أكد المهندس زياد سامي اللبان الرئيس التنفيذي لشركة صدارة للكيميائيات، أن انخفاض أسعار النفط لم يؤثر على الشركة حيث إن المنتجات المتخصصة تستطيع الحفاظ على الهوامش، معلنا اكتمال 98 % من مشروع «صدارة» الذي وصفه بأكبر مجمع كيميائي في العالم. وقال اللبان في حديثه ل«اليوم»: لقد ركزت الشركة على الاستفادة من المزايا التنافسية التي تتمتع بها المملكة، كما أن الإنتاج سيتم تصديره إلى الأسواق الإقليمية والعالمية في المرحلة الحالية، على أن يتم وبالتدريج تصدير منتجاتنا إلى المصانع المحلية كما تحدث عن التنافسية، مضيفا «اعتقد أن المصانع الكيميائية في المملكة تقوم على مبدأ التكامل وتطرق الى الصناعات التحويلية والسعودة ومجمع بلاسكيم والمستثمرين».. وفيما يلي نص الحديث: ■ ما الجهود المبذولة لدى «صدارة» في مجال الصناعات التحويلية والفرص المتاحة استثمارياً في هذا المجال؟ منذ أن بدأت فكرة مشروع مجمع «صدارة للكيميائيات» في العام 2007 وأعطي الضوء الأخضر للشروع في بناء المجمع في 2011 الذي يعد أكبر مجمع كيميائي في العالم يتم بناؤه على مرحلة واحدة، وباستثمارات إجمالية تبلغ 20 مليار دولار، والأعمال والجهود قائمة على قدم وساق لإكمال هذا المشروع الضخم وفق أعلى المعايير العالمية لتحقيق رؤيتنا المتمثلة في «تغيير قواعد اللعبة»، وقد رسّخنا هذه الرؤية القائمة على التكامل والتفرد في إستراتيجيتنا والمنهجية التي نعمل وفقها في جميع جوانب خطط العمليات والأعمال لدينا. ■ مم يتكون المشروع؟ المشروع يتألف من شقين رئيسيين، الأول هو مجمع «صدارة» الذي يحتوي مصانع الكيميائيات المتخصصة المختلفة التي سنقوم بإنتاجها، والشق الثاني هو مجمع «بلاسكيم»، الذي يعتبر ثمرة للتعاون المشترك بين صدارة والهيئة الملكية للجبيل وينبع، ونعكف حالياً على إنشاء شبكة أنابيب متطورة لربط المجمعين ببعضهما البعض، كي يتسنى لنا وبكل سهولة وسلاسة تزويد المستثمرين الذين سيؤسسون مصانعهم في المجمع مستقبلاً بما يحتاجونه من منتجاتنا ليحولوها إلى منتجات نهائية. ■ متى يكتمل المشروع؟ لقد وصلت نسبة اكتمال المشروع إلى أكثر من 98%، وأعتقد أننا وبفضل دعم مساهمينا ومستثمرينا نسير على الطريق الصحيح لنصبح أحد اللاعبين المؤثرين في الصناعة الكيماوية، بما يسهم في نهاية المطاف في الانتقال بالمملكة نحو اعتماد أكبر على الصناعات التحويلية وفتح المزيد من الفرص الاستثمارية والوظيفية التي تدعم التنوع الاقتصادي. ■ ما تأثير الشركة من انخفاض أسعار البترول؟ نظراً لطبيعة المنتجات التي سنقوم بإنتاجها، وهي المنتجات الكيميائية المتخصصة ذات القيمة المضافة، انخفاض أسعار النفط لم تؤثر علينا حيث إن المنتجات المتخصصة تستطيع الحفاظ على الهوامش. ■ ماذا عن الطلب على المواد التي تنتجها الشركة؟ لا شك أن هناك حاجة ملحة على المواد والمنتجات التي ستنتجها الشركة، إذ إن باقة منتجات صدارة ستملأ فجوة حقيقية وكبيرة في الصناعة الكيميائية في المنطقة. فحالياً، لا تشكل نسبة المواد الكيميائية المتخصصة سوى 0.3% من إجمالي القدرة الإنتاجية السنوية الكيميائية في دول مجلس التعاون الخليجي، أما النسبة المتبقية فتذهب للمنتجات السلعية غير المتخصصة. وبالتالي ومع بدء التشغيل المرتقب لمصانع صدارة المختلفة، سنقوم وبالتدريج بملء تلك الفجوة. ■ كيف ترى مستقبل الصناعات التحويلية في المملكة؟ نحن متفائلون حول مستقبل الصناعات التحويلية وما تشهده من اهتمام ودعم متزايدين لتصبح من ركائز الاقتصاد وروافد التوظيف الرئيسية المستدامة في المملكة، وأتوقع أن تثمر هذه الجهود عن قطاع متطور وحديث يتسم بالحيوية والاستدامة والتجدد والإبداع. ■ ما المزايا التنافسية التي تتمتع بها المملكة في مجال الصناعات التحويلية ومدى استفادة «صدارة» من هذه المميزات؟ لقد ركزت «صدارة» على الاستفادة قدر الإمكان من المزايا التنافسية التي تتمتع بها المملكة، وهي تتلخص في أربعة محاور رئيسية: أولاً الموقع الجغرافي الاستراتيجي المتميز المطل على الخليج العربي والبحر الأحمر والقرب من قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا، ثم وفرة الموارد الطبيعية حيث تمتلك المملكة ما نسبته 20% من احتياطي النفط المثبت في العالم وسادس أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي، يلي ذلك البيئة الاستثمارية المواتية بما في ذلك أكبر سوق تداول في المنطقة ووجود عدد كبير من المؤسسات التمويلية، وأخيراً الثروة البشرية الشابة الهائلة من الشباب السعودي الماهر والمؤهل لشغر شتى أنواع الوظائف. أضف إلى ذلك خبرة شركتينا الأم «أرامكو» و«داو كيميكال» الطويلة والتقنيات المتطورة في مجال إنتاج وتسويق النفط ومشتقاته وصناعة الكيماويات بشتى أنواعها. كل هذه المميزات وضعناها في عين الاعتبار لبلورة رؤية شركة «صدارة» بما يكفل إحداث نقلة نوعية في قطاع الصناعات التحويلية في المملكة إن شاء الله. ■ كم عدد مصانع «صدارة» والمنتجات واستخدامها؟ يبلغ عدد المصانع التي يحتويها المجمع 26 مصنعاً، كل منها مصمم ليعالج المواد الأولية مثل النافثا والإيثان وغيرها ويحولها إلى نوع محدد من المواد الكيميائية ذات القيمة المضافة التي لا يتوفر معظمها في السوق المحلي والإقليمي إلا بالاستيراد، والتي بدورها تدخل في صناعة نطاق واسع من المنتجات الصناعية والاستهلاكية. وقد قامت الشركة بالفعل بتشغيل أول هذه المصانع وهو مصنع البولي إيثيلين الخطي منخفض الكثافة «Solution PE» الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط في شهر ديسمبر الماضي وتم إرسال الشحنة الأولى منه إلى سنغافورة في أواخر شهر ديسمبر، على أن يتم الانتهاء من أعمال التشغيل التجريبية الأولية لجميع هذه المصانع بحلول نهاية العام الحالي. ■ ماذا عن المنتجات؟ المنتجات التي سينتجها مجمع صدارة تشمل بالإضافة إلى البولي إيثيلين الايزوسيانات وايثر الجلايكول والأمينات وجليكول البروبلين وإيلاستومرات البولي أوليفين والبولي ايثيلين والبولي إيثر بوليول وغيرها من المواد الكيميائية ذات القيمة المضافة. ■ كيف ترى أهمية مجمع «بلاسكيم» ومميزاته ومدى الاستفادة منه؟ إن مجمع «بلاسكيبم» المجاور لمجمع صدارة عنصر بالغ الأهمية من رؤية المشروع، فهو كما سبق وقلت يمثل الشق الآخر من رؤيتنا المتمثلة في تحفيز تطوير الصناعات الكيميائية والتحويلية في المملكة، وبالتالي لم نقف فقط عند مرحلة إنتاج المواد الكيميائية، وإنما أيضاً العمل على توفير البنية التحتية المناسبة لتطوير قطاع الصناعات الكيميائية والتحويلية وجذب الاستثمارات إليه، وهنا تكمن أهمية مجمع «بلاسكيم». فالمجمع عبارة عن منطقة صناعية مخصصة بالكامل للصناعات الكيميائية والتحويلية، وقد حرصنا من خلاله على أن نوفر أهم المزايا التنافسية المهمة التي يبحث عنها المستثمرون مثل المرونة في سلسلة الإمداد وانخفاض الكُلَف الرأسمالية وما إلى ذلك. فمثلاً سيكون بإمكان المستثمرين - بشكل مباشر أو غير مباشر - أخذ المنتجات المتخصصة التي تنتجها صدارة والمواد الخام الأخرى التي يحتاجونها من الموردين الآخرين في منطقة الجبيل ومن ثم تحويلها إلى منتجات نهائية للاستعمال الصناعي أو الاستهلاكي. أي أن مصانع صدارة ستكون بمثابة المستودع الذي سيغذي مصانع مستثمرينا في «بلاسكيم» دون الحاجة إلى تخزين هذه المواد أنفسهم، ما يخفض رأس المال العامل لديهم بنسبة كبيرة ويعزز من قدرتهم على التنافس. كما سنقوم وبالتعاون مع الهيئة الملكية بتوفير باقة من الخدمات المشتركة المتنوعة للمستثمرين بهدف تخفيض النفقات الرأسمالية عليهم، وهو ما يعزز أيضاً من تنافسيتهم، ونعكف حالياً على تحديد ماهية وطبيعة هذه الخدمات. ■ كيف ترى المستثمرين تجاه مجمع «بلاسكيم»؟ على الرغم من أن مجمع «بلاسكيم» لم يكتمل إنشاؤه بعد، إلا أننا وجدنا تجاوباً كبيراً من قبل المستثمرين متمثلاً في توقيعنا عددا من اتفاقيات الاستثمار في المجمّع، بما في ذلك اتفاقية توريد أكسيد الإيثيلين وأكسيد البروبيلين مع شركة مصادر كيماويات الطاقة (ECSC) – وهي مشروع مشترك بين شركتي هاليبرتون وشركة طاقة لإنتاج المواد الكيميائية المستخدمة في سلسلة استخراج ومعاملة وتصفية الزيت الخام، واتفاقيتي توريد مع شركة إبراهيم أحمد الجفالي وإخوانه، الأولى منهما لتوريد مادة الميثيلين ثنائي الفينيل إيزوسيانات (MDI) لاستخدامها في أنظمة مادة البولي يوريثين المستخدمة في تطبيقات عديدة مثل الإنشاء والأثاث وأجزاء الأجهزة المنزلية، والثانية لتوريد مادة البوتيل ثلاثي جلايكول الأثير (BTG) لاستخدامها في إنتاج سوائل فرامل السيارات وغيرها من المنتجات الكيميائية التخصصية. ■ أين يصدّر الإنتاج ومدى الاستخدام محلياً؟ بما أن معظم مصانع المجمع ومجمع «بلاسكيم» لا تزال في طور الإنشاء ولم تدخل بعد في مرحلة التشغيل - باستثناء مصنع البولي ايثيلين - فإن الإنتاج سيتم تصديره إلى الأسواق الإقليمية والعالمية في المرحلة الحالية، على أن يتم وبالتدريج تصدير منتجاتنا إلى المصانع المحلية سواء تلك المتواجدة في مجمع «بلاسكيم» أو غيره من المجمعات الصناعية في مختلف أنحاء المملكة والتي ستقوم بدورها بتحويل منتجاتنا إلى منتجات نهائية للاستهلاك في الأسواق المحلية والخارجية. وفي قطاع الصناعات التحويلية فإن أول إنتاج من المنتجات المتقدمة كان من مشروع «داو للكيماويات» لإنتاج أغشية التناضح العكسي، حيث بدأ الانتاج في هذا المصنع الجديد قبل نهاية شهر ديسمبر 2015 بأيد سعودية. ويصدر أغشية التناضح العكسي إلى أسواق اوروبا وآسيا. ■ ما التقنيات المستخدمة في المصانع؟ تستخدم «صدارة» أحدث التقنيات وأكثرها تطوراً في جميع مصانعنا ومرافقنا، والتي تراعي أعلى المعايير العالمية من حيث الكفاءة الإنتاجية والصحة والسلامة البيئية بما يكفل تحقيق الاستفادة القصوى من المواد الخام، وقد حرصنا منذ البداية على تدريب الكوادر الوطنية لدينا على استخدام هذه التقنيات لنقل هذه المهارات والمعارف للكفاءات الوطنية. فعلى سبيل المثال، مصنع البولي ايثيلين الخطي منخفض الكثافة «Solution PE» يعتبر الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط حيث يستخدم تقنيات طورتها شركة «داو كيميكال»، كما أن وحدة تكسير النافثا والايثان هي الوحيدة من نوعها في المنطقة، وكذلك مصانع الايزوسيانات وايثر الجلايكول وجليكول البروبلين وإيلاستومرات البولي أوليفين والبولي إيثر بوليول جميعها تستخدم أحدث التقنيات لإنتاج مواد كيميائية ذات القيمة المضافة. ■ اهتمامكم بالسعودة، التدريب، المسئولية الاجتماعية، السلامة، وصحة البيئة؟ لا شك أن هذه الجوانب تعتبر من أولويات الشركة، ونحن نرى أن السعودة والمسؤولية الاجتماعية والسلامة والصحة البيئية جوانب مكملة لبعضها البعض تتصل بمفهوم أسمى ألا وهو الاستدامة. فنحن سبق وقلنا إننا ندرك جيداً أن لدينا التزامات وأدواراً نلعبها من منطلق المسؤولية الوطنية للشركة. وندرك أيضاً أنه بدون تمكين ثقافة الاستدامة، ستكون المكاسب التي نجنيها مؤقتة ومحدودة. وبالتالي قمنا بتأسيس هيئة تنظيمية مكرّسة للاستدامة لوضع وتنفيذ خطة الاستدامة الاستراتيجية في «صدارة» بغرض رصد ومتابعة هذه الجوانب لضمان حسن سيرها وتماشيها مع رؤية الشركة العامة، بما في ذلك استخدام الموارد بالشكل الأمثل وتخفيض تكاليف العمليات التشغيلية وتأثيرها على البيئة وما إلى ذلك. فعلى صعيد السعودة مثلاً، تبلغ نسبة السعوديين أكثر من 60% إجمالي عدد الموظفين البالغ عددهم أكثر من 4,300 موظف. ولكن تركيزنا يذهب إلى أبعد من مجرد الاكتفاء بنسبة السعودة، وإنما أيضاً على نوعية وجودة الموظفين ونقل المعرفة والمهارات إليهم. وبالتالي نفتخر بكون برنامج صدارة للتدريب على رأس العمل أحد أكبر وأكثر برامج التدريب التكنولوجية تطوراً التي شهدتها الدولة، حيث خضع ما يقارب 2,000 موظف لبرامج تدريبية مكثفة في مواقع مختلفة تابعة لشركتي «أرامكو» و«داو» داخل المملكة وخارجها لتجهيزهم بالمهارات والكفاءات اللازمة لأداء مهامهم. أضف إلى ذلك أن الشركة عضو فاعل في لجنة الرعاية المسؤولة التابعة للاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات (GPCA)، وقد تخطينا المتطلبات القانونية والتنظيمية في شتى نواحي ومراحل المشروع، بدءاً من التصميم والتخطيط وصولاً إلى الإنشاء، وقد أنجزنا ما يزيد على 450 مليون ساعة عمل بإجمالي معدل حوادث مسجّل (TRIR) بلغ 0.033 وهو معيار عالمي جديد في مجال السلامة. كما نحرص أيضاً على استخدام المنتجات الثانوية ومجاري النفايات واستخدام أفضل التقنيات في هذا المجال لتقليص استهلاك الطاقة ومخلفات المجمع الصناعي، ورفع مستوى الوعي في المجتمع المحلي حول الحفاظ على البيئة والسلامة. ■ ماذا عن التنافس في مجال إنتاج المصانع سواء في الداخل أو الخارج؟ أعتقد أن التنافس أمر طبيعي بل وصحي، فهو يدفع الشركات للاستثمار في التطوير والأبحاث للحفاظ على مزاياها التنافسية وحصتها السوقية، الأمر الذي يدفع عجلة التطور والإبداع إلى الأمام. ولكن بشكل عام، أعتقد أن المصانع الكيميائية في المملكة تقوم على مبدأ التكامل، إذ إن كل منا متخصص في إنتاج نطاق معين من المواد والمنتجات. هذا بالنسبة للداخل، أما بالنسبة للخارج فإننا بطبيعة الحال نتطلع لأن تكون المنتجات السعودية متواجدة في الأسواق العالمية ومنافسة حقيقية للشركات العالمية الأخرى. ■ شاركتم في عدد من المؤتمرات داخليا وخارجيا.. ما تأثير ذلك على «صدارة» تطويرياً وتسويقياً؟ تحرص شركة صدارة على المشاركة الفاعلة في المؤتمرات الداخلية والخارجية ذات الصلة، فهي تمكننا من استعراض قصتنا كشركة سعودية ذات رؤية طموحة وتبادل الخبرات والتجارب أمام الشركات الرائدة محلياً وإقليمياً وعالمياً والاطلاع على أحدث التوجهات في مجالنا، بالإضافة إلى ما توفره هذه المؤتمرات في بناء العلاقات مع الجهات الرسمية والشركات الخاصة لا سيما على الصعيد الدولي، وكل هذا في النهاية يسهم في دعم اسم صدارة والارتقاء بأدائنا وعملياتنا. المهندس اللبان يتحدث ل ^ أحد مصانع الشركة