في عامه ال100 أبو الشعوف يواصل الزراعة    3095 شخصا تعرضوا للاختناق ثلثهم في مكة    السعودية تستورد 436 ألف كيلو جرام ذهبا خلال 4 سنوات    كرات ثلج تحطم رقم Guinness    سورية: تهدئة بعد اشتباكات دامية في حلب    لبنان يستكمل دراسة مشروع قانون الانتظام المالي واسترداد الودائع    جدة تستضيف نهائيات دوري أبطال آسيا للنخبة 2026    الجولة 13 بدوري يلو.. الأنوار يستقبل الباطن والبكيرية يواجه العربي    ساخا أبرد بقعة على الأرض    القيسي يناقش التراث الشفهي بثلوثية الحميد    الضحك يعزز صحة القلب والمناعة    المشروبات الساخنة خطر صامت    نجاح أول عملية للعمود الفقري بتقنية OLIF    التضامن الإنساني من القيم إلى صناعة الاستقرار    دوري أبطال الخليج .. التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الشباب والريان القطري    فلتعل التحية إجلالا وإكبارا لرجال الأمن البواسل    القبض على 3 يمنيين وسوداني في نجران لترويجهم (21) كجم "حشيش"    نتنياهو أمام فضيحة التهرب من المسؤولية وتفاقم عنف المستوطنين    أمير حائل يستقبل وفد منظمة الصحة العالمية    مسارات خاصة لكبار السن وذوي الإعاقة في المسجد الحرام    نائب وزير الحرس الوطني يدشّن الشعار الجديد لطيران الحرس الوطني    مجلس الشورى يطالب جامعة الجوف بمراجعة سياسات القبول لدعم فرص أوسع بالبكالوريوس    الجيش الأوكراني يعلن انسحابه من بلدة سيفرسك في شرق البلاد    "الشؤون الإسلامية" تنفّذ ورشة تدريبية حول توظيف الذكاء الاصطناعي في خدمة المنبر والخطابة    برعاية سعودية.. توقيع اتفاقية لتبادل 2900 أسير في اليمن    عندما تنمو الصناعة ينمو الوطن    بنك التنمية الاجتماعية يوقّع 11 اتفاقية ويقود شراكات لتمكين رواد الأعمال وتسريع نمو الشركات الناشئة    نائب وزير الخارجية يستقبل سفير جمهورية فرنسا لدى المملكة    أمير المنطقة الشرقية يستقبل سفير جمهورية باكستان الإسلامية لدى المملكة    أمير الجوف يرأس اجتماع اللجنة العليا لدعم تنفيذ المشاريع والخدمات للربع الثالث 2025    "الأمن الغذائي" على طاولة نقاشات منتدى الجوف الزراعي الدولي في يومه الثاني    أمير الرياض يرعى الاثنين المقبل حفل الزواج الجماعي التاسع بجمعية "إنسان"    المدينة المنورة تحتضن افتتاح مركز الأمير محمد بن سلمان العالمي للخط العربي    أصدرت أمانة منطقة تبوك، ممثلةً في وكالة التراخيص والامتثال    كونتي بعد التتويج: تجربتنا في السعودية رائعة.. ومدينة نابولي سعيدة بهذا اللقب    جدة تستضيف نهائيات دوري أبطال آسيا للنخبة 2026    الجولة 13 تنطلق الأربعاء.. الإثارة متواصلة في دوري يلو    جامعة الأميرة نورة تفتح باب التسجيل في برنامج التسجيل المزدوج لطالبات الثانوية        افتتاح المتنزه سيشكل نقلة نوعية.. الداود: القدية وجهة عالمية للترفيه والرياضة والثقافة    أمير المدينة يشيد بدور مجلس التمور    الوقت كالسيف    ب "علينا"… علي عبدالكريم يستعيد عرش الأغنية الطربية    استعراض التخلي    الذكريات.. أرشيفنا الذي لا يغلق    الاستعداد للامتحان    الكلام    «نسك حج» المنصة الرسمية لحجاج برنامج الحج المباشر    «النيابة»: يحظر ترك الحيوانات خارج الأماكن المخصصة لها    أكد الالتزام بمرجعيات المرحلة الانتقالية.. العليمي يدعو المجلس الانتقالي لتغليب الحوار    تخريج دفعة جديدة بمعهد الدراسات للقوات الجوية بالظهران    أوميغا- 3 والحوامل    18 ألف جنيه إسترليني تعويضاً عن ركل سائح    أمير جازان يستقبل رئيس جامعة جازان الدكتور محمد بن حسن أبو راسين    انطلاق تصفيات مسابقة الملك سلمان لحفظ القرآن في جازان    «الشؤون الإسلامية» في عسير تنفذ 30 ألف جولة رقابية    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين الشريفين.. وزير الدفاع يقلد قائد الجيش الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز    إنفاذًا لأمر خادم الحرمين الشريفين.. سمو وزير الدفاع يُقلِّد قائد الجيش الباكستاني وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الممتازة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نحارب الفساد؟ (2-3)
نشر في اليوم يوم 21 - 12 - 2015

أَمِن الفسادِ طغيتَ نهرَ السِّينِ؟ أم لستَ في دُنيا ولا في دِينِ؟
«جبران خليل جبران»
بالرغم من وضوح الفساد، فإنه يصعب رصده. فصفقات الرشوة والعمولات والسرقات كلها تتم في الخفاء. ولذلك فقد أعملَ الباحثون فكرهم في تعريف الفساد وقياسه عن طريق رصد مصاحِباته ونتائجه. وقد خرجوا بمؤشرات للفساد، ظهر أولها في العام 1995 وسُمّي مؤشر الانطباع عن الفساد. وهو مؤشر يقيس مدى انطباع الناس عن فساد القطاع الحكومي في دول العالم. وتقوم على هذا المؤشر حركة عالمية مستقلة تسمى «الشفافية العالمية» وتصدر تقريرا سنويا بذلك. وتتراوح قيمة المؤشر بين صفر ومئة. حيث يدل الصفر على فساد تام، وتدل المئة على عدم وجود أي فساد في القطاع الحكومي.
وحسب هذا المؤشر فإن ترتيب المملكة في العام الماضي هو 55 بين 175 دولة. وكان مؤشر الفساد في المملكة للأعوام 2012، و2013، و 2014 هو 44، و 46، و 49 على التوالي مشيرا إلى تحسن طفيف. وللمقارنة فإن ترتيب دولة الإمارات عالميا للعام الماضي هو 25، وأداؤها في المؤشر كان 68، و 69، و70 لنفس الأعوام على التوالي. بينما تتصدر الدنمارك دول العالم في خلوها من الفساد، بمؤشر خلو من الفساد قدره 92 للعام 2014.
وهناك مؤشر آخر يصدر عن البنك الدولي يسمى «السيطرة على الفساد». ويقيس هذا المؤشر مدى استغلال السلطة العامة لمصالح شخصية، بما في ذلك كل أشكال الفساد الصغيرة والكبيرة، فضلا عن الهيمنة على الدولة من قبل النخب وأصحاب المصالح الخاصة. وهو يقيس أيضا مدى قوة وفعالية سياسة البلد والإطار المؤسسي لمنع ومكافحة الفساد. ويتراوح المؤشر بين صفر ومئة، حيث يمثل الصفر فسادا تاما، وتمثل المئة الخلو التام من الفساد. وقد بلغ مؤشر السيطرة على الفساد للمملكة 56.9، وَ58.4، وَ59.6 للأعوام 2012، و 2013، و 2014 على التوالي.
بينما بلغ المؤشر لدولة الإمارات 83.3، و87.6، و 84.1 للأعوام نفسها على التوالي. وبلغ المؤشر للدنمارك 100، و100، و 99.5، كأفضل دولة في مجال النظافة من الفساد.
ويعتبر مؤشر جيني (Gini Index) من المقاييس الهامة والأكثر شيوعا في قياس عدم العدالة في توزيع الدخل. وهو يقيس ذلك عن طريق معرفة مدى انحراف توزيع الدخل بين الأفراد والأُسَر في اقتصاد معيّن، عن التوزيع المتساوي تماما. وتنحصر قيمة المؤشر بين الصفر والمئة. فالصفر يعني الحالة المثالية حيث يتساوى توزيع الدخل على أفراد المجتمع. وعلى النقيض من ذلك، فعندما تكون قيمة المؤشر مئة، فإن توزيع الدخل يكون في أسوأ أحواله. فكلما كانت قيمة مؤشر جيني صغيرة، كانت عدالة توزيع الدخل أفضل.
في دراسة تحليلية شاملة (2011) ضمت 72 دراسة تجريبية من 43 بلدا في العالم، قام بها الباحثان يوغر وَداسغوبتا من جامعة غرين ويتش، وجدا أن هناك علاقة قوية وسالبة بين الفساد والنمو الاقتصادي. كما وجدا أن الآثار غير المباشرة للفساد على الاقتصاد هي أكثر بكثير من الآثار المباشرة.
وفي عدة بحوث وُجد أن للفساد دورا معوقا لوظائف الحكومة الأساسية في توزيع الموارد، واستقرار الاقتصاد، وإعادة توزيع الدخل. لأن هذه الوظائف لها أثر كبير في توزيع الدخل ومستوى الفقر بشكل مباشر وغير مباشر. فالفساد مسبب للفقر وعدم عدالة توزيع الدخل في المجتمع. وأي إجراء جدي يوضع لمكافحة الفساد، فإنه في الوقت نفسه يقلل من الفروق في توزيع الدخل ويخفض من مستوى الفقر في المجتمع.
ونظرًا للأهمية القصوى للتعليم في تحسين توزيع الدخل، فلا بد للحكومات العازمة على محاربة الفساد أن تتأكد من أن جميع فئات الشعب تملك نفس فرص الوصول إلى التعليم. ولا يعني هذا أن يكون الباب مفتوحا للجميع للتعلم فحسب. بل لا بد من تدخل الحكومة للتأكد من أن الفئات الأضعف والعازفة عن التعليم بسبب ظروفها الاقتصادية أو الاجتماعية تعطى هامشا كبيرا من الاهتمام لدفعها للانخراط في التعليم، وسن قوانين لحمايتها، وإلا فإن البديل أن تزداد الفئات المتعلمة علما وتزداد الفئات الجاهلة جهلا، وتزداد الهوة بينهما وتسوء العدالة في توزيع الدخل بين المواطنين.
يخطئ من يظن أن الفساد هو العلة. بل إنه عارض من عوارضها وناتج من نتائجها، ومؤشر على الضعف المؤسسي في بناء المنظمة أو الدولة. ولذلك، فليس من الصواب حصر مكافحة الفساد في البحث عن الفاسدين ومعاقبتهم، ولا في كثرة الأجهزة الرقابية، ولا في سن القوانين والأنظمة التي تجرَم الفساد، برغم أن ذلك يعدُّ جهدًا جيدًا، ولكنه لا يُبرئ العلة. ولذلك تصعب مكافحته حتى مع وجود الإرادة السياسية التي تحاول أن تقضي على الفساد لا أسبابه. فهو داء يصعب علاجه بالمراهم والأدوية ما لم يستأصل من جذوره. والحل هو في البحث عن أسبابه والبيئة التي أنشأت الفساد وسمحت له بالنمو والانتشار.
ويخطئ أيضا من يظن أن إخفاء عيوبنا وإظهار محاسننا هو الوطنية، والسبيل للارتقاء والنمو، والصمود أمام متقلبات العصر. فإن لم نكن صادقين مع أنفسنا وصرحاء في كشف عيوبنا، فسنساهم في نمو الفساد. وبدون مبضع الجرّاح فلن نستطيع أن نتخلص من الأورام التي تنمو بداخلنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.