ربما يتساءل البعض : لماذا تحديداً نصر على صناعة التميز، سواء كان ذلك على مستوى الأفراد أو مستوى المؤسسات ؟ لم يعد يكفي أي فرد أن يكون مجرد متعلم أو خريج من كلية معينة، لكن أصبح من الضروري أن يتميز الأفراد، وأن يبحثوا بجهد وافر وعزيمة لا تنقطع عن مصادر ومعنيات ووسائل تساعدهم على تحقيق هذا التميز، وفي فترة مبكرة من مراحل حياتهم، حتى يجدوا مكاناً متميزاً في الحياة، سواء كان هذا المكان يتمثل في وظيفة متميزة في شركة أو مؤسسة متميزة بمرتب متميز يؤدي فيها عملاً متميزاً. ومن الأمور الهامة على طريق السعي نحو التميز التحديد الدقيق والواضح للغايات والأهداف المرجوة واعتمادها كأساس للتخطيط والتوجيه في كافة مجالات النشاط. ويعتبر التقويم الذاتي من المكونات الأساسية نحو التعلم، حيث يقوم الإنسان أداءه، ويعمل على زيادة دافعيته، وتقديره لذاته، ويوجه نظره بدرجة أكبر إلى ما يقوم بأدائه، وكيف يؤديه، وبذلك ينمي لديه التفكير الناقد البناء، وتطوير الأداء، والوقوف على أوجه القصور والبحث عن طرق معالجتها والتمكن من علاجها، ومن ثم الاندفاع إلى الأمام في سبيل التطوير. وتعد الثقافة وسيلة الإنسان في محاولة التكيف مع البيئة، ويمكن النظر للثقافة باعتبارها تجمعاً لأفضل الحلول التي تعارف عليها المجتمع لحل مشكلاته وبعض هذه الحلول جاء بطريق الصدفة كما أن بعضها جاء بطريق الاختراع أما الباقي فجاء نتيجة للاستعارة الثقافية من المجتمعات الأخرى. وبالتالي لا عيب ولا ضرر في البحث عن حل المشكلات التي يواجهها الانسان في طريقه نحو التميز باللجوء إلى الثقافات الأخرى والتزود منها بطرق نافعة تمكن الإنسان من تحقيق التقدم على مستوى التميز. ويسهم التقويم في إعطاء المحفزات اللازمة لتحقيق المزيد من التطوير، ويمثل نقطة انطلاق لتحقيق أهداف معينة. ولابد لكل فرد يسعى نحو التميز ألا يخشى الفشل ولابد أن نعرف أن على الانسان أن يسعى لتحقق رؤيته وان يحاول بقوة الوصول الى أهدافه وطموحاته مرة تلو أخرى ولا يركن الى الكسل أو يتراجع عند أول محاولة فاشلة. وفي هذا يقول اديسون مخترع الكهرباء : "ليس هناك ما يثبط همتي فاستبعاد كل محاولة خاطئة ليس سوى خطوة الى الأمام"، ويقول الاندلسي : "نقطة الماء المستمرة تحفر عمق الصخرة". ويقول "روبرت جورفيتا" الرئيس التنفيذي لاحدى الشركات العالمية : "ربما تفشل اذا خاطرت، لكن من الاكيد انك ستفشل اذا لم تخاطر وأعظم مخاطرة هي ألا تفعل شيئا". وقال بعضهم : "الناجحون لا يقلعون عن المحاولة، والمقلعون عن المحاولة لا ينجحون". وقد أفلس "هنري فورد" خمس مرات قبل ان ينجح وأفلس "والت ديزني" ست مرات قبل بنائه مدينة ديزني لاند الشهيرة. وقد سئل "نابليون" : كيف استطعت ان تمنح الثقة في أفراد جيشك فقال: كنت أرد بثلاث من قال: لا أقدر قلت له: حاول، ومن قال: لا أعرف قلت له: تعلم ومن قال: مستحيل قلت له: جرب. وقام "اديسون" ب (1800 محاولة فاشلة لاختراع المصباح الكهربائي حتى نجح في نهايةالمطاف ومازال العالم منذ أكثر من قرن من الزمان وهو ينعم بهذا الانجاز الذي لم يكن ليظهر لولا المحاولة تلو المحاولة، والتجربة تلو الأخرى. وقد خسر "بيل جيتس" رئيس شركة مايكروسوفت سبعة عشر مليار دولار في يوم واحد فلم ينهزم او يستسلم، وإنما استمر في محاولته حتى أعاد ما كان عليه من قوة ومكانة وثراء. وأيضاً الشيخ عبدالله فؤاد خسر عدة مرات في أعماله التجارية والآن من أكبر رجال الاعمال في المملكة والخليج، وهنا الكثير من رجال الأعمال السعوديين. وتأتي المرحلة الأخيرة .. وهي البدء في تحمل المشاقّ فعلاً .. أي البدء في الأخذ بالأسباب التي حددتها سابقاً، وكيف تواجه تبعاتها، ومشاقّها كي تصل إلى تحقيق أهدافك أو هدفك المنشود.. وتحمّلك هذه التبعات وتلك المشاق سوف يؤدي بك إلى الوصول الى المكان المرموق الذي تحلم به وتكون رمزاً في المجتمع الذي تعيش فيه ومثالاً يعتمد عليه.