لن يكون امرا مستغربا لو أمضى موظف حكومي 40 عاما في الخدمة فقد اثبتت التجارب أن هبات التمديد وعقود المستشارية والاستثناءات المترامية "هنا او هناك" فتحت ما يمكن أن تغلقه أبواب ديوان الخدمة المدنية بل وحتى تشريعات وأنظمة وزارة العمل. إن التجربة الإدارية السعودية لجديرة بالتمعن والتبصر، فقد اثبتت الايام والتجارب انها عصية على الفهم بفضل توقف مسيرة التطوير والتحديث لبرنامج التوظيف في القطاع العام فغابت المبادرات التي ترفع من كفاءة أنظمة وزارة الخدمة المدنية وجعلها اكثر مرونة في استقطاب الكفاءات وتوفير بل ومضاعفة الشواغر الوظيفية وتأمين مستقبل المتقاعدين بحسب السن النظامية وبالتالي تنتفي الحاجة لاتباع سياسات التمديد أو الاستعانة بالمتقاعدين كمستشارين بشكل (فج)! ولقد اطلعت مؤخرا على إحصاءات توضح عدد المنتسبين من موظفين في وزارة الخدمة المدنية إذ بلغ عدد العاملين في الوزارات والمصالح الحكومية لعل هذه الأرقام التي أوردناها تبين أن هذا الجهاز مازال بحاجة لاستقطاب المزيد والمزيد من أبناء وبنات الوطن للانخراط في غماره والاستفادة من الفرص الوظيفية المتاحة، مع الأخذ في الاعتبار تطوير نظام نهاية الخدمة للموظفين بإقرار المقترح الذي قدمه مجلس الشورى مؤخرا بصرف مكافأة مجزية أسوة بنظام التأمينات الاجتماعية الأمر الذي يضمن للموظف تسريحا معتبرا في نهاية خدمته والمؤسسات العامة (710.859) موظفاً ومستخدماً سعودياً وغير سعودي من الرجال والنساء بمختلف الجهات الحكومية والمؤسسات العامة منهم (631.024) سعودياً، لكن المثير في الأمر أن عدد من يعملون في بند الوظائف العامة على سلم الرواتب لم يتجاوز (169.220) سعودياً، أي أن كل موظف يعمل تحت هذا البند يخدم في المقابل 106 مواطنين وهو رقم ضخم، أما القطاع الصحي فإن كل موظف تحت هذا البند يخدم في المقابل 608 مواطنين، أما الرقم الأكثر غرابة فهو بند القضاة وأعضاء هيئة التحقيق والادعاء الذين يبلغ عددهم 1996 موظفا ما يعني ان كل قاض يخدم أكثر من 9000 مواطن، وهنا تكمن المفارقات. لعل هذه الأرقام التي أوردناها تبين أن هذا الجهاز لازال بحاجة لاستقطاب المزيد والمزيد من أبناء وبنات الوطن للانخراط في غماره والاستفادة من الفرص الوظيفية المتاحة، مع الأخذ في الاعتبار تطوير نظام نهاية الخدمة للموظفين بإقرار المقترح الذي قدمه مجلس الشورى مؤخرا بصرف مكافأة مجزية أسوة بنظام التأمينات الاجتماعية الأمر الذي يضمن للموظف تسريحا معتبرا في نهاية خدمته، وبل ورفد نظام مؤسسة التقاعد بمزايا أخرى تحفز على الخروج المبكر من الخدمة المدنية تشمل تأمينا طبيا ايضا. إن المتبصر في نظام الخدمة المدنية والمؤسسة العامة للتقاعد يعلم أن كثيرا من حالات التمديد بعد نهاية الخدمة غالبا ما تطبق نتيجة ضعف العائد التقاعدي للمتقاعد والرغبة في تحسين وضع الموظف المتقاعد نظير جهوده لكنه في الواقع حلول وقتية، ويبقى المؤمل أن تشمل مسيرة الإصلاح الإداري هذا النظام ليكون "بردا وسلاما"على الموظفين والمتقاعدين في آن معا.