عزا مسؤولون في قطاع السيارات بالمملكة أسباب عدم انخفاض أسعار السيارات بالمملكة رغم تراجع أسعار النفط إلى غياب المؤشر الاقتصادي العام الذي يستجيب للمتغيرات الداخلية والخارجية؛ بسبب عدم التنسيق بين من يملكون المعلومة والمؤسسات المختلفة من قطاعات حكومية وبنوك ووكلات لبيع السيارات الذين يعدون محركا لهذا المؤشر الهام، وبالتالي لا توجد أية انعكاسات على أسعار السيارات التي يفترض أن تنخفض؛ استجابة للمتغيرات الحالية. تراجع المبيعات قال رئيس لجنة السيارات بغرفة الشرقية هاني العفالق: إن تراجع أسعار السيارات لا يمكن أن يبنى على سياسة تتراوح فترتها الزمنية من شهر إلى شهرين، وإنما على مؤثرات تجعل الانخفاض مرحلياً ويصل إلى فترة سنة، مثل تغير أسعار صرف العملات. وبالنسبة لعرض سيارات كثيرة للبيع في السوق وعدم شرائها من قبل المستهلكين بالفترة الحالية أكد أن أغلب مبيعات السلع المعمرة والتي منها السيارات متراجعة نوعا ما؛ لأن قرار شراء السيارة بالنسبة للمشتري قابل للتأجيل وليس فوريا، خصوصا أن أغلب السيارات الأمريكية المستخدمة المستوردة تعتبر سيارات عائلية ولا تخص الشباب، كما أن هذا القرار يعتبره الكثير غير مناسب في الوقت الحالي. وأشار إلى أن السلع المعمرة هي أولى السلع التي تتأثر نتيجة أية ظروف اقتصادية، والتي من بينها الركود الاقتصادي وتراجع أسواق الأسهم؛ نتيجة الهبوط الذي تعيشه حاليا، موضحا أن قرار منع دخول السيارات التي تستهلك وقودا عاليا في طريقه إلى التطبيق وسيؤثر على حركة السوق؛ لأن كثيرا من السيارات التي يفضلها المستهلك لن يجدها في السوق المحلي مستقبلا. وأضاف العفالق: إن قرار منع دخول السيارات المخالفة لاقتصاد الوقود سيؤثر على المستهلك وعلى موردي السيارات وحتى الأسواق الخليجية المجاورة التي يفضل الشراء منها كثير من المواطنين السعوديين، كما أن الغريب في هذا القرار أنه يمنع استيراد السيارات المستخدمة التي تستهلك نسبة وقود عالية وفي نفس الوقت يسمح بدخول السيارات الجديدة من نفس الأنواع الممنوعة، مقابل أن الموردين يعدون بالالتزام بتوريد سيارات بكفاءة طاقة أقل من باب التوازن، ومن هنا نتساءل: لماذا تم البدء في تطبيق هذا النظام على السيارات المستخدمة وليست الجديدة؟، مبينا أن الهيئة السعودية للمواصفات لم تشرك أي جهة معها سواء كان من الغرف التجارية أو رجال الأعمال فيما يخص هذا البرنامج وأسبابه ومراحل تطبيقه. وأكد العفالق أن سوق السيارات الجديدة نما بنسبة 5% في عام 2015م والسيارات المستخدمة زاد عدد مبيعاتها بحوالي 45 ألف سيارة عن السنوات السابقة، ولكن من المؤكد أن التراجع في المبيعات الحالي خلال الثلاثة الشهور الماضية حاصل، خصوصا بعد تراجع أسعار النفط والقرارات الصادرة مؤخرا بحق السيارات المستخدمة التي تستورد من الخارج. تكاليف الإنتاج وأوضح عضو اللجنة الوطنية لوكلاء السيارات بالمملكة منصور العدوان أنه إذا قل الطلب على السيارات الجديدة فإن أسعارها سترتفع؛ لأن الإنتاج يزيد وتكلفته ترتفع في نفس الوقت. وفيما يخص تراجع أسعار المواد الأولية نتيجة انخفاض أسعار النفط قال العدوان: إن المواد الأولية المشتقة من البترول مثل البلاستيك وبعض المعادن لا تمثل إلا حوالي 20% من مكونات السيارة، وإذا كان سعرها منخفضاً فإنها لن تؤثر على أسعار السيارات؛ لأن ارتباطها لا يشكل حجما كبيرا من قيمة السيارة. وأضاف إن استمرار انخفاض أسعار النفط إلى منتصف السنة الحالية قد يؤدي إلى مواصلة انخفاض المواد الأولية، كما أن الشركات ستبدأ بالاستعداد للعمل في عام 2017م من خلال إبرام العقود المخفضة، مؤكدا أنه تم دخول أكثر من 700 ألف سيارة جديدة إلى المملكة في عام 2015م، وكذلك تم بيع حوالي 878 ألف سيارة ركاب. وتوقع العدوان أنه سيكون في سوق المملكة للسيارات انخفاض نوعا ما؛ نتيجة تراجع الطلب من قبل الشركات المرتبطة بالقطاع الحكومي؛ بسبب تأجيل بعض العقود الحكومية. إشاعات وألاعيب وأكد نائب رئيس لجنة السيارات بغرفة الشرقية يوسف الناصر أن حركة التداول في السوق تراجعت قليلا عن الفترات السابقة بسبب الإشاعات التي يتم بثها في السوق مثل تدهور الأسعار نتيجة رفع الدعم عن سعر الوقود، وهذا جعل المستهلكين يتراجعون عن الشراء ترقبا لذلك. وأوضح أن تراجع مبيعات السيارات المستخدمة عن العام الماضي بنسبة 40% ليس بسبب رفع الدعم عن الوقود بدليل أن هناك مستهلكين ما زالوا يفضلون شراء السيارات التي تبلغ سعة محركاتها 8 سلندرات، وإنما بسبب الإشاعات التي تملأ السوق حاليا وتشمل أيضا السيارات الجديدة. وعن وجوب تراجع أسعار السيارات بسبب تراجع أسعار النفط والانكماش الاقتصادي العالمي أكد الناصر قائلا: من المفروض أن تتراجع أسعار السيارات الجديدة عالميا؛ لأن كثيرا من المواد الأولية التي تدخل في الإنتاج وأغلبها من مشتقات النفط تراجعت أسعارها، ولكن لا يزال الوضع كما هو. وأشار إلى أن قرار منع دخول السيارات التي تستهلك وقودا عاليا لم يؤثر على حركة السوق، مع أنه من المفروض أن يرفع الأسعار السيارات المستخدمة؛ بسبب منع دخول السيارات التي عليها عليها طلب كبير والذي سيؤدي إلى ندرتها في السوق، مؤكدا أن العاملين في جميع القطاعات العسكرية لهم دور كبير في تراجع مبيعات السيارات؛ لأن أغلبهم مرابطون في أعمالهم ولا يفكرون في شراء سيارات بالوقت الحالي. وبين الناصر أن سوق السيارات المحلي يعاني كثيرا في الفترة الحالية؛ بسبب تخوف المستهلكين من الشراء حاليا، ولكن من المتوقع أن يتحسن الوضع مع بداية الربع الثاني للعام الجاري. غياب التنسيق من جهته، أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور محمد القحطاني أن وزارة التجارة لم تتخذ أية إجراءات احترازية أو معلوماتية تتميز بشفافية عالية من شأنها أن تستجيب للمتغيرات الاقتصادية سواء كانت داخليا أو خارجيا. وقال: إن المؤشر الاقتصادي العام مفقود؛ لأن هناك نقصا في المعلومات، ولعدم وجود تنسيق وتكامل بين من يملكون المعلومة والمؤسسات المختلفة من قطاعات حكومية وبنوك ووكلات لبيع السيارات الذين هم محرك للمؤشر الاقتصادي، ولكن الملاحظ أن الكل يعمل في بيئة منفردة، وبالتالي لا نجد أية انعكاسات سواء كانت إيجابية أو سلبية على مؤشرات السوق مثل سوق السيارات الذي يفترض أن تنخفض أسعاره؛ استجابة للمتغيرات الحالية. وأضاف القحطاني: إن البنوك السعودية تقوم بشراء السيارات؛ بهدف تقسيطها على عملائها، والتجار يهتمون فقط للأرباح الفاحشة ولا يهتمون تماما بالمتغيرات الاقتصادية التي تحتم انخفاض الأسعار، كما أن المؤسسات الحكومية مثل وزارة التجارة لا تحقق في سبب ارتفاع فواتير مستوردي السيارات وغيرهم؛ لأنها مرتبطة بقطاعي التجارة والصناعة في آن واحد، ومصلحة الجمارك لا تحرص على أن تكون لديها معلومات دقيقة عن الأسعار من جميع الشركات المصنعة للسيارات بالعالم ولا تزال تعتقد هي والجهات المسؤولة الأخرى بأنها غير معنية بالأمور التجارية الأخرى، ولهذا نجد أن غياب التنسيق بين هذه الأدوات الضرورية والمحركة لسوق واقتصاد المملكة يعد سببا في عدم انخفاض أسعار السيارات والسلع الغذائية وسلع الصناعات التحويلية، مؤكدا أنه يدخل إلى المملكة سنويا أكثر من 500 ألف سيارة بقيمة تصل إلى 250 مليار ريال (متوسط سعر)، ويجب أن تنخفض أسعار هذه السيارات إلى 30% أي بما يعادل 7.5 مليار ريال من القيمة الإجمالية.