في الشهر المنصرم بمنتدى التعاون الصيني - العربي بالدوحة، افترض وزير الخارجية الصيني وانج يي أن قطر ينبغي أن تشارك في تحقيق مبادرات طريق الحرير الصيني على أرض الواقع. وإذ ينظر إلى قطر باعتبارها شريكًا أساسيًا للترويج لمشروع «حزام واحد، طريق واحد» (OBOR) الذي دشنه الرئيس الصيني شي جينبينغ عام 2014، قال يي: إن المبادرة تشترك في فرص تعاون مع رؤية قطر الوطنية 2030، وهي خارطة الطريق المستقبلية التي دشنتها الدوحة عام 2008. وتلبيةً لهذا الغرض تعقد الصين الآمال على تعزيز العلاقات الثنائية مع قطر في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية. ورغم ذلك، فهذه ليست المرة الأولى التي تتودد فيها الصين إلى الدوحة لمساعدتها في تنفيذ مشروعات «حزام واحد، طريق واحد». ففي العام المنصرم، قررت الصين إنشاء مركز مقاصة للعملة الصينية (الرنمينبي) في الدوحة، وهو أول مؤسسة مالية في الشرق الأوسط تتيح الوصول إلى العملة الصينية وأسواق الصرف الأجنبي. وهذه الخطوة محورية باعتبارها واحدة من أهم الخطوات التي خطتها الصين للحث على تنفيذ مبادرات طريق الحرير والتي من بينها أيضًا إنشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية (AIIB) الهادف، من بين أهداف عدة، إلى توسعة نطاق تداول العملة الصينية. وفي هذا السياق، يقول محمد ذو الفقار رحمات، الباحث المختص في العلاقات الآسيوية - الشرق أوسطية، وجيورجيو كافييري، الرئيس التنفيذي لشركة Gulf State Analytiscs ومؤسسها، وهي عبارة عن شركة لاستشارات الأخطار الجيوسياسية مقرها واشنطن العاصمة، في تحليل مشترك نشرته مجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية: «لا غرو أن الصين تشق طريقها نحو قطر، ولاسيما فيما يتعلق بإنشاء مبادرات طريق الحرير. ورغم ريادة الصين للمبادرات، فمن المستحيل أن تنجز بكين كل شيء وحدها، بل يتطلب الأمر مشاركة وإسهامات دولية. ولذا، كان من المنطقي أن تلجأ الصين إلى قطر التماسًا لدورها الحيوي». وبما أن الصين متعطشة للحصول على موارد للطاقة لإمداد مشروعاتها، فمن الواضح أن بكين ترى بوضوح منافع تعزيز علاقاتها مع الدولة الخليجية الغنية بالغاز. وحقيقة الأمر أنه خلال السنوات العديدة الماضية أمست الصين معولة على نحو متزايد على موارد الهيدروكربون القطرية. جدير بالذكر أن الصين تعد أكبر مستورد للنفط في العالم، وستتطلب مبادرات طريق الحرير حتى كميات أكبر من موارد الطاقة لتنفيذها. تتمتع قطر بإمكانات كبيرة تجعلها مستفيدا محوريا. خلال السنوات الأخيرة، بدأت بعض الدول الأوروبية في إعادة توطين صناعاتها في الصين نظرًا لتكلفة العمالة المنخفضة. ومن الممكن أن ينشئ القطريون منشآت بترولية وبتروكيماوية في الصين مما سيساعد الدوحة على الاستحواذ على نصيب الأسد من الطلب والمنافسة.