كشفت مصادر في المعارضة الإيرانية، أمس الجمعة، أن عدد قتلى الانتفاضة التي دخلت أسبوعها الثاني في إيران وتشهدها 70 مدينة في البلاد، ارتفع إلى 50 شخصا، وأوضحت أن عدد المعتقلين بلغ 3 آلاف معتقل في سجون النظام، منذ انطلاق الاحتجاجات المتواصلة. وسعى النظام إلى تنظيم تظاهرات مؤيدة له في العاصمة طهران، إلا أن الانتفاضة لم تعبأ بذلك حيث ما زالت جذوتها متقدة وتواصلت رغم القمع. وانطلقت لليوم التاسع على التوالي الاحتجاجات أمس وسط دعوات لاستمرارها، حيث انتشرت ملصقات تحت عنوان «جمعة الغضب لدماء الشهداء» تندد بالقتلى الذين سقطوا برصاص الأمن. ودعا ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي لاستمرار المسيرات عقب ساعات من صلاة الجمعة، لمنع حصول التداخل مع المسيرات المؤيدة للنظام التي خرج بها طلبة الحوزات الدينية ومنتسبو ميليشيا الباسيج والحرس الثوري. وتشير الأنباء الواردة من تبريز إلى أن الطرق المؤدية إلى تبريز من أردبيل وأرومية وخوي تم إغلاقها بنشر حواجز نقاط التفتيش. إزالة الشعارات# ووسط تنامي الانتفاضة، حث رجل الدين المتشدد أحمد خاتمي في صلاة الجمعة في مسجد الخميني في طهران على عدم إبداء أي رحمة مع المحتجين وقال: «لا يتعين إبداء أي رحمة معهم». وتقوم العناصر الأمنية الإيرانية بتفتيش الحافلات، وتطلب من الشباب الذين يريدون حضور مباراة فريقي «تراكتور سازي» تبريز و«استقلال» طهران الالتزام. وكانت دعوات قد أطلقت عبر مواقع التواصل لإقامة مسيرات احتجاجات في تبريز عقب المباراة وإطلاق شعارات مناهضة للنظام وتضامناً مع الانتفاضة الشعبية المستمرة في إيران. وتفيد الأنباء بأنه منذ الليلة قبل الماضية تحولت مناطق عدة في مدينة تبريز إلى ثكنة عسكرية تقريباً. وذكر شهود عيان أن وحدات خاصة من الأمن الداخلي الإيراني منتشرة على طول الطرق المؤدية من أردبيل إلى تبريز توقف المشجعين من الوصول إلى الملعب. وتداول ناشطون صوراً تظهر ممانعة الشرطة وإيقافها للحافلات متجهة من أردبيل إلى تبريز لحضور مباراة، حيث قامت بإنزال الشبان من الحافلات، وقامت بتصوير المشجعين وطلبت منهم العودة إلى منازلهم، بينما تستمر الاعتقالات في صفوف الناشطين بمختلف المحافظات، حيث تتحدث أرقام المعارضة عن اعتقال أكثر من 3000 شخص، بينما اعترف النظام بنصف هذا العدد، كما اعتقلت وزارة الاستخبارات ما لا يقل عن 43 طالباً في أقل من أسبوع بتهمة المشاركة في تنظيم المظاهرات. خوف النظام وعززت قوات الأمن الإيرانية من تواجدها في عدد من المناطق التي تشهد الاحتجاجات. وأظهر فيديو نشره ناشطون في مدينة شهر ابريشم إقدام السلطات على إرسال تعزيزات أمنية، ومركبات مصفحة إلى عدد من مناطق الانتفاضة، وذلك وسط خوف النظام من اندلاع تظاهرات حاشدة بعد صلاة الجمعة. وذكرت تقارير على وسائل التواصل الاجتماعي أن المعارضين للتسلسل الهرمي الديني يعتزمون عرقلة صلاة الجمعة بهتافات مناهضة للنظام، وربما تقع اشتباكات بين مؤيدي ومعارضي النظام. وألقت السلطات الإيرانية القبض على مئات المواطنين خلال تظاهرات جابت شوارع العاصمة ومدنا أخرى، ندد خلالها المحتجون بفساد النظام الإيراني وأحرقوا صور المرشد الأعلى علي خامنئي. وفي وقت سابق، نشر الحرس الثوري في إيران قوات في عدد من الأقاليم لإخماد الاحتجاجات التي أقلقت القيادة الدينية للبلاد. وقال قائد الحرس الثوري، الميجور جنرال محمد علي جعفري: إنه أرسل قوات إلى أقاليم أصفهان ولورستان وهمدان. وتحولت الاحتجاجات، التي بدأت الأسبوع الماضي، إلى انتفاضة عارمة بسبب صرف مقدرات البلاد الاقتصادية على الميليشيا الإرهابية خارج البلاد، وإهدار الموارد المالية على نظم خارجية تقاتل شعبها مثل النظام السوري وغيره، وكذلك الإحباط من الأزمات الاقتصادية، التي يعاني منها الشباب والطبقة العاملة، ورفعت الانتفاضة الصوت عاليا عبر سلاح المواجهة المباشرة في شوارع وميادين المدن الإيرانية ضد السلطات والمزايا التي تتمتع بها الطبقة الحاكمة خاصة المرشد علي خامنئي. مجلس الأمن ويعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا حول المظاهرات، بناء على طلب من الولاياتالمتحدة. على صعيد آخر، فرضت الولاياتالمتحدة أمس الأول عقوبات على خمسة كيانات مقرها في إيران، قالت: إنها على صلة ببرنامج طهران للأسلحة. وقالت وزارة الخزانة الأمريكية في بيان على موقعها الإلكتروني: إنها فرضت عقوبات على مركز أبحاث وأربع شركات في مجال التصنيع. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد وعد، الأربعاء، الشعب الإيراني بتوفير الدعم له «عندما يحين الوقت» من دون توضيح ما يعنيه بذلك. وكتب ترامب في تغريدة صباحية: «كل الاحترام للإيرانيين في الوقت الذي يحاولون فيه استعادة زمام الحكم الفاسد. ستحصلون على دعم كبير من الولاياتالمتحدة عندما يحين الوقت». ومنذ بداية الأحداث كثف ترامب هجماته على النظام الايراني، الذي وصفه بأنه «وحشي وفاسد». حتى إنه قال الاثنين: إن «وقت التغيير» قد حان، ووصف شعب إيران بأنه «متعطش للحرية». من جانبها، قالت منظمة العفو الدولية، الخميس: إن المئات اعتقلوا وزُج بهم في سجون «اشتهرت بالتعذيب وسوء المعاملة خلال السنوات السبع الأخيرة»، مع حرمان كثيرين من الاتصال بأسرهم ومحاميهم. فشل النظام وعلى صعيد متصل، اعتبر وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس أن نظام طهران فشل في إزالة غضب الشعب الإيراني، لافتاً في الوقت ذاته إلى أن الولاياتالمتحدة ليس لديها مشكلة مع الشعب الإيراني. وقال ماتيس في تصريحات: إن مشكلة بلاده هي مع النظام الإيراني الديكتاتوري، معتبراً أن قسماً كبيراً من الشعب الإيراني لديه مشكلة مع هذا النظام أيضاً. وأضاف: إن النظام الإيراني نجح في قمع الثورة الخضراء قبل أعوام، لكنه فشل في إزالة عدم الرضا والغضب من نفوس شعبه. وكانت الخارجية الأمريكية قد أكدت في وقت سابق عزمها محاسبة المسؤولين الإيرانيين عن اعتقال أو مقتل متظاهرين خلال قمع الاحتجاجات الحالية ضد النظام، مؤكدة أن هؤلاء «لن يتم نسيانهم». إيرانيون خلال مظاهرة خارج مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل داعمة لانتفاضة الشعب (رويترز)