مهنة المعلم من أجلّ المهن في تقدّم الأمم. قال تعالى: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ). فالمعلم هو الذي يصنع عقولا، ويبني أنفسا، بناء يُسهم في نهضة الأمة وتطورها وتقدمها. بناء طلاب سيكونون حملةً للواء العلم من بعدنا، بناء في الفكر وعيا وفهما ونقدا، وفي القيم غرسا وثباتا ونماء، وفي الخُلق سموا وعلوا. فعلى يد المعلم المتميز يخرج المهندس المبدع الذي يُعمّر البيوت بكل دقة وإبداع، ويخرج القاضي العادل الذي يقيم العدل بأسس قوية، ويخرج الطبيب الماهر الذي يشفى المريض على يده بعد إرادة الباري سبحانه، وينتشر العلم ويموت الجهل وتنتظم الحياة وتسير الأمور فتحيا الأمة وتنتصر. فتميز المعلم وتمكنه يُقاس بمخرجاته؛ لأن مدخلاته كانت قوية. فللمعلم مكانة عظيمة يحظى بها عند الباري أولا والخلق ثانيا. فعلى كل معلم أن يستشعر عِظَم هذه المهنة ويتحمّل هذه الأمانة، ويجند لها كل الوسائل والسبل، فيمكن المتعلم من التعلم، ويستثير دافعيته، وينمي لديه مهارات التفكير، ويوسع مداركه، ويبث فيه روح الأمل، ويوقد في داخله شعور الانتماء لدينه ووطنه. فحتى يكتمل البناء لابد من تكاتف الأيدي وتعاون الجهود. فالأسرة لها دور قوي في تحصين هذا البناء وضمان استمراريته بالاهتمام والاطلاع على كافة الأمور المستجدة فيما يتعلق بالعملية التعليمية، والسؤال الذي ينمي التواصل الفعّال، والحرص على حضور اللقاءات المدرسية، وتقديم الدعم لأبنائهم لتجاوز كل الصعوبات والعقبات، وتعهد غرسهم بالسقاية والرعاية، وخلق جو أسري آمن. والطالب يلعب دورا فعالا بمد يد العون لمعلمه حتى يشيّد هذا البناء، وفعاليته تكمن بمدى قدرته على البحث حتى الوصول للمعلومة دون كلل أو ملل، والقراءة التي تنمي لديه الحصيلة اللغوية، والقدرة على النقاش والحوار القائم على آداب وأسس، والتحلي بالأخلاق الحميدة. والمدرسة لها مسؤولية في إيجاد بيئة ملائمة للمعلمين والطلاب وفق الاحتياجات والمتطلبات، وغرس القيم السامية والأخلاق النبيلة، وإكساب العديد من المهارات. والوزارة لها أدوار عظيمة في المساهمة برفعة هذا البناء. ومن أهمها منظومة تقويم وتحسين جودة التعليم، وتقديم البرامج الداعمة للمعلمين وتطويرهم مهنيا، وتحقيق التنمية المستدامة بفتح المجال للمشاركة بجوائز التميز مع تقديم الدعم لهم، وتعزيز مجموعة من القيم للطلاب من خلال البرامج الهادفة.