في واشنطن أو في نيويورك، لن تستطيع الوقوف عند حدود السؤال الواحد المتفق عليه من أفراد الهيئات الدبلوماسية أو زوار الفعاليات المصاحبة لزيارة ولي العهد لأمريكا، فعلى كل طاولة في محافل الزيارة وفي كل مناسبة وفعالية يأتي السؤال الواحد: ماذا يحدث لديكم؟. ذلك لأن العالم لم يتعود منا كل هذه الحركة والوثبة تلو الأخرى في النواحي التنموية والتغيير الدائم لنهوض مجتمع جديد، قوي اقتصاديا، وبإدارة شاب يتطلع إلى المستقبل الكبير والشراكة مع العالم. وفي كل محطات ولي العهد، سواء في العاصمة الأمريكية أو في نيويورك ومن ثم الساحل الغربي، كان الرهان السعودي على استثمار زخم الزيارة بكل تفصيلاتها المتشعبة، ليكون تعزيزاً شاملاً لكل محاور العلاقات القوية والندية بين الرياضوواشنطن، عبر اتفاقات كثيرة تشمل الجوانب الاقتصادية والأمنية بين البلدين، بمثل الرهان الأمريكي والثقة في شخصية قيادية شابة وطموحة مثل ولي العهد، تقود المملكة إلى آفاق أوسع وأرحب من التنمية والنماء غير المسبوق. ولهذا أيضاً، يمكن اعتبار كل جولات الأمير محمد بن سلمان والفعاليات التي قادها على محاور عدة داخل الولاياتالمتحدة، وكأنها إعادة لرسم خارطة طريق سعودية أمريكية تركز على الاقتصاد كشريان حقيقي للشراكة والحياة، من خلال مشاريع عديدة لها حساباتها وأهدافها، متمثلة في تأسيس صندوق استثماري في التقنية بهدف تنويع الاستثمارات في قطاعات جديدة ذات عوائد مرتفعة، إضافة لبناء شراكات استراتيجية أخرى مع شركات ذات مجالات واعدة، كان واضحاً فيها الحرص الأمريكي على تعزيز رؤية 2030 الاستراتيجية التنموية سعودياً، ومن خلال تأكيد الشراكة والتحالف الاقتصادي، الذي اتضح في التوقيع على 46 مذكرة تفاهم، شملت 10 قطاعات رئيسية للاستثمارات حددتها الحكومة السعودية في إطار أهداف ومرامي الرؤية. وفي كل توقيع على مذكرة تفاهم دوما ما يكون الهدف نحو الاستثمار الداخلي، وفي رقم صعب نحو توظيف السعوديين والسعوديات، فهو الاستثمار وهو المستقبل الطموح نحو بناء وطن جديد لم تغب عنه رؤية الأمير محمد بن سلمان التي يقف خلفها قائد المسيرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. ومن تابع حوار سمو ولي العهد يوم أمس لمجلة «ذا أتلانتيك» يجد سياسة المملكة الداخلية والخارجية واضحة وساطعة، فهي عزم الأمير محمد بن سلمان على مواصلة محاربة الإرهاب، حيث أشار ولي العهد إلى محاربة الإرهاب ومكافحته وأن المملكة معتدلة وحاضنة لكافة المدارس الفقهية ويعيش تحت سمائها المواطن السني- الشيعي ومتفاهمة مع المدارس الفكرية. وأن إيران لم تحقق في مجال تنميتها شيئا ولم تتقدم بعد الاتفاق النووي، والأموال التي منحت إليها ذهبت إلى دعم الإرهاب والتطرف وتمويل الحروب مستخدمة أتباعها في المنطقة. كما أن المملكة ليس لديها مشكلة أيديولوجية مع الطائفة الشيعية كما يروج لها بل المشكلة الرئيسية مع النظام الإيراني الذي ينتهج أيديولوجية شر ستلحق الضرر بالعالم كله. وفي الشأن المحلي فإن الإسلام لا يفرق بين المرأة والرجل وكل منهما له حقوق وعليه واجبات، ومن أشكال المساواة في الحكومة عدم التفريق بين رواتب المرأة والرجل وأن السعوديين لا يريدون أن يفقدوا هويتهم بقدر ما يريدون أن يكونوا جزءا من الثقافة العالمية. وغيرها من خريطة طريق واضحة رسمها سموه في حديثه للمجلة الأمريكية وفي نصوص الحوار الذي تنشره «اليوم» في هذا العدد.. إنه السباق والرهان نحو مملكة جديدة في تطلعاتها.