إذا كانت فولكس واجن ترجو بأن تسوية إعادة شراء بقيمة 10 مليارات دولار بينها وبين مسؤولين أمريكيين ستنهي أشهراً من الأخذ والرد بشأن انبعاثات الديزل، فإن توقيت هذه التسوية لا يمكن أن يكون أسوأ من ذلك. أظهر سيل من الأخبار خلال الأسبوع الماضي أن ما كان فضيحة شركة واحدة توسع ليصبح أزمة تنظيمية عالمية. ومع اجتماع زعماء العالم في نيويورك لتوقيع اتفاق مناخ باريس قبل أسبوعين، فإن سحابة من الشك استقرت على واحدة من المناطق الأكثر إثارة للجدل للقانون التنظيمي البيئي. باعتبار أنها وجه الغش في انبعاثات السيارات، تحملت شركة فولكس واجن العبء الأكبر من تأثير الفضيحة: خصصت مزانية مقدارها 18.2 مليار دولار لتغطية تكاليف التصليح وعملية إعادة الشراء المرتبطة بتسويتها مع الولاياتالمتحدة، وعمليات سحب السيارات في أوروبا. سهمها انخفض نحو 40 في المائة مقارنة بالعام الماضي. ولكن تعتبر مشكلة الانبعاثات الآن أكبر من مجرد فضيحة لفولكس واجن. فقد اعترفت ميتسوبيشي أنها بالغت في تحديد الكفاءة في استهلاك الوقود في أكثر من نصف مليون سيارة، جاذبة بذلك هجوما من قبل السلطات اليابانية وتحقيقا من قبل الأجهزة المنظمة في الولاياتالمتحدة. إنها فقط الشركة الثانية التي تعترف بالغش النشط حول الامتثال للانبعاثات، خسرت الشركات اليابانية لصناعة السيارات نحو 40 في المائة من قيمتها السوقية في الأسبوع الأخير من التداول. في أوروبا، اتسعت الفضيحة بصورة كبيرة، مستفيدة من ذلك عدد من شركات صناعة السيارات الذين ينفون الغش ولكن الانبعاثات من سياراتهم مع ذلك تختلف بشكل كبير مع لوائح الاتحاد الأوروبي للقيادة في العالم الحقيقي. أعلنت سلطات المملكة المتحدة، هذا الأسبوع، أن اختباراتها تُظهر أن الانبعاثات من سيارات الديزل تبلغ في المتوسط ستة أضعاف الحد القانوني من أكاسيد النيتروجين، وملوثات الهواء، في ظروف العالم الحقيقي. كما أعلن وزير النقل الألماني عن نتائج مماثلة، مما أدى إلى سحب طوعي ل 630 ألف مركبة من قبل فولكس واجن، وديملر وأوبل التابعة لجنرال موتورز. ديملر يمكن أن تكون ثالث شركة لصناعة السيارات تغش بنشاط، بعد أن أمرتها وزارة العدل الأمريكية بالتحقيق في منهجية شهادة الانبعاثات الخاصة بها في أعقاب القضايا التي تدعي عدم الامتثال في محركات الديزل في سيارة مرسيدس بنز التابعة لها. شركة صناعة السيارات الفرنسية بيجو ستروين يمكن أيضا أن تجد نفسها تعبر الخط الذي أسيء تعريفه بين عدم الامتثال والغش النشط، حيث داهمت سلطات الاحتيال الفرنسية خمسة من مرافقها. وفي الوقت نفسه، تقوم مجموعة البيئة الألمانية DUH، التي كان لاختبارها دور أساسي في إثبات أن قضايا الامتثال في انبعاثات تتعدى فولكس واجن، بالضغط على وزير النقل الألماني ليصبح أكثر صرامة في التعامل مع شركات صناعة السيارات التي تصر على أن تغش بنشاط. لكن كل هذا قد لا يكون سوى غيض من فيض. وحتى الآن ركزت التحقيقات والمحاكمات إلى حد كبير على انبعاثات أكسيد النيتروجين من محركات الديزل. ولكن نظرا لاتساع نطاق المشاكل والغش المكشوف، ليس هناك سبب وجيه للاعتقاد بأن الفضيحة لن تنتشر لمحركات البنزين وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون، التي تعتبر السبب الرئيسي لتغير المناخ. في الواقع، أُمسِك بفولكس واجن من قبل بالنسبة لتزوير انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. كما أن الاختبار من قبل المجلس الدولي للنقل النظيف، الذي اكتشف لأول مرة عمليات غش الشركة بوقود الديزل، يبين أن هناك فجوات كبيرة بين نتائج المختبر لثاني أكسيد الكربون والقيادة في العالم الحقيقي. الشركات المصنعة ما تزال تعاني من آثار الفضيحة الحالية، على الرغم من وقود الديزل يشكل ما نسبته 20 في المائة فقط من مبيعات السيارات الجديدة العالمية. من الواضح أن عمليات سحب واعادة شراء المحركات اتي تعمل بالبنزين على مستزى العالم من شأنها أن تهدد بتوقف العمل في أي من هذه الشركات. الأثر العام لالتفاف شركات صناعة السيارات على القوانين أو مخالفتها بشأن انبعاثات أكسيد النيتروجين يعتبر محليا: التركيزات العالية من الملوثات ترتبط بالمعدلات المرتفعة من أمراض الجهاز التنفسي والسرطان في المدن التي توجد فيها أساطيل كبيرة من السيارات التي تعمل بالديزل. ولكن الاحتمالية الحقيقية جدا أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، أيضا، هي نقاط منحرفة لمشكلة عالمية: جميع شروط التفاوض بعناية لاتفاق مناخ باريس، على سبيل المثال، سوف تُقصِّر بنسبة لا يستهان بها عن الأهداف المرجوة منها إذا كانت الانبعاثات في العالم الحقيقي أعلى من نتائج الاختبارات المعملية المستخدمة في المفاوضات. حيث أن أهداف ثاني أكسيد الكربون في العالم هي على المحك، يأمل المرء في أنه سوف يكون لدى الحكومات الدافع للتعاون فيما يتعلق في معايير الاختبار الجديدة للانبعاثات في العالم الحقيقي التي من شأنها أن تخفض الالتفاف على القوانين والغش الصريح. يمكن أن يكون لمثل هذه المبادرة منافع اقتصادية كذلك، مما يفتح الطريق إلى لوائح منسقة على نطاق أوسع والتي يمكن أن تخفض الحواجز أمام التجارة الحرة في السيارات. فضيحة الانبعاثات من السيارات لن تؤدي إلا إلى ازدياد الفضيحة، وتدمير رأس المال ومصداقية شركات صناعة السيارات في الولاياتالمتحدة وأوروبا وآسيا. والسؤال هو ما إذا كانت ستتوسع إلى نقطة تصبح فيها الاستجابة العالمية المنسقة ممكنة من الناحية السياسية. إذا كان الأمر كذلك، قد تكون هناك فرصة لتحقيق بعض الخير من حلقة مخجلة لولا ما يمكن أن ينتج عنها من إجراءات لعلاج الخلل.