تمر مدينة الرياض حاليا بمرحلة تغيير كبيرة في بنيتها التحتية التي تخص النقل، فمشروع مترو الرياض – بعد اكتماله – من المتوقع له أن يغير النظام الحالي للنقل داخل المدينة الذي يعتمد تماما على السيارة، حيث سيكون بقدرة السكان التنقل بسهولة بين أطراف المدينة باستخدام قطارات المترو والحافلات، وحسب ما نشره مركز المشاريع والتخطيط التابع للهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، فإنه سوف يكون باستطاعة أي فرد أن يستدعي إحدى الحافلات الصغيرة التي ستقله من باب منزله إلى أقرب محطة حافلات أو محطة مترو، وكذلك في رحلة العودة. هذا النظام، سوف يوفر للسكان التنقل براحة وامان بين اطراف المدينة، وسوف يؤثر تأثيرا إيجابيا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وسوف ينقل مدينة الرياض إلى مصاف مدن الدول المتقدمة. إن تشغيل هذا النظام بكفاءة يتطلب تغييرات كثيرة في البنية التحتية لشبكة الطرق، وإيجاد نظام فاعل لمواقف السيارات وشبكة من أرصفة المشاة داخل الاحياء السكنية والمناطق التجارية، وفوق هذا كله إيجاد جهاز فني متمكن يقوم بإدارة هذا النظام بصفة مستمرة ومراقبة أدائه وإجراء التغييرات المطلوبة بين حين وآخر، إضافة إلى التطوير المستمر للنظام ليواكب النمو العمراني والاقتصادي للمدينة. مثل هذه المتطلبات لا أعتقد أنها تخفى على المسؤولين في مركز المشاريع والتخطيط الذين يشرفون على تنفيذ هذا المشروع الجبار بكفاءة عالية، وكما سمعت، فإن المركز قد قام بتوظيف اكثر من 800 مهندس يعملون حاليا مع الشركات المنفذة والمركز. لكي تتم إدارة النقل بمدينة الرياض بصورة فاعلة، فإنه لا بد من أن تكون الإدارة له إدارة شاملة لكافة عناصر نظام النقل، من مترو وحافلات وشبكة شوارع وسيارات أجرة ومسارات خاصة بالدراجات وأرصفة مشاة. لذا فإن الوقت مناسب الآن لكي يتم إنشاء هيئة خاصة بالنقل في مدينة الرياض (هيئة نقل الرياض) تأخذ على عاتقها إدارة نظام النقل بالمدينة، بحيث تكون هي الجهة المسؤولة - بالتنسيق مع أمانة الرياض والهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض - عن ادارة وتنفيذ نظام النقل ومتابعة وإدارة حركة المرور في المدينة بصفة مستمرة، والتدخل لحل أي إشكالات قد تطرأ سواء كان ذلك في نظام النقل العام أو شبكة الطرق وجمع وتحليل المعلومات الخاصة بالنقل، منها ما هو متعلق بحركة السير والحوادث المرورية وما هو متعلق بخصائص النقل الحضري بشكل عام، والعمل على إيجاد نظام لمواقف السيارات والإشراف على تنفيذه وإدارته وتشجيع القطاع الخاص للاستثمار في بناء المواقف وأنظمة النقل العام، كما يقترح أن تبدأ هذه الهيئة عند إنشائها باستقطاب مئات المهندسين الذين يعملون حاليا في مشروع المترو وغيرهم، للعمل في الهيئة وتدريبهم في مجالات هندسة النقل والمرور ليكونوا بذلك المحرك الرئيس لعجلة نظام النقل في هذه المدينة الكبيرة والهامة. إن وجود هذه الهيئة لن يتعارض مع ما تقوم به أمانة مدينة الرياض أو مركز المشاريع والتخطيط، فأمانة الرياض لديها ما يكفيها من الاعمال الهامة على المدى البعيد واليومي، كما أن مركز المشاريع والتخطيط سوف يكون ايضا منشغلا بالمشاريع التطويرية بالمدينة، إضافة إلى أن مثل هذا التنظيم غير موجود حاليا. لا مناص من إيجاد جهة مستقلة تتولى هذا العمل الجبار وتكون هي المسؤولة عن التنسيق مع الجهات الحكومية الاخرى في كل ما يخص النقل، مثل أمانة الرياض، الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، الإدارة العامة للمرور، هيئة النقل العام وجهات عدة اخرى حكومية وخاصة. إن العمل على ايجاد هذه الهيئة الآن - قبل اكتمال اعمال المترو - سوف يجعلها قادرة على الاضطلاع بمسؤولياتها من اليوم الاول، فهي بحاجة إلى ان تبدأ بالتدريب وإجراء المسوحات الميدانية وتجميع المعلومات ومراجعة الانظمة المتعلقة بالنقل. هذه الهيئة يمكن إنشاؤها بحيث تكون جهازا مستقلا يديره مجلس إدارة يرأسه أمير المنطقة وبعضوية أمين الرياض ورئيس مركز المشاريع والتخطيط ومسؤولين من القطاعات الاخرى ذات العلاقة المباشرة بالنقل مثل إدارة المرور وهيئة النقل العام وغيرها. أتمنى من صاحب السمو الملكي أمير منطقة الرياض ومعالي وزير الشؤون البلدية والقروية ومعالي أمين مدينة الرياض، النظر إلى هذا الاقتراح وامكانية تنفيذه في مدينة الرياض ومدن مملكتنا الاخرى التي هي أيضا بحاجة إلى إيجاد مثل هذه الهيئة.