لا ينظر الشعراء إلى الوطن من زاوية واحدة، فلا حدود لديهم لمعاني الوطن، وهم بارعون في تلوين الوطن بألوان الطَّيف ،وإضفاء البهجة والحُبّ على جميع تفاصيله، ما يجعل الصحراء كرنفالاً من ألوان. جبال الوطن وماؤه وترابه ونخيله، أطفاله وصباياه .. وكلُّ شيءٍ فيه يشارك الشاعر الا حتفال بعيد الوطن .. عروس الرُّبى حين يذكر الشعر الوطني فلا بد من وقفة وفاء ولو قصيرة أمام فارس الشعر والوطن الراحل غازي القصيبي الذي عشِق الوطن فرأى رُباه كالعروس التي يبذل العاشقون لأجلها أغلى الأثمان مهورا : يا عروس الربى الحبيبة أنتِ أحلى من الخيال وأبهى يحلم النجم أن يمسّ يديها وهي تأبى.. لأنها منه أزهى يا عروس الربى الحبيبة والعِشق فنون.. وجدتُ عشقَكش أدهى حين مسَّت عيناك بالحب قلبي خِلتُ أن الوجود بالحُب ملهى صباح الخير ياوطني الصباح زمن فردوسي يفتتح به الشاعر أحمد الحربي تحيَّته للوطن مُخاطِباً تفاصيل طبيعته بمشاعر رومانسيَّةٍ رائقة .. صباح الخير يا وطني .. صباحٌ باسمُ الإشراق منذ ولادة التاريخ .. حتى آخر الزمن .. صباح الخير يا وطني. صباحٌ رائعُ الإصباح في عينيك يكتبني . صباح الرَّمل والصحراء والواحات , والمدنِ .. مساء مِلءُ أوردتي بطُهر ثًراك يسكُبُني صباح الخير ياوطني فكم كانت بحارُ المدِّ في وِديانِ أعماقي بلا ميناء يشربني وزورق عمري الرّحال من بحرٍ إلى بحرِ مع الأمواجِ يقذفُني وتأتي أنتَ يا وطني .. فتحمِل خفقَ أشرِعتي وتحضِنُها , وتحضنُني أبجدية ثانية ولا يرضى الشاعر جاسم الصحيح حتى يخترع أبجديةً ثانية لحُبّ الوطن في قصيدته ( الوطن أبجدية ثانية) ،ويرى في تفاصيل الشخصية السعودية حروفاً يتغزلُ بها في ربيع الوطن .. هُمْ عَلَّقوكَ على السَّحابِ شِعاَراَ وأنا غَرَسْتُكَ في التُّرابِ بِذاراَ وحَفَرْتُ فيكَ.. فكُنْ شفيعَ معاولي حين التراب يُعاَتِبُ الحَفَّاراَ أَ تَضيقُ إنْ طاشَتْ سهامِيَ مَرَّة ولَكَمْ حَرَسْتُكَ بالسِّهامِ مِرارا دَلَّلْتُ في نَغَمي هَواَكَ كأنَّني (نيسانُ) وَهْوَ يُدَلِّلُ الأزهارا دَعْني أُثَمِّن بالشِّجارِ محبَّتي أغلَى المحبَّةِ ما يكونُ شِجاَرا! ........... طيرُ السلامِ يعيشُ في(دشداشتي) ويُقيمُ وَسْطَ جيوبِها أَوْكاَراَ وطني وأقدسُ ما حَقَنْتُ بهِ دمي مَصْلٌ يُقاَوِمُ خنجراً.. غَدَّاراَ جَلَّ (العِقالُ) فما أنا بِمُساَوِمٍ فيهِ عِداَدَ خيوطِهِ أقمارا فَلَكٌ على رأسي يدورُ مهابةً ونجابةً وكرامةً وفَخاَراَ لحن السلام للشاعر جاسم عساكر أُذن تعرف موسيقى السلام في وطنٍ يتّخِذ الشموخ سلَّماً لارتقاء مدارج الخلود، ينظر إلى وطنه بقلبٍ من زهور وعينَين مثل طائرٍ يحطُّ على غصن يميس خُيَلاءً بتاريخ فاخر .. وطني بَلَغتَ منَ النجومِ مُرادَا فاخلُدْ على رغمِ العِدى آبادَا ودَعِ الذينَ علَى الضغينةِ أجمعُوا يَفنَونَ في أضغانِهِمْ حُسّادَا أهديتَهُمْ زهرَ الحياةِ فأبدلُوا زهرَ الحياةِ مآتِماً وحِدَادا دعهمْ، أمَا جاءَتْكَ أغنيةُ الهوى : نمْ مُطمَئنَّاً فالجميلُ يُعادَى !! دعهمْ وأطلِقْ من عصافيرِ الضُحى سِرباً يرِفُّ على المدَى إسعادَا واعزفْ صبابةَ عاشِقيكَ ربابةً صِيغَتْ لَهَا أضلاعُهمْ أعوادَا أقبلتُ لا قَلَماً ملكتُ ولا فَماً لكنْ ملكتُ منَ الزهورِ فؤادَا وطني أسطورة الشاعرة مها نصار الدوسري ترى في أرض الوطن ملامح المرأة العربية الأم الموشَّحة بالفضائل والعطاء اللانهائي .. عليكِ يا عربيةُ القَسَماتِ عليكِ يا إنسانيةُ الوجدان عليكِ يا إسلاميةُ النًّسمات تحيَّةُ الرحمنِ إليكِ يا الصحارى الشُّمِّ إليكِ يا بحر اللؤلؤ والألماسِ إليكِ أنتمي يا أُمِّ فأنتِ الأرضُ لكلِّ الناسِ يا زينة الفضائلِ يا صروح المجد والإباءِ يا روض الخمائلِ يا زرقة السماءِ تلويحة سلام الشاعر محمد الفوز، آثر البوح نثراً قائلاً: اليوم الوطني ليس مجرد تلويحة سلامٍ ، ولا ذكرى عابرة ، بل هي انتماءٌ أصيلٌ و حِسٌُّ لامتناهٍ لمفهوم الوطنية والتنمية المستدامة التي تنطلق من حلمٍ ذاتيّ بأن هذه الجغرافيا مالم نُعمِّرْها بالودِّ و المعرفة ،لن تكون خُطانا عليها راسخة و ذات وهجٍ سماويّ. كلُّ ما علينا ونحنُ نستقبلُ هذا اليوم المشرق بأريحيَّةٍ وضوء أن نكون حالمين و نُطلِقُ أرواحنا في ردْهة المستقبل، ثًمَّةَ إخلاصٌ عظيم يجب أن يُشعشِع في ضمائرنا كي ننهضَ و نغدو بنّائينَ لهياكل الوطن، كلُّ ما نتأمله في العيد الوطني أن نلتزم بواجباتنا كي ننالَ الحقوق المفترضة. إننا في يومٍ تاريخي يتجدد كل عامٍ في رخاءٍ ورغدٍ وسعةِ عيشٍ يحسدنا الآخرون عليها، فما نشعر بنقصه هنا قد يكون عدَمَاً وغيرَ موجودٍ في بيئاتٍ أخرى، ولذلك نتفاءل باللُّحمةِ الشعبية التي تتآزر فيها القيادة بالمواطنين المخلصين في يومٍ تبدو علاماتُ السعادة أشبه بطائرةٍ ورقية بأيادي الأطفال، إنها ترنو عنان السماء و لا تسقط حتى تغيب في خِضمِّ الريح ، هكذا يجب أن تعلو بهجتنا و تتسامى حتى نشعر أننا للتو بدأنا مسيرة حياةٍ جديدة ، و كل مجدٍ تركه لنا الآباء هو امتدادٌ زمنيُّ سوفَ نتركه لأبنائنا كمن يتناوبون على شارة البدء لسباقٍ ماراثوني متمرحَلٍ.