بعد أربع سنوات من وفاته، ما زال (ستيف جوبز) الذي شارك في تأسيس شركة آبل يفتن الجمهور، حيث طُرح له مؤخراً فيلم وثائقي يحلل حياته ومشواره المهني. وتدور أحداث فيلم (ستيف جوبز: ذا مان إن ذا ماشين) حول قصة حياة ستيف جوبز عالم البرمجة والحواسيب والتكنولوجيا، وكيف استطاع بعزيمته أن يصنع طفرة عالمية في مجال الحواسيب والهواتف الذكية، وكيف أثر هذا النجاح عليه وعلى عائلته. ويرى (أليكس جيبني) الحاصل على عدة جوائز عن أفلامه الوثائقية أن الوقت قد حان لإعادة تقييم جوبز الطموح الذي كان يسعى دوما إلى الكمال، وأحدث ثورة في عالم الاتصالات، لكن معاملته لأصدقائه وأسرته وزملائه في العمل زخرت بالتناقضات في بعض الأحيان. ولا يقدم الفيلم حقائق جديدة. لكنه يقارن بين الرجل الذي تطلع ذات يوم إلى أن يصبح راهباً بوذياً ورجل الأعمال الذي أنكر نسب أول أبنائه، وترأس شركة دفعت أجوراً زهيدة للعاملين بالشركة الصينية التي كانت تقوم بتجميع هاتف آيفون بينما جنى مكاسب بمليارات الدولارات. ويعلق جيبني في فيلمه قائلاً: "تمتع بتركيز راهب لكنه لم يكن لديه إحساس بالآخرين". ويستخدم الفيلم الوثائقي لقطات أرشيفية لجوبز ومقابلات مع صحافيين، وبعض الأصدقاء القدامى وموظفين سابقين في شركة آبل. ورفضت شركة آبل ولورين أرملة جوبز التعاون مع منتجي الفيلم. ويقول جيبني إنه لم يسع لتشويه صورة جوبز الذي استقبل العالم وفاته بسرطان البنكرياس في 2011 بحزن يليق برحيل أحد نجوم موسيقى الروك. وتابع: "ما دفعني لصنع هذا الفيلم كان بكاء الناس الذين لم تكن لهم علاقة بستيف جوبز عندما رحل". ويجسد الممثل (مايكل فاسبندر) دور البطولة في الفيلم، فيما يبدأ العمل بعرض لقطات وثائقية مذهلة باللونين الأبيض والأسود تعود إلى أواخر ستينيات القرن الماضي، يتحدث فيها (آرثر كلارك) مؤلف رواية (2001: أوديسا الفضاء)، ليصف على نحو دقيق بشكل غير عادي كيف ستبدو ثورة الكمبيوتر المنزلي في يوم ما. وعلى أي حال تبدو ملاءمة هذا المقطع للفيلم واضحة أكثر من اللازم تقريباً، ولكنه يمثل كذلك ملاحظة ذات طابع ماكر وخبيث، فإذا كان بوسع كلارك التنبؤ بشكل المستقبل في هذا المضمار بتلك الدقة منذ نحو نصف قرن، فإن المعنى الضمني الكامن هنا يتمثل في أن ستيف جوبز لم يبتكر هذا المستقبل ولكنه وضعه في مكانه ليس أكثر. وإذا تحدثنا عن الفيلم من الوجهة السينمائية، فسنجد أنه يشكل عملاً مثيراً من تلك الأعمال التي يسعى صناعها إلى تحطيم الهالات المثالية التي يتم إضفاؤها على الشخصيات الشهيرة، فهو فيلم حافل بالعبارات الحوارية، ومشحون بالإثارة التي تخاطب عقول مشاهديه. ويقدم العمل تفسيراً وشرحاً دقيقيّن للطبيعة الحقيقية لشخصية جوبز، حتى وإن كان يُضعِف بدهاء العديد من الادعاءات التي ترددت حوله لتصوّره باعتباره منقذ قطاع التكنولوجيا المتقدمة، وخاصة ما ذاع منها وانتشر بعد وفاته عام 2011. ستيف جوبز صنع طفرة عالمية في مجال الحواسيب والهواتف الذكية