلك الدول فرضت هيمنتها وأصبحت جزءا من ثقافة هذه الشعوب ، وفي سياق موضوعنا هذا ذلك ان الغرب أحسنوا التعامل مع الأسواق المتجولة فلنشاهد سوق الورورد في هولندا او يوم المزارعين الأسبوعي في الولاياتالمتحدة ، او سوق الحرف اليدوية في باريس ، والسؤال الدائم ، لماذا يوجد عندهم ولا يوجد عندنا؟ ، وهنا الدعوة مفتوحة الى مبادرة لتنظيم مثل هذه الأسواق وتحويل السلبيات من وراء ذلك الى إيجابيات ومنح الباعة المتجولين التراخيص النظامية المطلوبة وتخصيص المكان المناسب لهم حسب طبيعة وثقافة كل مدينة وتحديد طبيعة نشاطهم وخضوعهم للرقابة ، ومنع فرصة منح العاطفة ان تكون فرصة للخراب والفوضى . [email protected]