أثار الامتياز الأمريكي المتمثل في قدرة الولاياتالمتحدة على سداد التزامتها المالية بالعملة التي تقوم بطباعتها (الدولار) بتكلفة حدية تساوي "صفر" جدلاً واسعًا منذ ستينيات القرن الماضي. وأشار تقرير نشرته "سي إن بي سي" إلى حدوث عدة محاولات، منذ ذلك الحين للحصول على عملة عالمية بديلة للدولار الأمريكي، لتبرز إحدى المحاولات في استحداث ما يسمى حقوق السحب الخاصة، والتي تمثل وحدة حساب لصندوق النقد الدولي. حقوق السحب الخاصة تتكون سلة حقوق السحب الخاصة حاليًا من الدولار الأمريكي، واليورو، والجنيه الإسترليني، والين الياباني، بالإضافة إلى اليوان الصيني الذي تم الموافقة على انضمامه في نهاية العام الماضي. كما خصص صندوق النقد الدولي بنهاية العام الماضي حوالي 204.1 مليار وحدة من حقوق السحب الخاصة، ما يعادل 287.6 مليار دولار للبلدان الأعضاء في الصندوق، ما يمثل 3.4% فحسب من إجمالي الاحتياطات التي يحتفظ بها الصندوق، وتناول اجتماع عقد في الأسبوع الماضي بحضور 30 مسؤولا ماليًا في مجموعة العشرين، بالإضافة إلى مسؤولين في صندوق النقد الدولي ومنظمات دولية موضوع حقوق السحب الخاصة كأصل احتياطي بديل للدولار الأمريكي، ومن المقرر أن يتم طرح موضوع حقوق السحب الخاصة في اجتماع مجموعة العشرين المقبلة في مدينة "هانغتشو" الصينية في سبتمبر، بالإضافة إلى موضوع التدفقات النقدية. مخاوف وعقبات تأتي إعادة فتح هذا الخلاف القديم الآن مع قلق بعض البلدان ومنها الصين من أن اعتماد النظام الدولي على العملات الوطنية خاصة الدولار الأمريكي قد يؤدي إلى أزمات وعدم استقرار مسقبلي، وترى بعض الدول أن إقرار حقوق السحب الحاصة كوحدة احتياط مركبة من شأنه حماية العالم من الصدمات في المستقبل، و تظهر عقبات لاستخدام حقوق السحب الخاصة، حيث تساءل التقرير عن كيفية مقايضة احتياطات السحب الخاصة حول العالم بمخزون السلطات النقدية من سندات الخزانة السائلة والبالغ 4.1 تريليون دولار، كما تساءل التقرير عن كيفية فرض حقوق السحب الخاصة في البلدان الراضية بالسيولة الهائلة والبنية التحتية المالية المعتمدة على الدولار كاحتياطي. الحاجة لعملة مستقرة كان من الممكن أن يكون اليورو منافسًا وحيدًا للدولار كعملة احتياط دولية، إلا أن هذا الاحتمال قد تراجع الآن مع المخاطر الاقتصادية والسياسية الأوروبية، ويبرز هذا الخلاف الدائر حاليًا رسالة إلى الولاياتالمتحدة مفداها أن الاقتصاد العالمي بحاجة إلى عملة عالمية حقيقية، لأن المدخرين والمستثمرين بحاجة لوحدة حسابية مستقرة، ووسيلة مقبولة بشكل واسع، ومخزون موثوق للقيمة، ولا يمكن لوحدة حقوق السحب الخاصة أن تلبي هذه المطالب خلال الفترة الحالية أو في المستقبل المنظور، كما أن اليورو يظل غير قادر على أن يحل بدلا من الدولار كعملة احتياط دولية. دور الاحتياطي الفيدرالي لا يجب أن تسفر هذه الحقائق عن حالة من الرضا أو الثقة الزائدة للسلطات الأمريكية، مع ضرورة التوقف عن حث الاحتياطي الفيدرالي على طباعة مزيد من الاموال لدعم أسواق الأسهم، ويجب على الفيدرالي الأمريكي أن يدير عملة صادقة توفر قدرة شرائية مستقرة بدلا من حالة عدم اليقين الدائم، ودورات الأعمال المتقلبة، مع الحاجة لنظام أسعار مستقر ذي مصداقية يوفر قدرة للمستثمرين والمدخرين على التنبؤ الواثق بتكاليف الائتمان، ومن شأن اتخاذ الاحتياطي الفيدرالي تدابير تدفع لاستقرار العملة والأسعار أن توقف الشكاوى الخاصة بتهديد نمو الأسواق الناشئة بسبب السياسة النقدية المتشددة التي بدأ البنك في انتهاجها مؤخرًا، بعد سنوات من التيسير الكمي، ويشير التقرير إلى أن الاحتياطي الفيدرالي لا يجب أن يضحي بالمصالح الوطنية الأمريكية من أجل إدارة عملة عالمية، حيث إن الاحتياطي الفيدرالي يقدم خدمات أفضل للاقتصاد العالمي من خلال حفاظه على استقرار الأسعار وارتفاع النمو والتشغيل. كما لا يمكن لحقوق السحب الخاصة أو أي استحداث مالي آخر أن يتغلب الآن أو في المستقبل المنظور على السيولة والبنية التحتية المصرفية العالمية الكبيرة التي يقدمها الدولار الأمريكي، وتحتاج الدول إلى الدولار الأمريكي كعملة احتياط سائلة وقابلة للاستبدال بشكل واسع من أجل استخدامها في احتياطاتها النقدية أو تسوية التزامتها مع باقي دول العالم، والذي يظل الاحتياطي الفيدرالي مطالبا بتحدي هذه المخاوف والاستمرار في جهود تطبيع الأوضاع المالية بعد سنوات من إصلاح الضرر الذي تسبب فيه الكساد العظيم وأزمات نظام الائتمان.