يرتبط تاريخ الأوطان بتراثها ارتباطا وثيقا، فبدون التراث يتوارى التاريخ وتُفتقد المعالم الوطنية الأصيلة، ولقد تميزت المملكة العربية السعودية بتراثها الأصيل وخاصة محافظة (الأحساء) مما جعل أصحاب هذا التراث يكافحون للحفاظ عليه؛ فهم يحاولون ويسعون بكل ما يمتلكون من خبرات إلى تطويره وإظهاره لكل جيل حتى لا يُدفن مع الزمن. ومن هذا المنطلق ساعد (مركز الإبداع الحرفي بالأحساء) في توفير أماكن مخصصة مجانا للحرفيين المبدعين من أبناء الأحساء من مختلف الأعمار لمدة سنة. فأقبل أصحاب الحرف التي بلغ عددها 24 حرفة تراثية على الفكرة وتفاعلوا معها. الكورشيه والملاييف وكانت منهم آمنة الغافلي التي تجيد حرفة الكروشيه ومن أدواتها الصنارة والخيوط التي تنتج عنها أساور وشنطا بكل أحجامها وأشكالها وملابس وميداليات، وغالبا ما تكون أفكار هذه الحرفة مبتكرة وجديدة باستخدام الصنارة وبعض من الخيوط وهي الموهبة التي تمتلكها آمنة وتسعى لتقويتها؛ حيث قالت: إن مركز الإبداع الحرفي قد منحها الفرصة للعمل وعرض منتجاتها بأريحية. أما حبيب الفرحان فقد احترف صناعة الملاييف التي تتكون من ليف النخل والخوص وقد تعلم الصنعة وورثها من عمه وشارك في عدة مهرجانات منها مهرجان الطائف ومهرجان القصيم وسوق عكاظ والجنادرية وهيئة السياحة في الإمارات وموسكو والبحرين وعمان وفي أنحاء مختلفة من المملكة. الخزف والنحت على الزجاج ويوضح محمد المؤمن، وهو من أصحاب حرفة الخزف، أن المركز قد فتح له بابا واسعا لعرض منتجاته؛ حيث يقوم بصناعة بعض الأواني بشكل حديث من عجينة الفخار استحداثا للتراث القديم لأنه مجال واسع وقد بدأ مشواره منذ 8 سنوات، وساعدته المهرجانات على تطوير حرفته حتى أصبحت مصدر رزقه. ومن أصحاب الحرف بالمركز أيضا رقية الصالح التي تجيد حرفة النحت على الزجاج والمعدن خاصة النحت بالخرز وهو نحت فريد من نوعه. وقد تم ترشيح رقية من جمعية فتاة الأحساء لهيئة السياحة والتراث لاستلام جناح مجاني لمدة سنة لتميزها في حضورها ومشاركاتها في المهرجانات وانتظامها بحضور الدورات. الطباعة على الأواني وكانت جواهر صالح التي تجيد حرفة الديكوباج من أبرز المشاركين بحرفتها في معارض المركز وتقوم بطباعة الصورة على الأواني والخشب و المعدن، وأيضا الرسم باليد والرسم على الزجاج والأواني وتستوحي تصاميمها من التراث. صالح حسين الحميد يجيد تجهيز المجالس بالسجاد والمفارش وهي حرفة قديمة جدا مادتها الخام مشتقة من تمر الأسل والحبال الخشنة، ويقول صالح: إن المادة كانت متوفرة من قبل لكن الآن وللأسف يجلبها من الخارج حسب الطلبات وتكون مكلفة جدا على حد قوله. السدو والسجاد ومن الحرف اللافتة أيضا حرفة السدو والسجاد التي تمتهنها فاطمة العويشي وهي من عائلة مشجعة للتراث وتساهم في نشره والحفاظ عليه وتعلمت حرفة السدو من والدها منذ الصغر وكانت ملازمة له، وقد شجعها في البداية على إنجاز أعمال تراثية بالخيش ومن بعدها تطرقت إلى جمعية فتاة الأحساء وانخرطت في دورات تابعة لها وتم ترشيحها في دورة السدو مما زاد من خبرتها في حياكة النسيج حتى أتقنتها. وقد أجمع أصحاب الحرف التراثية بالمركز على أن تجربتهم مع مركز الإبداع الحرفي بالأحساء تجربة مثمرة إلا أنهم ينتظرون المزيد من الاهتمام لمساعدتهم للوصول بمنتجاتهم إلى كافة الشرائح من أجل مزيد من الانتشار والحفاظ على التراث الوطني الذي يعكس قيمة الوطن. صالح حسين وصناعة السجاد حبيب الفرحان وصناعة الملاييف