عرفت فترة من مرحلة المراقبين العرب، بعض الهدوء النسبي غير أنه سرعان ما تحول إلى جحيم حقيقي لأن النظام لم يتخذ ذلك الموقف لأجل الاستجابة للخطة العربية ولا احتراما لوجود المراقبين العرب، بل كانت مجرد تكتيك حربي لاستعادة الأنفاس وتغيير المخطط من درجة إلى درجة أكثر خطورة وتمركزا. ولهذا فالحكم على الهدوء النسبي في حال ظهوره بسوريا خلال هذه الفترة مع وجود المراقبين الدوليين لن يكون سوى خطة يريدها النظام لالتقاط أنفاسه وترتيب قواته في خضم التداعيات المتسارعة التي يشهدها المشهد السياسي السوري خاصة وصول بعثة المراقبة الدولية وكيف يمكن ان تؤدي دورها بالشكل الذي يتناسب مع واجبها وبعيدا عن المزايدات أو التسيس كان ل « اليوم» هذا الحوار مع المبعوث السابق في المراقبة العربية لسوريا الجزائري انور مالك ليحدثنا عن المستجدات وعن كيفية رؤيته لدور بعثة المراقبة الدولية من خلال تجربته السابقة من خلال الحوار التالي: كيف ترى ما هو قادم بالنسبة لسوريا؟ - بعيدا عن التشاؤم المفرط أو التفاؤل المبالغ فيه، فإن ما هو قادم في سورية يخضع لما نراه الآن على أرض الواقع، ومقارنة بالتطورات التي عايشناها منذ اندلاع الثورة الشعبية السورية، فالأمور في تطور متواصل من السيئ إلى الأسوأ وإن كانت قد عرفت بعض مراحل يمكن تسميتها استراحة محارب من ناحية عدد الضحايا على الأقل، حيث هي المراحل التي يقوم النظام بلملمة شتاته لأجل مخططات أخرى أكثر دموية. فمثلا عرفت فترة من مرحلة المراقبين العرب، بعض الهدوء النسبي غير أنه سرعان ما تحول إلى جحيم حقيقي لأن النظام لم يتخذ ذلك الموقف لأجل الاستجابة للخطة العربية ولا احتراما لوجود المراقبين العرب، بل كانت مجرد تكتيك حربي لاستعادة الأنفاس وتغيير المخطط من درجة إلى درجة أكثر خطورة وتمركزا. ولهذا فالحكم على الهدوء النسبي في حال ظهوره بسوريا خلال هذه الفترة مع وجود المراقبين الدوليين لن يكون سوى خطة يريدها النظام لاعادة أنفاسه وترتيب قواته التي بلا شك تلقت ما يوجعها من قبل الجيش الحر أثناء هجومها على الأحياء الشعبية. لذلك لست متفائلا ولا متشائما بل أنا واقعي لأبعد الحدود، لن تهدأ سوريا بل سيزداد عنف النظام ضد الشعب إلى منتهى الجنون مادام الشعب يطالب باسقاط النظام، ومادام جيش النظام وعصاباته المسلحة وفصائله الطائفية المقاتلة ترى أن الأمر هو واجب وطني ضد عدوّ يجب إبادته لأجل الإبقاء على نظام عائلة الأسد في إطار أوهام الممانعة، وللأسف أن هذا العدو الافتراضي الذي نجح النظام في ترسيخه بعقول العسكريين لم يكن سوى الشعب السوري البطل والمقدام. ولا يوجد خيار التنحي في أجندة النظام مطلقا بالرغم من أنه الحلّ الواقعي والوحيد الذي ينقذ البلاد من الدمار والخراب، في حين يراهن على الحرب الطائفية عن طريق تغذيتها بالابادة ضد الطائفة السنية بصفة محدّدة، وبواسطة عمليات استخباراتية موازية ضد طوائف أخرى مثل العلويين والمسيحيين ليدفعهم نحو التسلّح والالتحاق بفصائل الأسد، وقد كنت شاهدا على عمليات اغتيال طالت عسكريين سابقين من الطائفة المسيحية وحتى الطائفة العلوية بل تعرضت الاحياء للقصف كتلك التي قتل فيها الصحفي الفرنسي جيل جاكييه. ولهذا أحذّر الثوار من الانسياق في مخططات النظام الطائفي الذي ينطلق من منطلقات عقدية بحتة في حربه الشاملة على الشعب السوري وبكل طوائفه. رهان النظام على الحرب الطائفية يتوازى مع رهانه الآخر غير المعلن على حرب اقليمية بين الهلال الشيعي الذي يمتد من طهران إلى الضاحية الجنوبية في لبنان، وعلى مرمى حجر من الكيان العبري ما يضع أمن «إسرائيل» على المحكّ لدى القوى الكبرى. وكما يوجد رهان آخر هو حرب الاستقطاب الدولي بين معسكر تقوده روسيا في اطارها التقليدي إلى جانب الصين التي دخلت منذ فترة حلبة الكبار علها تظفر بأن تغدو قطبا جديدا على المستوى السياسي بعدما صارت تفرض نفسها على المستوى الاقتصادي في ظل ما تعانيه بعض القوى الكبرى من أزمات داخلية ترهنها في خيارات عكسية خدمت بكين كثيرا. كل هذه الرهانات ستفتح سورية على كل الاحتمالات خاصة، في ظلّ صمت متواطئ أو مبادرات دولية مخجلة لإنقاذ الشعب السوري الذي يتعرّض للإبادة من قبل نظام طائفي عنصري يتغذّى بإيديولوجية هي أخطر ما يواجه العالم الآن في ظل تصاعد قوة إيران بالمنطقة، التي لحدّ اللحظة لم تجد ما يواجهها ويقف لها الندّ بالندّ عكس ما كانت عليه الأمور في عهد سابق مثل الدور الذي لعبه الرئيس العراقي الراحل صدام حسين في تقليم أظافر ايران في المنطقة العربية. ونرى إيران تتلقى الدعم الخفي الذي ترعاه الأجهزة الاستخباراتية في اطار مخطط دولي لتحييد أهل السنة من أي حضور في العالم الإسلامي، فيكفي أنه تمّ تمكينها من العراق الذي تحوّل إلى مزرعة للملالي والآن يراد حماية نفوذها في سورية وطبعا الآن في إطار الربيع العربي صارت الأمور أعقد، حيث يراد إستغلاله وتحويله من ثورات شعوب تنشد الحرية وتناهض الاستبداد والفساد إلى انتفاضات لطوائف معينة لأجل الاستئثار بالحكم. حرب إبادة تجربتك السابقة كمراقب في البعثة العربية كيف ترى دور البعثة الدولية التي وصلت لسوريا حاليا؟ - لقد نشرت مقالا بخصوص هذا الموضوع في «الجزيرة نت» تحت عنوان «على خطى الجنرال الدابي في بعثة أنان»، وتحدثت عن عدة أمور أولها وأهمها انه لا يمكن نجاح أي مهمة مراقبة دون قرار فعلي وفوري يقضي بتوقيف نهائي وشامل لإطلاق النار، بالرغم من أنه لي تحفّظ على هذه التسمية في سورية لأنه لا يوجد طرفان أو عدة أطراف تتقاتل بالمستوى المتقارب على الأقل من الناحية العسكرية، بل يوجد جيش نظامي مدجج بكل الأسلحة، التي لا تزال تتسرب له بالأطنان من إيرانوروسيا والعراق ولبنان، يمارس حرب إبادة شاملة على شعب أعزل اضطرته الظروف المزرية أن يحمل ما تمكن منه من سلاح فردي خفيف للدفاع عن نفسه وعرض أهله، لذلك كان الأجدر هو تسمية الأمور بمسمياتها طبقا للقوانين والمواثيق الدولية، ولهذا ما يجري الآن هي حرب إبادة ضد الشعب السوري يمارسها النظام ودول لديها أجندتها في الخريطة العربية والإقليمية. ونرى القصف متواصلا ولم يلتزم النظام السوري بقرار وقف اطلاق النار الذي من المفروض أن يكون ساري المفعول منذ صباح يوم الخميس 12 أبريل/نيسان الجاري، وقد تجاوز عدد الضحايا الشهداء أكثر من 200 منذ ذلك التاريخ. وهذا يعود إلى أن القرار 2042 لم يأت في إطار الفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة الذي سيلزم الحكومة به وفي حال الخرق يحق لمجلس الأمن إتخاذ قرار فرضه بالقوة العسكرية مادام يهدد السلم الدولي. ومن هذا المنطلق نؤكّد أن عدم وقف إطلاق النار سيعجل بفشل مهمة المراقبين الدوليين، ولا أعتقد أن النظام السوري سيلتزم أمام مظاهرات عارمة ستثور تطالب باسقاطه وتنحيته ومحاسبة أركانه لدى القضاء، ويكفي أنه لحدّ هذا الحوار لا يزال القصف والعمليات العسكرية متواصلة بعنف في مناطق كثيرة من البلاد. عقبات تواجه المراقبين بحكم تجربتك كمراقب عربي سابق ما الجوانب الملموسة التي تراها تهدد مستقبل بعثة المراقبين الدوليين؟ - يمكن اختزالها في عدة نقاط دوّنتها في مقالي المذكور وأرى من الضروري الحديث عنها، وهي تؤكد أن مهمة المراقبة هذه مجرّد عبث إن لم تتم مراعاة ما وقعت فيه بعثة المراقبين العرب من قبل، وهي على سبيل الاختصار: 1- حماية البعثة: تكفّل النظام السوري بأمن المراقبين العرب، ولما نزلوا للميدان فوجئوا بمناطق تخرج عن نطاق سيطرة الحكومة، كما لا يمكن عدم زيارتها. من المستحيل مراقبة بند وقف العنف ضد المتظاهرين مثلا من دون الوقوف على التظاهرات وبينها ما تقام بأحياء محمية من قبل عناصر الجيش الحرّ. ولهذا فتحرك البعثة من دون حماية كان خروجا عن نص البروتوكول ولو حدث أي مكروه ما لزم الحكومة فيه شيء. من هذا المنطلق نؤكّد أن جعل حماية بعثة المراقبين الدوليين من مهام الحكومة هو خطأ جسيم سيحدّ من مهام البعثة أو يجعلها بعثة مغامرة مثل التي سبقتها، فضلا عن الاختراق الذي تخشاه المعارضة. وهنا أرى أنه لا يمكن انجاح المهمة إلا بحماية تكون من البعثة نفسها ومن دون ذلك فهو عبث حقيقي. 2- الأزمة الإنسانية: مما لا شكّ فيه أن الوضع الإنساني كارثي بسوريا، ومن دون فتح ممرات للإغاثة سيجد المراقبون الدوليون أنفسهم في مواجهة واقع لا يمكن تجاوزه، من المستحيل مطالبة الثوار بضبط النفس والهدوء وهم لا يجدون دواء لجرحاهم ولا حليبا لأطفالهم ولا غذاء لأهاليهم ولا ماء ولا كهرباء ولا غازا. وما يتوفرون عليه يأتي عن طريق التهريب المحفوف بالمخاطر، فقد تم قنص واعتقال الكثيرين أثناء ذلك. لقد واجه المراقبون العرب هذا الوضع بمبادرات شخصية وافق عليها النظام بشروط تخدمه، فالبيوت مهدمة على رؤوس أصحابها وجثث لا يقدرون على دفنها وجرحى بالمئات في المشافي الميدانية بلا علاج، بالتأكيد ان الوضع الآن ازداد سوءا آلاف المرات على ما كان عليه أثناء البعثة العربية، جراء العمليات العسكرية العنيفة التي قام بها الجيش النظامي عقب سحب المراقبين. أيضا هناك أزمة اللاجئين والمهجرين والمعتقلين والمختطفين والمفقودين، وكل ذلك يطالب به الأهالي قبل طرح أي مبادرة لحل الأزمة في إطار سياسي. 3- بين التحقيق والتحقّق: أعقد ما واجه البعثة العربية هو قضية التحقّق من الخروقات التي تحدث سواء كانت قتلا أو قنصا أو عنفا أو اعتقالا أو قصفا، فقد كانت المهمة هي التحقق من التزام الحكومة بالخطة العربية، التي تتمثل في وقف كافة أعمال العنف، والإفراج عن المعتقلين بسبب الأحداث الراهنة، واخلاء المدن والأحياء السكنية من جميع المظاهر العسكرية، والسماح لوسائل الإعلام بالتنقل بحرية في جميع أنحاء البلاد. ومراقبة هذه الأمور ميدانيا معقّدة إن لم تكن مستحيلة، فقد تواصل العنف في أوقات يكون فيها المراقبون بالفنادق، وبعدها يتم الإنكار من قبل الحكومة وتتهم أطرافا أخرى بافتعال ذلك. أيضا يتم اخفاء الدبابات والمظاهر المسلحة عن الأعين ويتمّ إطلاق النار من جهات أخرى تحول دون وصول المراقبين إليها. بالنسبة للمعتقلين، جرى تحويل المتضررين من التعذيب إلى مراكز سرية، وآخرون بالثكنات والمصانع ليس من صلاحيات البعثة دخولها لأنها تدخل في دائرة السيادة وهي خطّ أحمر للنظام وروسيا والصين. كما أنه يتم اطلاق مساجين عشوائيا لا تتوافر البعثة على معلومات عنهم كما لا يمكنها التأكد من ذلك في ظل اتهامات بأنهم مساجين مزورون، وظلّت المعارضة تطالب بإطلاق معتقليها عبر قوائم تقدمها، تتجاهلها أو تنكرها الحكومة في غالب الأحيان. أيضا يجري قتل المواطنين من طرف قناصة، ممن لا يمكن معرفة هويتهم. كل ذلك يفرض على أن تكون بعثة المراقبة لديها صلاحيات التحقيق لمعرفة الأمور، وليس مجرد التحقّق بتدوين ملاحظات عابرة لا تزيد الوضع إلا تعقيدا. 4- الامكانيات: كانت بعثة المراقبين العرب تعاني من أزمة في الامكانيات من وسائل النقل والسائقين والخرائط وأجهزة الاتصال والمكاتب ووسائل التوثيق، ما أوقعهم ضحايا الاختراق من المخابرات السورية، ومما لا شكّ فيه أن الأمر مع مجلس الأمن سيختلف مع الجامعة العربية، فترى هل سيتوفرون على من يعرف خبايا الوضع وجغرافية القرى والمدن أم أنهم سيعتمدون على جهات سورية قد أعدت مسبقا وتتكون من ضباط مخابرات ومقاتلين على أساس أنهم من السائقين والمعاونين والخدم في حين هم عسكريون؟ وكيف يمكن أيضا توفير الإقامة الآمنة من دون كاميرات سرية في الغرف بالفنادق؟ 5- مواقع آمنة للناشطين والجيش الحرّ: لقد تعرّض الناشطون الذين تواصلوا مع بعثة المراقبين العرب إلى الانتقام، ودمّرت بيوت في أول العمليات الأخيرة كانت مركزا للالتقاء بعناصر الجيش الحرّ أو عقدت فيها اللجنة اجتماعات مع المعارضين بسبب اختراق المخابرات السورية للمراقبين سواء بالتجنيد أو الاستغلال. ولهذا لا بدّ من ضمانات دولية لحماية الناشطين والجيش الحرّ الذين سيلتزمون بالخطة في حال التزام النظام، وطبعا لا يتحقق ذلك أبدا إلا بتوفير مناطق آمنة محمية من الأممالمتحدة، ودون ذلك سيجد الجيش النظامي فرصته لتحقيق ضربات عسكرية وبحضور المراقبين الدوليين أنفسهم. 6- ضحايا الأزمة: في كل مكان تصله بعثة المراقبين العرب وحتى الدوليين الآن ستجد آلاف المواطنين الذين فقدوا ذويهم وممتلكاتهم ولا يقبلون بغير القصاص ومحاكمة الجناة، وأعتقد أن استجابة هؤلاء لأي حلّ سياسي خارج معاقبة النظام بعد تنحيته من سابع المستحيلات. بل إن الحوار السياسي هو أطروحة مرفوضة، خاصة أن القانون الدولي في صف هؤلاء بعد جرائم الحرب التي وقعت. فماذا أعدت بعثة أنان من بدائل لهؤلاء؟ 7- حيادية المراقبين: لقد كانت البعثة العربية خليطا من عدة أطروحات تتباين فيها مواقف الأنظمة، فكل فريق يتبع مباشرة لحكومته ويدافع عن خياراتها في الأزمة السورية، وتجلّى كثيرا في تقارير البعثة العربية لاحقا. وأعتقد أنه من الصعب تحقيق بعثة مستقلة والنظام السوري يتحفّظ على جنسيات معينة ومحددة، والحيادية ضرورية ودونها سيكون الفشل الذريع خاصة أن الشعب اكتوى من مغامرات سابقة جاءت على حساب الحق والحقيقة. رئيس البعثة الدولية الجنرال مود عاد إلى جنيف مباشرة بمجرد وصوله لدمشق كيف يمكن تفسير هذا الامر؟ - في الحقيقة لا نملك معلومات كافية عن مغادرة الجنرال روبرت مود، فقد تناقلت وسائل الإعلام معلومات مختلفة، ولحدّ اللحظة لم نسمع من الجنرال أسباب رحيله المفاجئ، غير أن ذلك بلا شكّ يلقي بظلاله على طبيعة المهمة التي كان مقبلا عليها، خاصة أن الرجل بحكم تجربته الكبيرة ليس من أولئك الذين سيرهنون مشوارهم تحت أقدام الآخرين. ننتظر ما ستفرزه الأيام القادمة من حقائق عن هذا الانسحاب الذي ربما يكون استقالة نهائية لعدم وجود بوادر مشجعة يمكنه أن ينجح في مهمته، وربما يكون انسحابا مؤقتا لأسباب تقنية أو تنظيمية، أو أن الرجل اشترط بعض الأمور بعد محادثاته في دمشق ولم يجد استجابة بل رأى الإصرار على جعل المهمة عبارة عن سحابة أخرى تلحق بركب المراقبين العرب. اوضح أمير قطر في تصريح له ان المجتمع الدولي ومجلس الامن يتحمل مسؤولية اخلاقية تجاه الوضع المأساوي في سوريا؟ - أؤيد هذا المنحى تأييدا مطلقا فالمجتمع الدولي لهذه اللحظة لم يقدم ما ينقذ الشعب السوري من الإبادة، فالدول العربية بينها من تحارب في العلن النظام السوري عبر الشعارات البراقة وفي الخفاء تقدم له كل الدعم. وبينها من تدافع عنه بعرقلة الكثير من الخيارات في الجامعة العربية وحتى تحت بيت أصدقاء سورية. وبينها من تدعم بشار الأسد بصفة صريحة لأسباب طائفية مطلقة. وبينها دول تحمي النظام السوري بخيارات فاشلة مثل الحوار السياسي والمطالبة بتنحي بشار الأسد ورفض تسليح الجيش الحر. ولم تبق إلا بعض الدول القليلة التي لديها مواقف صريحة وواقعية كالمطالبة بتسليح الجيش الحر ودعم المعارضة ونذكر على سبيل المثال المملكة العربية السعودية ودولة قطر، لكنها لا تلق الإجماع داخل المنظومة الدولية لحسابات معروفة ليس المجال لبسطها. وسيبقى عارا في جبين المجتمع الدولي ما يقترفه نظام بشار الأسد في حق شعبه، وهناك أزمة أخلاقية تتجذر في العالم فضحتها الثورة السورية وكشفت دماء السوريين زيف الشعارات الطنّانة التي تتغنى بها المنظومة العالمية من حقوق الإنسان إلى الكرامة ومعاقبة مجرمي الحروب وكثير من هذه الأمور التي صارت لا تساوي الحبر الذي كتبت به في المواثيق والمعاهدات والقوانين الدولية. حاولت المخابرات السورية اختراقك بعدة اساليب وطرق كان اخرها اختراق موقعك الالكتروني ووضع رسالة اعتذار منك للرئيس السوري بشار الاسد جراء كشفك للجرائم والمجازر التي ارتكبها النظام ضد شعبه كيف تعلق على هذا الامر؟ - منذ أن استقلت من البعثة في 6 يناير/كانون الثاني بحمص وبعدها مغادرتي سورية في 10 من الشهر نفسه، وأنا أتعرض لحملة قذرة ولتشويه ممنهج، فقد قيل عنّي بالإعلام السوري الرسمي ما يندى له الجبين، بل وأنا في حمص تناقلت مواقع إخبارية موالية لبشار الأسد أنني إرهابي وقاتل للأطفال في الجزائر وكثير من هذه التهم السخيفة. بعدما تناقلت كل وسائل الإعلام العالمية شهادتي تعرضت إلى تهديدات بالقتل والذبح، ثم حاولوا إبتزازي بصور أخذت لي عبر كاميرات سرية مدسوسة وأنا أستحمّ في غرفتي بفندق السفير بحمص. تجاهلت ذلك بل تحديتهم أن ينشروا لي ما يريدون لأنني على يقين أن الله تعالى أكرمني بهذا الدور التاريخي وعندما يريد ستري فلا يستطيع العالم أن يفعل شيئا يسيء لي. يوم 8 أبريل/نيسان الجاري تفاجأت برسالة مزورة منشورة على موقعي الشخصي «صوت المنفى» على شبكة الانترنيت، حيث تمّ قرصنة الموقع من قبل جهات مجهولة. هذه الرسالة فيها كلام خطير حيث راح المحررون يعتذرون لبشار الأسد ويوجهون إتهامات سخيفة لقطر والجزيرة وحتى الدكتور فيصل القاسم، والملاحظ بعد التعبير الذي لا يليق بكاتب محترم، هو إجترار التهم الجوفاء التي تناقلتها وسائل الإعلام الموالية للنظام السوري، بل لاكتها أبواق مختلفة من صحف ومواقع وقنوات تحلب في إناء بشار الأسد. وأغتنم الفرصة عبركم، لأؤكد للجميع أن انسحابي من البعثة أملاه عليّ ضميري وفرضته أخلاقي لأنني ارفض أن أكون بوقا أو ألطخ نفسي بالمشاركة في المهازل التي تكون على حساب الحقيقة والحق. والأيام التي تلت استقالتي أنصفتني فقد صارت حتى الجامعة العربية تعترف من حين لآخر بما قلته أنا عشية انسحابي من مثل ما قاله الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي حول الامكانيات والصعوبات وغير ذلك. أيضا حذّرت من مرحلة دموية وأن آصف شوكت يحضّر إلى عمليات إبادة لحي بابا عمرو وأحياء أخرى وهو الذي حدث بالفعل. الحمد لله ضميري مرتاح جدا وسعيد بما لقيته من حب الناس والشعوب الحرة، وأعتز بالمكانة المرموقة التي نلتها لدى أحرار سورية، وكل ذلك يحفزني على المضي قدما في الدفاع عن الثورة السورية وسأنال الشرف العظيم لو أنضم لقافلة الشهداء الذين يسقون بدمهم أرض الشام الغالية.