كلّنا نحتاج الكوتشينج! فكل طالب وطالبة يحتاجون الكوتشينج لتوجيههم بكيفية اختيار التخصص المناسب وإرشادهم لأفضل الطرق للتعامل مع المشاريع الدراسية، وكذلك كل باحث وباحثة عن عمل سيساعدهم الكوتشينج في تعلّم كيفية تجاوز مراحل الحصول على وظيفة وإعداد السيرة الذاتية ومعرفة أسرار تجاوز المقابلات الشخصية، وأيضا كل موظف وموظفة سيدعمهم الكوتشينج في حل مشاكلهم المهنية وتطوير أدائهم الوظيفي وزيادة إنتاجيتهم، وكذلك كل مدير أو مديرة وصاحب عمل أو صاحبة عمل سيجنون الكثير من الكوتشينج في تطوير بيئة العمل والمحافظة على الموارد البشرية وتطوير أدائها والارتقاء بالمنشأة بشكل عام. وأيضا كل زوج وزوجة لن يستغنوا عن الكوتشينج لإيجاد أفضل الطرق للتعامل مع شريك الحياة وحل الإشكاليات الأسرية والتغلب على تحديّات تربية الأطفال إضافة لزيادة جودة التخطيط المالي، وبالتأكيد يحتاج للكوتشينج كل معلّم وكل مهندس وكل طبيب وكل إعلامي وكل وزير إلخ، فما هو الكوتشينج؟ يقول المدير التنفيذي لشركة جوجل (كل شخص منّا يحتاج لما يُعرف بالكوتشينج coaching) ولهذا العلم المرتبط بالموارد البشرية تاريخ عريق حيث بدأ بجامعة إكسفورد البريطانية في عام 1830م حتى أصبح الآن أحد أسرار تميّز كثير من المجتمعات الأوروبية والأمريكية، ومن خلال بحثي عن هذا الموضوع لم أجد ترجمة مناسبة ذات صلة بالكوتشينج أكثر من كلمتي التوجيه والإرشاد، فالكوتشينج يُعرّف على أنه طلب مساعدة شخص مُلهم ومتخصص في توجيه وإرشاد الموارد البشرية كي تحقّق أهدافها أو تحل مشاكلها، أو لمساعدتها في كيفية إدارة الوقت بفعالية أو لخفض ضغوط الحياة، أو لموازنة الحياة العملية بالحياة الاجتماعية، أو لتحديد نواحي التطور وتطوير العلاقات وغيرها من الأمور التي قد تسد الفجوة ما بين طموحاتنا وواقعنا، ويعتبر الكوتشينج من الحلول التعاونية المُلهمة التي تعتمد على الطرفين فهي تربط مدخلات طرف بتوجيه وإرشاد طرف آخر، حيث يبدأ الكوتشينج بالتقاء الكوتش (الموجّه أو المُرشد) بالشخص الذي يحتاج للتوجيه والإرشاد، إما وجهاً لوجه أو عبر الهاتف ومن ثم يتم الإتفاق على الهدف المنشود وبعدها يتم وضع خطة العمل ومنها تبدأ رحلة التنفيذ ومتابعتها وتطوير الحلول وتقييم النتائج وتقديم خيارات لم تكن متاحة من قبل. ولا ينحصر الكوتشينج بالجانب العملي فحسب، بل بالإمكان تطبيقه على كافة الأفراد والمنشآت في أي مجتمع؛ كون الكوتشينج له عدة أنواع منها: كوتشينج تطوير علاقات الأفراد والأعمال Business Coaching، وكذلك كوتشينج الحياة بشكل عام وأهدافها life Coaching، وأيضا كوتشينج الرياضة Sport Coaching وهو النوع التقليدي المعروف، وكوتشينج الطلّاب والطالبات Students Coaching، وكذلك الكوتشينج الصحي Health Coaching المعني بالصحة العامة، والكوتشينج المالي Financial Coaching الذي يساعدك على تطوير كفاءة إنفاقك وقنوات استثمارك، وأيضا الكوتشينج المهني Career Coaching المعني بالاهتمام بحياتك العملية وتطويرها وحل مشاكلها، وبالتأكيد ستظهر لنا قريبا أنواع أخرى من هذا العلم المحوري المتجدد. لذا الكل منا يحتاج للكوتشينج أنا وأنت وهو وأنت وهي، ومن يعتقد أنه لا يحتاج للكوتشينج فهو في حقيقة الأمر الأكثر منّا حاجة له. أمّا الكوتش COACH أو الموجّه أو المُرشد وهم للأسف قِلّة في المملكة العربية السعودية فهم ليسوا مستشارين وليسوا مدرّبين بل هم أفراد مُلهمون يُحسنون الاستماع لنا بشكل جيد ويجيدون قراءة لغة أجسادنا، وهم أيضاً مذهلون في طرح الأسئلة التي من شأنها توضيح الأهداف وحيثيات أي مشكلة ولديهم القدرة الفائقة من خلال خبراتهم المتراكمة على طرح حلول نوعية لتحقيق ما نصبو إليه، علماً بأن هؤلاء الموجّهين أو المُرشدين COACHES يجنون سنويا مداخيل تقّدر ب 8 مليارات ريال على مستوى العالم ومن أشهرهم بريان تريسي ومايكل جيربر وغيرهما الكثيرون. يقول المولى عز وجل في سورة الأحزاب (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) لذا إن تأملّنا جميع الأحاديث الصحيحة لأشرف الخلق محمد عليه الصلاة والسلام فسنجزم حينها أنه المُرشد والموجّه المُلهم الأول لنا وأن التوجيه والإرشاد أو الكوتشينج اهتم به الدين الإسلامي الحنيف منذ مئات السنين أسوة بغيره من العلوم، كما يقول هارون الرشيد (من شاوَر كثر صوابه) لذا إن لم نستطع إنشاء جمعية أو هيئة للكوتشينج بالمملكة، فيجب أن نُسرع في إدراجه كتخصص دراسي جامعي. دمتم بخير.