نحن بين الاهل والصحب والأحباب في هذه الحياة الكل يُكوّن في حياته حلقة، هذه الحلقة تتعلق بكل قناعاته وأفكاره وأخلاقياته التي تتشكل حسب تربيته وبيئته وتعليمه منذ طفولته. وحين يخرج خارج أسوار منزله يحمل هذه الحلقة معه لترتبط بالحلقات الأخرى ممن يشاء الله أن يكونوا صحبته وأقرب الناس إليه بعد ذويه وقرابته. لكن هذه الحلقة تتأثر كثيراً بمن حولها، سواء أكان بالفكر أم بالقناعات، فتجد ذلك الشخص تارة يتكلم بلسان صاحبه أو ينقل حدثاً له أو قناعة وفكرا دون الإحساس بذلك، لأن المخالطة الكثيرة، وعدم وجود البدائل، قد يزعزعان الحلقة الأساسية في كيان الشخص، إلا أن تكون هذه الحلقة قد تأسست جيداً وبقوة وبصدق، عند ذلك لا يمكن إلا أن تكون أقوى من الحلقات الأخرى التي ترتبط بها، وبالتالي تكون هذه الحلقة جاذبة لا طاردة. الكثير منا يريد أن يعرف ما إذا كان حلقة قوية أم ضعيفة بين الناس وبين من هم حوله، ومن المؤكد أن الكل يريد أن يكون الحلقة الأقوى والمؤثرة لا المتأثرة، ولكن هذا القياس عليل وغير مرغوب فيه، والوسطية هي أقوى الحلقات التي نريدها للجميع، فلا مانع أن نكون احيانا حلقة قوية في مقابل أن نكون احياناً اخرى حلقة ضعيفة، وليس المقصود بالضعف الاستسلام.. لا، ولكنه قبول القناعة الصحيحة والتنازل عن الإصرار على الخطأ. ولكن قبول هذا الأمر دائماً بحجة أن الشخص لا يريد المشاكل أو أنه لا يريد الإزعاج أو الجدال أو أي أمر كان فهو أمر غير محمود، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- امتدح المؤمن القوي في حديثه حين قال -بأبي هو وأمي- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير...» الحديث (رواه مسلم). النبي عليه الصلاة والسلام لم يفصل القوة عن الإيمان، إذ لو انفصلت لكانت القوة أداة شر، وأداة تدمير. الإيمان قيد والمحرك قوة أما الأخلاق فهي المقود، ومحرك من دون مقود دمار، إن المؤمن القوي في إيمانه، والقوي في بدنه وعمله ورأيه وفكره خيرٌ من المؤمن الضعيف في ذلك، لأن المؤمن القوي ينتفع المسلمون بقوته البدنية والإيمانية والعلمية.. وهذا ما لا يملكه المؤمن الضعيف، فمن هذا الوجه كان المؤمن القوي خيرًا من الضعيف، وفي كلٍّ خير. ناقش في دراستك.. قراراتك.. حياتك.. علمك.. اختياراتك وصحبتك.. ناقش فيمن تريد الارتباط به والسعي إليه، لا تكن ناقلاً لفكر أحدهم أو تصرفاته وقناعاته أو حتى اسلوبه الكلامي وتهجمه ومعاملته للغير.. فهذه أمور تتعلق بالشخص نفسه لا بغيره ومجرد متابعته في هذا الامر وتقمص هذه الذات فاعلم أنك الحلقة الأضعف، ليس ذلك فحسب، بل إنك إمعة لا تفقه من امرك شيئاً وستسير خلف هذا الأمر طوال حياتك.. إلا أن تكون مقتنعاً بهذا التصرف وراغباً به وبالأصل هو بداخلك واتخذت هذه الشخص ذريعة لذلك، حينئذ تخرج من دائرة هذه الحلقة لتكون شخصاً ذا حيلة ومكر وهذه من أسوأ الصفات التي قد يحملها بشر. كن كما تريد لا كما يريدون، وافعل ما تريد لا ما يريدون كن الحلقة الاقوى.. أسعد نفسك.. ابن حياتك وابحث عن صالحك ولا تنتظر الجذب والطرد في حياتك بل توسط. فليراجع الكل نفسه بعد هذا ولينظر هل هو الحلقة الأقوى ام الأضعف.