حلوة ألف شافاك وأنا.. والله من الغرور! ولكن الأشياء تحدث، والكرة الأرضية صغيرة، والإيرلنديون يقولون إذا تعلقت في أحد لا تعرفه وبعيد عنك بشدة فإن عناصر الكون «تتآمر» لتحضره لك، طبعا تآمرًا حسنًا. تعلقت من صغري بالكاتبين الأمريكيين إرنست همنجواي، وإسحق عظيموف. ليس عجيبا أن أقع صدفة على شيء يخص همنجواي في الجرائد والمجلات والكتب التي لا تتحدث عنه، وفي الفيديو في يوتيوب، لأن همنجواي عريض الشهرة كشكسبير عند الإنجليز، كالمتنبي عندنا. على أن إسحق عظيموف الكاتب الخيالي العلمي الذي لم تعهد الإنسانية له مثيلا في القصص العلمية الخيالية لم يكن مطلا على العالم بنافذة فسيحة مثل همنجواي، وموضع حبي له قدرته الأسلوبية المدهشة بالإنجليزية خصوصا في تركيب مفردات جديدة علمية شاعت في اللغة الإنجليزية على كل المستويات، ثم أن قصصه محكمة علميا، حتى أن البورفيسور هاذروود بروفيسور الأدب العلمي في جامعة نيويورك قال يقدمه قبل ثلاثين عاما: إنه في قصصه العلمية سبق العلم الحالي بمكتشفات ثبتت فيما بعد، مثل قصته الشهيرة التي أصبحت أشهر فيلم بالعالم «حرب النجوم». على أنه يصادفني كثيرا عند بحث لا يخصه، فأجده وافتح فمي مندهشا فرحا لحد يسبق أي تخيل علمي، فأتابع مشاهدِهُ وأقواله مسحورا. وكنت متولعا معجبا بمن قال عنه طه حسين إنه صاحب أكثر الجمل رقصا في اللغة العربية، وأقصد أنيس منصور. وقرأت كل ما كتبه، كل كلمة كتبها بلا مبالغة، لأني قرأت كتبه كلها، بعضها أكثر من مرة، وهو من قادني للتولع باللغة العربية وقدرتها على أي شيء، كما أني تابعت كل مقالاته بمجلة «أكتوبر» وكان يرأس تحريرها. وتابعت مقابلاته حتى توفاه الله. ولي صديق عزيز في البحرين أصبح وزيرا فيما بعد هو السيد عبدالنبي الشعلة، وتعرفت كصاعقة على أنيس منصور لأن عملا صحفيا مشتركا كان بينهما وقد عرض علي المشاركة. فإذا قالوا لك إنه عالم صغير، وكل شيء ممكن الحصول.. فصدق حبيبي! وأيضا معجب لحد الثمالة بالكاتبة «ألف شافاك» شيخة كتاب تركيا، ورغم إعجابي الشديد بها، أختلف معها في بعض توجهاتها بالمسألة الطورانية والأرومة التركية والأقليات، وذاك لم يهز شعرة برأيي أنها كاتبة مدهشة لحد الإعجاز. لما تقرأ لها عن جيهان الهندي ومعلمه المعماري سنان في القرن السادس عشر ستقول إن الكاتبة التي ما زالت شابة حيوية خبيرة بالهندسة المعمارية العثمانية بذلك القرن، وخذ أيضا: في علم الأنثروبولجيا، وعلم الحساب، وعلم النفس، والجغرافيا، والتاريخ، والألسنيات، والتاريخ السياسي، والطب القديم.. يا أخي شي يدوخ الرأس.. يوم زارنا صديق أبي - رحمه الله- لأربعين عاما الشيخ رمضان بدعوة من أخي هشام -حفظه الله-، تبين لنا أن اسم كريمته «ألِف» كاسم كاتبتنا، ولما قلنا له ذلك. قال لنا: «ألف» الكاتبة صديقة ابنتي الروح بالروح. وي! (على قولة أهل جدة) أي يا للعجب!. والآن نعكف على دعوة أهم كاتبة بتركيا، برأيي في العالم، لمنطقتنا.. لنكون من المعاصرين عن قرب لكاتبةٍ أجادت اللغة الإنجليزية كما لم يُجِدها كاتبٌ عصري إنجليزي رغم نشأتها التركية ولكنتها الواضحة. ولأنها، رغم كل شيء، تعتقد بحيادٍ كما تقول، أن الإسلامَ دينٌ عظيم لا مثيل له على الأرض. هي ألفٌ حقا.. رقم 1.