أعلن مصدر في الشرطة العراقية امس الثلاثاء مقتل خمسة أشخاص وإصابة 17 آخرين بانفجارات متفرقة شهدتها العاصمة العراقية. فيما أعلنت قيادة عمليات بغداد حجز سبعة من قادة أجهزة الأمن والاستخبارات في منطقة الكرادة في بغداد، بعد اتهام المواطنين للقوات الأمنية والحكومة العراقية بالتقصير في حمايتهم. كما أعلن جهاز الاستخبارات العراقي توقيف 40 إرهابيا بمستويات قيادية مختلفة كانوا يخططون لتفجيرات في الأسواق ودور العبادة في العراق. في وقت تم فيه تشييع عدد من ضحايا الاعتداء الذي اودى بحياة اكثر من مئتي شخص وتبناه تنظيم داعش في حي الكرادة، بينما تتواصل عملية التعرف على هوية جثث تعود لضحايا آخرين. وفيما تحقق القوات العراقية تقدما في ميدان المعركة في مواجهة تنظيم داعش لكنها تواجه صعوبات في تأمين بغداد ودرء الاعتداءات الانتحارية التي تضعف موقف الحكومة. عبوات ناسفة وقال مصدر لوكالة الأنباء الألمانية: إن عبوة ناسفة انفجرت بالقرب من محال تجارية في منطقة الكريعات، شمالي بغداد، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة أربعة آخرين بجروح متفاوتة. وأضاف: إن عبوة ناسفة انفجرت ايضا بالقرب من سوق شعبية في ناحية الرضوانية جنوب غربي بغداد، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة خمسة آخرين بجروح متفاوتة. وأشار إلى أن انفجار عبوة ناسفة قرب سوق شعبية في قضاء المحمودية 35/ كم جنوببغداد/ أسفر عن مقتل شخص وإصابة ثمانية آخرين بجروح متفاوتة. توقع مزيد من الاعتداءات من جهة أخرى، تحقق القوات العراقية تقدما في ميدان المعركة في مواجهة تنظيم داعش لكنها تواجه صعوبات في تأمين بغداد ودرء الاعتداءات الانتحارية التي تضعف موقف الحكومة. وتمكن انتحاري يقود سيارة مفخخة من اقتحام منطقة تجارية مزدحمة في حي الكرادة ذي الغالبية الشيعية في بغداد في وقت مبكر صباح الاحد الماضي، وقتل اكثر من 200 شخص بعد اسبوع فقط من استعادة كامل مدينة الفلوجة من التنظيم المتطرف. ولم توقف الهزيمة التي مني بها في الفلوجة التنظيم الإرهابي من تنفيذ اعتداءات وتفجيرات، لا بل يتوقع ان تدفعه الى تكثيف هذه الاعتداءات. وقال باتريك سكينر المسؤول السابق في وكالة الاستخبارات الاميركية الذي يعمل حاليا مع مجموعة صوفان الاستشارية: ان «الحكومة العراقية كانت في افضل الاحوال بالكاد قادرة على السيطرة على الوضع الامني. من الواضح ان الظروف ليست المثلى الآن، ومن المحتمل تنفيذ المزيد من الاعتداءات للاسف». وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي قد اعلن سلسلة من التغييرات في التدابير الامنية في بغداد بعد التفجير الذي سلط الضوء على المشكلات المزمنة في العاصمة وابرزها استخدام كاشفات متفجرات يدوية اشتراها العراق من جيمس ماكورميك الذي حكم عليه بالسجن عشر سنوات في بريطانيا لادانته بالغش في قضية على صلة بهذه الاجهزة في 2013. المواطنون يتهمون الحكومة بالتقاعس وامر العبادي بالتوقف عن استخدام هذه الادوات على الحواجز، لكن كان لا يزال يمكن رؤيتها الاثنين وسط بغداد مع الجنود ورجال الشرطة الذين قالوا انهم لم يتلقوا الامر بعد بوقف استخدامها. وامر العبادي كذلك بعدم استخدام رجال الامن الهواتف المحمولة عند نقاط التفتيش ولكن حتى في حال عدم استخدام الهواتف فإن ذلك لن يحل المشكلة الاكبر المتمثلة في الملل وتدني اليقظة بسبب طول فترة الخدمة على الحواجز. وطلب العبادي من وزارة الداخلية الاسراع في نشر اجهزة كشف على مداخل العاصمة للمساعدة في التعرف على المتفجرات او المواد المتفجرة، ودعا الى التنسيق والتكامل في عمل قوات الامن خارج مناطق القتال، ما يشير الى ان هذا التنسيق ضعيف. وحتى في حال تطبيق التدابير الجديدة فإنه سيكون من الصعب وقف التفجيرات في بغداد، والتي اثارت غضب السكان الذين يتهمون السلطات بعدم القيام بما يكفي لحمايتهم، ما يضعف الثقة المتدنية اصلا بالحكومة. وقال سكينر: ان «الغضب الشعبي حيال عجز الحكومة عن حماية الناس هو للاسف شعور مشترك بين كافلة الفصائل والطوائف في العراق. هذا ليس كافيا لجعلهم يقفون وقفة واحدة، لكنه كاف لدفع الوضع الى التفجر». توقعات قاتمة وزاد الغضب الشعبي من اضعاف صورة العبادي الذي فشل في تغيير الحكومة وتطبيق الاصلاحات. وقال محلل المخاطر وصاحب نشرة السياسة الداخلية العراقية (انسايد ايراكي بوليتيكس) كيرك سويل ومقره في الاردن: ان «المشكلة السياسية الرئيسة الآن هي ضعف العبادي وافتقاده للمصداقية». واجه العبادي غضب السكان عندما تفقد موقع تفجير الكرادة واظهر شريط فيديو رجلا يرشق موكبه بالحجارة كما قيل، في حين سمع رجل آخر يلعنه. واشاد العبادي بالتقدم الذي احرزته القوات الامنية ضد تنظيم داعش والذي كان تأثيره ضعيفا على سكان بغداد المهددين بالموت ما ان يغادروا بيوتهم، لا سيما وان الانتصارات الميدانية يمكن ان تدفع التنظيم الإرهابي الى العودة الى ممارساته السابقة وتكثيف الهجمات الدامية المماثلة لاعتداء الكرادة. وقال الخبير في شؤون المنظمات الجهادية والباحث في منتدى الشرق الاوسط ايمن التميمي: «ارى عودة الى الوضع السابق والى الاعتداءات بالسيارات المفخخة هنا وهناك». واضاف التميمي: «هذا ما كانت تشهده البلاد في 2009 عندما مني تنظيم دولة العراق الإسلامية السابق على تنظيم داعش بهزائم». وبالتالي فإن تفجير الكرادة يشكل مثالا قاتما على ما يمكن ان يقوم به داعش حتى وهو يمنى بهزائم. وقال سكينر: ان «الاعتداء يندرج في اطار توجه اوسع للتنظيم الذي يتراجع من مشروع دولة الى منظمة ارهابية. الكرادة للاسف تشكل مثالا على ما يخبئه المستقبل». على صعيد آخر، وبعد سبع سنوات على البدء به، ينشراليوم الاربعاء تقرير لجنة التحقيق حول الدور البريطاني المثير للجدل خلال الحرب في العراق عام 2003 ومن المتوقع ان يوجه انتقادات قاسية الى رئيس الوزراء الاسبق توني بلير.