تمر ذكرى اليوم الوطني في بلادنا الغالية، لتعيد إلى الأذهان ملاحم البطولات النادرة التي سجلها المؤسسون الأوائل لهذا الكيان الكبير بقيادة الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه -، ممن كتبوا أسطورة الكفاح المشرف لتوحيد أجزاء هذه الأرض الطيبة بعد أن كانت موطنا للفتن والحروب والنزاعات القبلية التي تأتي على الأخضر واليابس، وتحول بين البلاد والعباد، وبين مظاهر الأمن الاستقرار، ليس في صحرائها المترامية الأطراف فقط، بل وفي مناطقها الحضرية التي كانت أطرافها تتعرض لغزوات اللصوص وقطاع الطرق، حيث ينعدم الأمن وتسود الفوضى ويعم الجهل وتنتشر الفاقة بين السكان، إلى أن قيض الله لهذه البلاد قائدا فذا وحد كلمة أبنائها، وجمع صفوفهم، وضم مناطقهم الممزقة ليكون هذا الكيان الكبير شاهدا على ما يمكن أن تنجزه الإرادة الصلبة، وما يحققه الإيمان العميق، وما يقدمه حب الوطن من منجزات تفوق الخيال، وإن بدت عادية وسهلة المنال، في نظر من لا يعرف الظروف التي كانت محيطة بها في ذلك الزمن، مع أنه كانت بينها وبين التحقيق مسافات شاسعة من الصعوبات والتحديات التي لا يتجاوزها إلا أولو العزم من الرجال الأفذاذ، حتى وصلت بلادنا إلى ما وصلت إليه من المكتسبات والإنجازات التي تفوق الحصر وفي كل المجالات. ولأن كل ذي نعمة محسود، فقد تعرض هذا الوطن الغالي - ولا زال يتعرض - لشتى المؤامرات من أعدائه، الذين ساءهم أن يحقق في عشرات السنين، ما لم تحققه أوطانهم في مئات السنين، وهي حقيقة لا ينكرها منصف، وهو يرى شواهد النهضة في كل مكان من أرضنا الطيبة، فتذرع الأعداء بشتى العلل والأسباب لمحاول النيل من أمن واستقرار وازدهار هذا الوطن، والإساءة بطريق مباشر أو غير مباشر لمسئوليه ومواطنيه الأوفياء، والتقليل من شأن ما تحقق على أيديهم من مشاريع تنموية عملاقة، ولأن أعداء الوطن أجبن من أن يدخلوا في مواجهة مباشرة تكشف ضعفهم، وتعري زيفهم، فقد سخروا أعوانهم في الداخل للقيام بأدوارهم العدائية، وتنفيذ مخططاتهم العدوانية، على اختلاف أقنعتهم القبيحة، سواء كانت طائفية أو حزبية، وهي التي أفرزت العديد من الجماعات الإرهابية التي تتذرع بالدين أو المذهب، لارتكاب جرائمها ضد الوطن ومواطنيه، والإساءة لأمنه واستقراره. ونحن نعيش أجواء هذه الذكرى العطرة، ونتذكر بطولات التأسيس الرائعة، حري بأن نذكر جنودنا البواسل في الحدود الجنوبية، الذين يواجهون العدو بكل تصميم وعزم وحزم، ويحققون من البطولات ما يستحق الخلود في سجل تاريخ هذا الوطن الغالي، فلا أقل من أن ندعو لهم بالنصر المبين على أعداء الوطن والأمة.. أعداء الأمن والسلام، ونترحم على شهدائنا منهم، ونرجو الشفاء العاجل للمصابين، وهم يخوضون معركة الشرف والكرامة، لرد عدوان الأعداء، ورد كيدهم إلى نحورهم بإذن الله، بينما المواطن يعيش حياته العادية، في أمن واستقرار. لأبناء هذا الوطن حكومة وشعبا، أزجي أجمل التهاني بهذه المناسبة الوطنية الغالية، وكل عام والوطن وأهله بألف خير ونصر وأمن وازدهار، ودامت أفراحنا وانتصاراتنا بإذن الله وتوفيقه.