تتوقع وحدة المعلومات الاقتصادية التابعة ل«إيكونوميست» وصول حجم الواردات الغذائية الخليجية إلى 53,1 مليار دولار، مقابل 25,8 مليار دولار خلال العقد الماضي. من المتوقع نمو الاستهلاك الغذائي في المنطقة بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ 3,1 في المائة، ووفقاً للإحصاءات، يتم استيراد معظم المواد الغذائية في دول مجلس التعاون الخليجي. وتسجل المملكة حتي الآن أكبر حصة من واردات المواد الغذائية خليجياً، بواقع 65 % من مجموع واردات دول مجلس التعاون. ويوجد ثمة عوامل متشابكة أدت إلى تفعيل دول المجلس لتقنيات الزراعة المائية على مدار العقد الماضي، وخاصة المملكة والبحرينوقطروالإمارات، وذلك بهدف التصدي لمشكلات هيمنة الطبيعة الصحراوية على أراضيها، مع ندرة الموارد المائية والتغيرات المناخية وتقليص حجم الاعتماد على الواردات الغذائية. الزراعة المائية وتعد الزراعة المائية قادرة على توفير إنتاج الغذاء الآمن الصحي من خلال التحكم في التسميد والري وتقليل الكيماويات المستخدمة لأقل حد ممكن في عملية الإنتاج ولا تتطلب توافر مساحات أراض واسعة، وبالتالي حتى أولئك الذين يعيشون في المناطق الحضرية يستطيعون ممارسة الزراعة المائية على أسطح منازلهم. ويحصل النبات على أقصى درجات الاستفادة من الزراعة المائية، إذ تصل العناصر الغذائية مباشرة إلى الجذور، ويستهلك النبات المزروع مائيًا طاقة أقل من النبات المزروع في التربة، التي تعتبر بدورها حاويًا أيضًا للأوبئة والبكتريا. وتتمثل الزراعة المائية في زراعة النباتات من دون تربة، بالاعتماد على تزويد المياه بالمغذيات المعدنية اللازمة لنمو النبات في حاويات تعمل بنظام تقني، ويتكون النظام من شبكة من الأنابيب تمر من خلال المياه المحملة بالمغذيات فيما توضع المزروعات في فتحات علوية على طول الأنبوب. ويعد حوضا التغذية والتفريغ من أهم مكونات هذا النظام، وهما حوضان من الماء يوضع في أحدهما المغذيات والأسمدة، بينما يستقبل حوض التفريغ المياه بعد خروجها من النظام، ويقوم النظام بإعادة تدوير المياه لري النبات مرة أخرى. وتتفاوت أوقات الزراعة للمحاصيل، إذ يصل بعضها إلى يومين من بدء الزراعة، مثل الخضراوات الورقية والأعشاب، والبعض منها تمتد دورته الزراعية إلى 6 أشهر مثل الطماطم. ولا تعد الزراعة المائية نزعة معاصرة بل انطلقت شرارتها الأولى عام 1937، على يد «جيريكيه» صاحب مصطلح «هايدروبونيك» الاسم العلمي للزراعة المائية. وتشكل الزراعة المائية حلًا مثاليًا للبلدان التي تُعاني من محدودية مساحات الأراضي الزراعية، وتستهلك الزراعة المائية كميات أقل من المياه، نظرًا لاعتماد النظام على إعادة تدوير المياه المستخدمة في الزراعة، وتُتيح الزراعة المائية إمكانية التحكم بالوسط الذي يعيش فيه النبات، كما توفر إمكانية التحكم بمواعيد الحصاد، يتسم هذا النظام بنسبة فاقد أقل كثيرًا في المياه والعناصر الغذائية عن الزراعة التقليدية، الأمر الذي يرفع القيمة الاقتصادية لتلك التقنية. وتقضي الزراعة المائية نهائيًا على احتمالات تلوث الأراضي الزراعية والمياه، نتيجة جريان المياه وتراكمها. استراتيجيات الزراعة الخليجية ووقعت الجمعية السعودية للاستزراع المائي (مطلع العام الجاري) مذكرة تفاهم مع التحالف العالمي للاستزراع المائي، لتنفيذ اتفاقية بين الطرفين لتشجيع التوسع المسؤول والمستدام لكل مرافق الزراعة المائية، بما في ذلك مصانع التجهيز، المزارع والمفارخ ومصانع الأعلاف، حيث تعمل الجمعية على تطوير أنظمة الاستزراع المائي بالمملكة، بما يخدم الوصول إلى استراتيجية وزارة الزراعة برفع مستوى إنتاج الاستزراع المائي للوصول إلى مليون طن بحلول 2029م، ليسهم في تأمين الأمن الغذائي وتوفير الغذاء الصحي الآمن والتنمية المستدامة. كما تضم الإمارات العريية المُتحدة حاويات زراعة مائية قادرة على إنتاج ما يتراوح بين 500 و600 طن من الخضراوات الورقية الطازجة والأعشاب في اليوم الواحد. ودخلت قطر قطاع تكنولوجيا الزراعة المائية منذ عام 2009م، وأعلنت مؤخرًا عن خطة إنتاج تصل إلى 70 % من الاستهلاك المحلي للخضراوات بحلول عام 2023م. وتبلغ مساحة مرافق الزراعة المائية التجارية في البحرين حوالي 180 ألف متر مربع، وتهدف إلى إنتاج ما يزيد على 5 آلاف طن من المواد الغذائية الطازجة سنويًا. ويحقق الاستثمار في الزراعة المائية عوائد سريعة على الاستثمارات، نظرًا لسرعة دوران رأس المال، والتكاليف المنخفضة للتقنية المستخدمة.