شهدت الشهور الأخيرة من 2011 تباطؤا مفاجئا في الانتعاش الاقتصادي وسط حالة من عدم اليقين سيطرت على الاسواق وأصيب الانتعاش الاقتصادي الذي بدأ به العام الماضي بعوامل سلبية متتالية بدايتها كان تسونامي اليابان، ثم الربيع العربي، والخلافات حول توجهات السياسة المالية في الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا في الوقت الذي اشتدت فيه حدة مشاكل الديون السيادية في أوروبا. ومع توقعات بأن يشهد العام الحالي 2012 مزيدا من التباطؤ، أجرى البنك الأهلى بالتعاون مع ودان آند براد ستريت لجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط المحدودة مسح مؤشر التفاؤل بالأعمال للربع الأول من عام 2012 في شهر ديسمبر من العام الماضي. وقال مانجيت شابرا، المدير العام لدان برادستريت لجنوب شرق آسيا والشرق الأوسط المحدودة : «ظلّت الشركات السعودية متفائلة جداً حول آفاق وتوقعات الأعمال لبداية عام 2012؛ إلا أنه لوحظ هبوط في مستويات التفاؤل مقارنة بربع العام السابق. وتراجع مؤشر التفاؤل بالأعمال لقطاع النفط والغاز من 63 إلى 40 نقطة، مما يشير إلى توقعات نشطة وإن كانت أقل تفاؤلاً من ربع العام السابق؛ ويعود ذلك إلى أن المشاركين في المسح يتوقعون أن تبقى أوضاع الأعمال دون تغيير. فقد بدأت المملكة في خفض إنتاجها النفطي الذي سبق أن رفعته من قبل لتعويض النقص الناتح في الإنتاج الليبي. وفي القطاعات بخلاف قطاع النفط والغاز انخفض مؤشر التفاؤل قليلاً بمعدل 6 نقاط هامشية، وأبدى قطاع الصناعة مستويات تفاؤل أقوى عنه في ربع العام السابق. ورغم الاعتدال في مستويات المؤشر المركب، غير أن آفاق وتوقعات كل القطاعات الأخرى تبقى قويه لعام 2012.» النفط والغاز أوضح مسح مؤشر التفاؤل بالأعمال أن قطاع النفط والغاز السعودي شهد اعتدالاً للربع الأول لعام 2012. وبلغت القراءة للمؤشر المركب للقطاع 40 نقطة، منخفضاً بمقدار 23 نقطة عن قراءة الربع الرابع لعام 2011، مسجلا المستوى الأدنى على مدى السبعة أرباع الماضية، نتيجة لتدني قراءات مؤشر التفاؤل لكل من المكونات الثلاثة. و توقع 45 بالمائة من المشاركين أن تشهد الأسعار المزيد من الارتفاع، في حين توقّع 50 بالمائة من المشاركين أن تبقى الأسعار دون تغيير خلال الربع الأول من 2012، وتوقع 5 بالمائة فقط من المشاركين أن تهبط الأسعار ،ما يعكس احتمال المخاطر المرتبطة بالتوترات الجيوسياسية على أسعار النفط الخام. وعلى كلٍ، توقع أغلبية المشاركين أن تبقى الأسعار في نطاق محدد طالما ظلت المخاوف إزاء الطلب قائمة. وبلغ مؤشر تفاؤل الأعمال لأسعار البيع مستوى 40 نقطة للربع الأول ، مقارنة بمستوى 60 نقطة في نفس الفترة من العام الماضي. و أبدت توقعات صافي الأرباح لرواد الصناعة بدورها اعتدالاً عنها في ربع العام السابق، وهبط مؤشر تفاؤل الأعمال لهذا المكون إلى 33 نقطة من مستوى 58 نقطة في ربع العام السابق. أما مؤشر تفاؤل الأعمال لعدد المستخدمين، فقد انخفض إلى 45 نقطة للربع الأول من عام 2012 من مستوى 75 نقطة في الربع الرابع من عام 2011، الأمر الذي يعكس أيضاً التراجع العام في التوقعات. القطاعات غير النفطية أظهر المسح انخفاضاً طفيفاً في المؤشر المركب لهذه القطاعات، وهذا أمر متوقع في سياق السيناريو الراهن، حيث تشير معظم التنبؤات إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي. ويرجع هذا إلى هبوط في قيم مؤشر التفاؤل بالأعمال لخمسة من المكونات، وكان الاستثناء الوحيد مكون الطلبات الجديدة. حيث سجّل مؤشر حجم المبيعات 66 نقطة، مقارنة مع 70 نقطة في الربع الرابع من 2011، و ارتفع مؤشر التفاؤل للطلبات الجديدة بواقع 6 نقاط ليبلغ 67 نقطة. وسجل مؤشر تفاؤل الأعمال لمستوى أسعار البيع 27 نقطة في الربع الأول من 2012، منخفضاً من 52 نقطة في ربع العام السابق. وبلغ المعدل السنوي للتضخم بالمملكة 5 بالمائة في الربع الثالث من 2011 مقارنة مع ربع العام المناظر من العام السابق. بيد أن التنبؤات للتضخم في العام الجاري قد خُفِّضت نتيجة لهبوط أسعار الغذاء الرئيسة على صعيد العالم. وأدّى اعتدال التوقعات للطلب والأسعار إلى التأثير سلباً على توقعات ارتفاع الأرباح و إنخفاض مستويات المخزون. وسجل مؤشر التفاؤل لصافي الأرباح 59 نقطة في الربع الأول الحالي ، منخفضاً من 67 نقطة في الربع الرابع من 2011. وأبدى المشاركون في المسح قدراً أدنى من التفاؤل فيما يخص مستويات المخزون مقارنة بالربع الرابع من العام الماضي، حيث بلغ مؤشر تفاؤل الأعمال لمستويات المخزون 39 نقطة في الربع الأول ، منخفضاً من 43 نقطة في ربع العام السابق. أما مؤشر التفاؤل لعدد المستخدمين، فقد بقيي مستقراً نسبياً، متراجعاً قليلاً بمقدار نقطة واحدة من 51 نقطة في الربع الأخير من عام 2011. العوامل المؤثرة على الأعمال قال التقرير: إن الآفاق الخاصة بالعوامل التي يمكن أن تؤثر سلباً على الأعمال في الربع الأول من العام الحالي تشير إلى أن أوضاع الأعمال ستبقى مؤاتية. وأبدى 31 بالمائة من المشاركين في المسح أنهم لا يتوقعون ظهور أي عوامل سالبة خلال تلك الفترة ، و تراجعت هذه النسبة من مستوى 46 بالمائة في ربع العام السابق. ولا يزال توفر العمالة الماهرة يشكّل أهم مصدر قلق ل 30 بالمائة من منشآت الأعمال في الربع الأول ، في حين توقع 16 على كلٍ، توقع أغلبية المشاركين أن تبقى الأسعار في نطاق محدد طالما ظلت المخاوف إزاء الطلب قائمة. وبلغ مؤشر تفاؤل الأعمال لأسعار البيع مستوى 40 نقطة للربع الأول ، مقارنة بمستوى 60 نقطة في نفس الفترة من العام الماضي. بالمائة من المشاركين أن الحصول على التمويل قد يؤثر على أداء الأعمال في الربع الأول من العام الحالي. وتخوف 8 بالمائة من منشآت الأعمال من العوامل التضخمية في المدى القصير. وأبدى 60 بالمائة من الشركات عزمهم على الاستثمار في توسيع أعمالهم في الربع الأول من 2012، مقارنة مع 51 بالمائة في الربع السابق. وقال د. سعيد الشيخ، نائب أول الرئيس، وكبير الاقتصاديين بالبنك الأهلي التجاري: إن نتائج المسح «تأثرت بشكل كبير بزيادة حالة عدم التيقن العالمية، بعد المخاوف من تبعات أزمة الديون السيادية للدول الأوروبية على آفاق النمو الاقتصادي العالمي، وجاءت ثقة الاعمال السعودي متجهة إلى الضعف في الربع الأول من عام 2012 مقارنة مع الربع الرابع للعام 2011. ونتيجة لذلك، فإن 31 بالمائة من عينة المسح في القطاع غير النفطي أشاروا إلى أنهم لايتوقعون عوامل سلبية تؤثر على أعمالهم في الربع الأول من العام الجاري مقارنة بنسبة أعلى عند 46 بالمائة في الربع الرابع من 2011. وعلى الرغم من تدني ثقة الاعمال للربع الأول من 2012 مقارنة مع الربع السابق، فقد تحسّن مؤشر التوسع في الاعمال للربع الأول من هذا العام مقارنة بالربع الرابع من عام 2011. وفي الحقيقة فإن نسبة 60 بالمائة من الشركات العاملة في القطاع غير النفطي أبدوا استعدادهم للإستثمار في توسعة أعمالهم لهذا الربع ليرتفع من نسبة 51 بالمائة للربع الرابع من العام الماضي. ممّا يشير إلى أن نشاطات الأعمال في السعودية تفترض بأن الإعتدال في مؤشر التفاؤل لهذا الربع أمرٌ قصير الأجل، وإن زيادة عدد الشركات التي تتجه إلى التوسع في الاستثمار يؤكد على قناعة قطاع الأعمال بأن آفاق النمو تبقى قوية في المدى المتوسط. «