هما (قُسَنطينَة) الجزائرية، و(صفاقِس) التونسية.. المدينتان العربيتان اللتان حملتا بجدارة حقيبة (عاصمة الثقافة العربية) للعام 2015، و2016 م بالتتالي، شأنهما شأن مدن وعواصم عربية أخرى حملت المهمة نفسها لأعوام سلفت، وكان العام 2000م - إن كنتم تتذكرون - هو نصيب عاصمة مملكتنا الحبيبة الرياض لهذه الصفة الاعتبارية المستحقة. وقبل المضي في أغوار الموضوع أود الإشارة والإشادة بصفحة (الرأي) في جريدتنا الحبيبة (اليوم) لأن من حسناتها الكثيرة بإشراف (نواخذتها) استقبالها عددا من الموضوعات المتنوعة التي تجعل القارئ - وهو الغاية الأولى للجريدة - يَتَنَقّل من موضوع لآخر ، وفق توجّه وخط الكاتب الذي يقرأ له، وحِرْص الكُتّاب كلهم - في الوقت نفسه - على الاستمرار في ذلك التنوع. فمن كاتب إسلامي ، إلى كاتب سياسي ، إلى ثالث اقتصادي، إلى آخر علمي، إلى تربوي، إلى سياحي وأدبي، إلى اجتماعي ورياضي وثقافي ... إلخ ، وهذا - بلا شك - أحد أبرز أهداف رئيس التحرير والجنود المجهولين الذين معه، كما يساهم في إثراء الجريدة، ويجعلها محل اهتمام دائم وسؤال وبحث من القراء. * ما علينا .. شَطّ بنا القلم لنكتب هذه المقدمة الاعتراضية، ونعود للعاصمتين الثقافيتين .. وحقيقة .. فكل واحدة منهما حبلى بتاريخ طويل عريق وزاخر ، وتحتاج إلى مقالات طويلة. فقسنطينة لوحدها .. لا يغطي جانبا واحدا منها مساحة هذا المقال. وكان اسمها القديم (سيرتا) وهو الاسم المشهورة به بعد اسمها الحالي، كما تسمى مدينة الجسور المعلقة، وعامّة الجزائريين يسمونها بلهجتهم المحلية الحالية (قُصَمطينة). وتقع هذه المدينة - التي تعد من كبريات المدن الجزائرية تعدادا - في الشمال الشرقي القريب من تونس على الخريطة الجزائرية ، ولهذا يطلقون عليها أيضا عاصمة الشرق الجزائري، وتأسيس قسنطينة ينسب إلى التجار الفينيقيين والرومان. ومع دخول المسلمين شمال أفريقيا عرفت هذه المدينة نوعاً من الاستقلال فكان أهلها يتولون شؤونهم بأنفسهم حتى القرن التاسع. وتزخر قسنطينة بمعالم وآثار كثيرة جدا أهمها: مقابر عصر ما قبل التاريخ الفخمة، وتقع في قمة جبل سيد مسيد، في المكان المسمى نصب الأموات، حيث شيدها أهاليها القدماء. * كهف الدببة : ويبلغ طوله نحو 60 م ومكانه الصخرة الشمالية للمدينة. * باب سيرتا : هو معلم أثري ويرجح أنه كان معبداً، ويعود تاريخ اكتشافه إلى عام 1935، ويعتقد أنه بني حوالي سنة 363 م وغيرها من المعالم الكثيرة، حيث آثار الحضارات التي تعاقبت عليها شاهدة إلى اليوم تحاكي عصورا وحِقَبا من التاريخ. واللافت للانتباه أن قسنطينة مازالت تعيش احتفالاتها وبرامجها المدرجة على قائمة أنشطة العاصمة الثقافية للعام 2015م، ومن ذلك إقامة مهرجان (أماسي سيرتا للشعر) الذي يقام في الأسبوع الأخير من يناير الجاري، ويشارك فيه عدد من شعراء المملكة والخليج والدول العربية برعاية وزارة الثقافة الجزائرية. * أما صفاقس : فهي مدينة تونسية تقع على خليج قابس، وهي مركز ولاية قابس، وتعتبر عاصمة الجنوب التونسي رغم أنها تقع في وسط البلاد، ذلك لأنها ثاني أكبر المدن التونسية في المساحة وعدد السّكّان. وتُعرف صفاقس بنشاطها الثقافي المميّز الّذي أهّلها لكي تكون عاصمة للثّقافة العربيّة للعام الميلادي الحالي 2016. وحسب المصادر التقنية، فإن الروايات تختلف حول تسمية مدينة صفاقس، فبين من ينسبها إلى القائد الأمازيغي (سيفاكس) ومن يروي أسطورة عربيّة عن خادم اسمه صفا قيل له : يا صفا .. قُصّ .. فأصبحت صفاقس منذ ذلك العهد. وأصل إلى ختام الموضوع لأذْكُر أنه من الجميل أن يكون للثقافة عاصمة عربية كل عام، حتى لو كانت الاستفادة أو المردود المعنوي والإبداعي من ذلك .. هو الحد الأدنى، في خضم البيروقراطيات التي تصاحب - في الأغلب - تنفيذ برامج عاصمة الثقافة .. المهم أن الثقافة شكلا ومعنى .. حاضرة طوال العام. لمحة : * سيدتي الجميلة القابعة في القصيدة .. أنت عاصمة الثقافة لقلبي طول العمر.