مشكلة الأمازون الأكبر ليست وولمارت أو أي متجر تجزئة آخر. إنها مشكلة عادية وفقاً لمعايير أقطاب التكنولوجيا الذين يتركز طموحهم على استعمار كوكب المريخ.. المشكلة هي أن طلب قميص عبر الإنترنت هو نعمة صافية، لكن توصيل هذا القميص إلى باب الزبون هو بمثابة حرب. لننظر إلى الوجوه المذعورة لسائقي شركة يو بي إس في هذا الوقت من العام.. إنهم عملياً يدخلون ويخرجون من شاحناتهم المليئة بالطرود لتوصيل مجموعة كبيرة من طلبات التجارة الإلكترونية.. شبكات التوصيل القائمة يجتاحها طموحات الرئيس التنفيذي للأمازون، جيف بيزوس، ورغبة الناس لشراء المزيد من السلع بدون عناء الابتعاد عن مقعدهم. الأمازون تُريد بشكل متزايد تدخلاً مباشراً في المسار من الشراء بنقرة واحدة إلى الشارع الرئيسي.. وهناك مشروع الطائرة بدون طيار، الذي فكرت فيه الشركة، والذي هو الآن حيلة تسويقية أكثر مما هو واقع.. تُعيّن الأمازون موظفيها أو المقاولين من أجل عمليات توصيل مُستعجلة إلى أعضاء برنامج "برايم" في مدن مُختارة. واختبرت الأمازون استخدام شاحنات التوصيل الخاصة بها، إما للتنقّل بين مستودعات الشركة أو للطرق المؤدية إلى منازل المتسوّقين. وفتحت الشركة عشرات المراكز لترتيب الطرود من أجل تنظيم عمليات التوصيل، كما وسّعت عدد المستودعات بنسبة 13 بالمائة، لجعل السلع أقرب إلى المراكز السكنية. وقال كبير الإداريين الماليين في الأمازون: إن مراكز الفرز تسمح للشركة "بالسيطرة على المزيد من شُحناتنا لفترة أطول". السيطرة على عملية التوصيل هي هاجس الأمازون.. الآن تتفاوض الشركة لاستئجار 20 طائرة بضائع، وذلك وفقاً لصحيفة سياتل تايمز، مرة أخرى مع طموح الحصول على سيطرة ذاتية أكبر على جزء من مسار التوصيل الذي عادةً ما تتعامل معه شركات شحن مثل يو بي إس وفيديكس. حتى لو لم تتجاوز مبادرات التوصيل الذاتي للأمازون المرحلة التجريبية، فلديها ميزة لإبقاء الضغط على شركات النقل البحري لعدم ارتكاب أخطاء. الأمازون لا تستطيع تحمّل تكرار ما حدث في عيد الميلاد لعام 2013، عندما أربكت طرود العطلة شركتي يو بي إس وفيديرال إكسبريس وقامت بجزء من عمليات التوصيل بعد فترة لا بأس بها من انتهاء عيد الميلاد. وقد اضطرت الأمازون لتقديم بطاقات هدايا لبعض الزبائن للتعويض عمّا حدث. وعندما سُئل المسؤولون التنفيذيون في الأمازون علناً عن شركاء الشركة في مجال توصيل الطرود، كانوا يميلون للقول: إنهم سعداء فيما يتعلق بعلاقاتها الحالية مع شركات الشحن، لكن وراء الأبواب المغلقة، إنها قصة مختلفة. حتى بدون الشراء الجماعي للطائرات والشاحنات والناقلات، عملية إعداد الطرود والتوصيل تُصبح أكثر كُلفة على الشركة. وتكاليف التنفيذ في الأمازون - إنفاق الشركة على مراكز إعداد الطرود والتوزيع والمصاريف ذات الصلة - كانت 8.87 مليار دولار في الأشهر التسعة التي انتهت في الثلاثين من سبتمبر، أو 12.4 بالمائة من صافي مبيعات الشركة في تلك الفترة. وفي عام 2012، كانت 10.5 بالمائة من صافي المبيعات. كما أن تكاليف الشحن في الأمازون ترتفع من 8.4 بالمائة من الإيرادات في عام 2012 إلى 11.7 بالمائة في الأشهر الثلاثة التي انتهت في الثلاثين من سبتمبر. وإذا كانت الأمازون بحاجة لاستثمار المزيد في جهود توصيل الطرود الخاصة بها، فإن الأرباح الهزيلة للشركة ستُصبح هزيلة أكثر بكثير.. مستثمرو الأسهم في الوقت الراهن سعداء بتضحية الأمازون بالأرباح وضخ هذه الأرباح في توسيع أعمالها، لكن تسامح وول ستريت مع مثل هذا الإنفاق مُتقلّب. قد لا يكون هناك خيار آخر أمام الأمازون. وفي أسواق النمو المُحتمل الكبيرة خارج الولاياتالمتحدة، وخاصة في الهند والصين، توصيل الطرود هو أمر أكثر صعوبة بكثير بالنسبة للأمازون والشركات المحلية المنافسة لها، بما في ذلك "فليبكارت" في الهند. وباستثناء الأمازون، البنية التحتية القائمة تُعتبر بمثابة مأزق كبير بالنسبة لشركات التكنولوجيا التي تهدف للهيمنة العالمية. واتصال الإنترنت المنزلي الأقل من حيوي هو مشكلة كبيرة بالنسبة لشركة نيتفليكس. وفيسبوك ويوتيوب يُريدان بشدّة الوصول إلى كل هاتف خلوي في العالم، لكنهما يواجهان المشاكل مع اتصال الإنترنت الضعيف أو المُكلف. وعندما بدأت الأمازون، كان تركيزها على الأمور الصغيرة، والآن تحدّي الشركة هو الجمع بين شبكات الحوسبة وعادات التسوّق الحديثة للقرن الحادي والعشرين مع البنية التحتية القائمة التي ورثناها من القرن العشرين. والتوفيق بين الأمرين لن يكون أمراً سهلاً أو رخيصاً.