يأتي مهرجان القصة القصيرة والقصيرة جدا الذي يقيمه نادي الباحة الأدبي في شهر محرم القادم الأول من نوعه وسابقا لبقية الأندية الأدبية في ظل شكوى كتاب وكاتبات القصة في المملكة المتكرر من قلة الاهتمام بالقصة على مستوى الفعاليات الممتدة على مدى العام، أو الاحتفاءات والملتقيات السنوية.. فهل سيكفي هذا المهرجان ذو الأفق العربي لتلبية طموحات القاصين بالمملكة؟ وما هي النتائج والثمار الدائمة التي يمكن أن يرسخها مع غيره من الملتقيات في المسيرة الثقافية؟ وهل يمكن أن تؤدي هذه الملتقيات إلى زيادة دعم القصة وتغيير واقعها؟ عبر تواصل "الجسر الثقافي " مع كتاب وكاتبات للقصة كانت تلك الاجابات التي تفاوتت في مدى تفاؤلها وتشاؤمها مما سوف ينتج عن مثل هذه الملتقيات من آثار دائمة ودعم مستمر.. داعم قوي بداية تحدث رئيس نادي الباحة القائم على الملتقى الشاعر حسن الزهراني مؤكدا دور الملتقيات في تلبية طموحات كتاب وكاتبات القصة في المملكة فقال: "هذه الملتقيات والمهرجانات تدعم الابداع اذ تهتم به وتلفت نظر المتلقي والناقد، وهذا الاهتمام الكبير يعزز الابداع في نفوس المهتمين بالقصة، فعندما يجد القاص ان هنالك مهرجانا خاصا بفنه الابداعي، حتى وان لم يدع بالتأكيد سوف يحضر ليستفيد. لذلك هذه الملتقيات داعمة للقصة القصيرة وستعيد لها مكانتها التى كانت عليها، صحيح ان هنالك اهتماما في بعض الأندية، لكن إلى الان لم يخصص مهرجان خاص للقصة القصيرة على مستوى المملكة إلا في نادي الباحة، وسوف تشارك في المهرجان أسماء بارزة وكبيرة من الرواد الذين وضعوا البصمة الجميلة والرائعة للقصة القصيرة في المملكة، وكذلك الجيل الاوسط الذين كافحوا ونقلوا القصة القصيرة نقلة مميزة الى الشباب الذين هم في مرحلة التطوير والتجديد. وأتمنى ان نحقق كل ما نخطط له ونهدف اليه. مجرد بداية وحول النتائج والثمار الدائمة التي يمكن أن ترسخها الملتقيات في المسيرة الثقافية اوضح الزهراني "إنها البداية للانطلاق الى افاق ارحب واوسع ونحن نؤسس الى ان يكون هنالك ملتقى دائم سنوي ويكون هنالك تنوع ومزج بين فئات القاصين والمراحل العمرية الابداعية، ولكن المهم ان نبدأ بهذه الخطوة بعد ان نجحنا بشكل جميل في الاعوام السابقة في ملتقى الرواية حتى أن الباحة أصبحت عاصمة الرواية بشهادة كبار النقاد والروائيين، ونجح في مهرجان الشعر وكان اكبر مهرجان شعري بحضور اربعة وستين شاعرا وشاعرة على مستوى الوطن العربي، والآن نعد لهذا المهرجان الذي اجزم انه سوف يكون الافضل وسوف يكرم النادي من الأسماء المبدعة التي خدمت القصة القاصين جبير المليحان وخالد اليوسف، ومن الاسماء المبدعة في مجال القصة القصيرة القاص جمعان الكرت ومحمد زياد والقاصة شيمة الشمري والقاص ماجد الثبيتي وباسل الغامدي. مكسب للثقافة ويرى الناقد الدكتور حسين عبدالله المناصرة أن الملتقى مكسب للثقافة المحلية والعربية قائلا "لا شك في أنّ فني القصة القصيرة والقصة القصيرة جدًا يعانيان من قلة الاهتمام بهما مقارنة بالاهتمام الواضح الذي تحظى به أجناس أدبية أخرى كالشعر، والرواية، والنقد. وهذا يعني أنّ أي ملتقى أو مهرجان أو ندوة يكون موضوعها مهتمًا بفني القصة القصيرة والقصة القصيرة جدًا مكسب للثقافة المحلية أولاً، ثم للثقافة العربية ثانيًا؛ وبكل تأكيد هو مكسب ثقافي عالمي". ويضيف المناصرة "وتعد مبادرة نادي الباحة الأدبي مبادرة ثقافية حقيقية، انطلاقًا من التهميش النقدي والاحتفائي الذي تعانيه القصة القصيرة والقصة القصيرة جدًا اليوم، مع أنّ القصة القصيرة جدًا تعد من أهم الأجناس الأدبية انتشارًا، استنادًا إلى الفضاء الرقمي الإلكتروني الذي يفعلها. فالإحساس بالمسؤولية الثقافية تجاه هذين الفنين الفاعلين يعد إشكالية محورية تسهم في عدم تهميش أي جنس من الأجناس الأدبية، وفي هذا السياق نشير إلى الملتقى الذي أقامه كرسي الأدب السعودي للقصة القصيرة والقصة القصيرة جدًا في الأدب السعودي، وكذلك عقد نادي القصيم أحد ملتقياته عن هذين الفنين...!! ويختم المناصرة حديثه مؤكدا دور المهرجانات في تحفيز المبدعين والنقاد والاهتمام بالكتابة لدى الأجيال الجديدة قائلا "هذا المهرجان وعشرة مهرجانات أخرى غير كافية، وهي لا تلبي حاجة القاصين والمشهد القصصي المحلي، لكن "أن نضيء شمعة خير من أن نلعن الظلام"... ولعل اعترافنا بالتقصير من جهة، والمبادرة إلى إقامة مهرجان من جهة أخرى، وفتح أفق للتوقيع بمزيد من الفعاليات في هذا الجانب من جهة ثالثة... تعدّ مداخل يمكن أن تسهم في استحضار القصة القصيرة والقصة القصيرة جدًا، وتفعيلهما في مستويات أخرى محلية وإقليمية كذلك أستطيع أن أؤكد بأن الملتقيات النقدية والمهرجانية هي أهم منجز يمكن أن يخدم أي جنس من الأجناس الأدبية؛ فهذه الملتقيات محفز للمبدعين والنقاد، وهي بذر لبذور الاهتمام بالكتابة لدى الأجيال الجديدة؛ وهي أجيال تميل إلى كتابة القصة القصيرة والقصة القصيرة جدًا.. ويمكن أن نشير هنا إلى أن ملتقى نادي الرياض الأدبي قد خصص أيضًا في العام القادم لنقد النقد في مجال القصة القصيرة. تكرار الشللية وتمنت القاصة ليلى الاحيدب ان يركز الملتقى على روح وجماليات القصة في النص وليس للمعايير المزيفة كما في بعض الملتقيات قائلة "لاشك أن مثل هذه الملتقيات ستسهم في إنعاش المشهد من غيبوبته الروائية التي طالت أكثر مما ينبغي وستسلط الضوء على فنون أخرى أصبحت أقل شأنا في ظل طغيان الرواية.. المهم أن يكون لهذا الملتقى ثقله الإبداعي والنقدي الذي يركز على روح وجماليات القصة في النص وليس للمعايير المزيفة بحيث يعيد للقصة ألقها بالتركيز على النماذج الناجحة في القصة وال "ق ق ج " لا النماذج المزيفة التي تروج لنصوص تافهة بالاعتماد على تقنيات القص بطريقة فجة وممجوجة والأهم من كل ذلك أن يبتعد عن تكريس الاسماء الهشة في موجة ال «ق ق ج» والتي خلقتها شبكة المنتديات النتية سابقا وبعض الملتقيات العربية القائمة على العلاقات الشخصية وذاكرة المنتديات. وبدت الاحيدب متشائمة وهي تواصل قائلة "ولكن أشك في ذلك وسنرى تكريسا آخر لموجة الزيف وخاصة في الق. ق. ج وسنرى ذات القوائم الهشة التي تشرق وتغرب في البلدان العربية من المغرب لمصر ذات الشلة وذات النقاد المطبلين ما سيختلف هو مكان الجوقة أتمنى أن تخيب توقعاتي ونرى شيئا مختلفا وعميقا". تضافر الجهود أما القاصة كفى عسيري فتؤكد على الحاجة إلى مشاركة جميع الأندية في دعم القصة وتقول: "الأندية الأدبية وإن كان لها إسهامات في احتضان تجارب قصصية وعموم السرد - وأنا من أولئك الذين أتيحت لهم الفرصة، فشكرا لنادي أبها الأدبي. إذ إن اهتمامه بالشعر والشعراء مكثف ربما لكثرة الشعراء وقلة كتاب القصة، وربما لأن الشعر ديوان العرب وأولى اهتماماتهم والقصة تأتي على استحياء.. وتضيف: برأيي لو تضافرت جهود الأندية الأدبية لإقامة مهرجان سنوي للقصة يتخطى حدود العربية للعالمية لكان هذا كافيا. وتؤكد عسيري أن "جهود نادي الباحة ملحوظة وعالية لكن تبقى طموحاتنا أكبر في انتشار القصة من خلال دعم بقية الأندية هذه المهرجانات اعدت لترسيخ مفهوم التلاقح الثقافي والخروج من أطر الإقليمية إلى العربية ولعلها تتسع للعالمية. اهتمام موسمي القاصة والصحفية شمس علي قللت من أهمية الاهتمام الموسمي قائلة "باختصار أجد أن الاهتمام الموسمي المؤطر بحدود زمنية لا تلبث أن تنتهي والمقتصر على إقامة احتفالية وحيدة هنا أو هناك في العام لايمكن أن يكون كافيا بأي شكل من الأشكال في إعطاء الاهتمام اللازم والمطلوب لأي نوع من الإبداع". وأضافت: "فهل يمكن أن يستوعب مهرجان واحد مثلا غالبية إن لم نقل جميع المنتج المحلي من القصة ويحظى فيه بسهم من الاهتمام وهو الذي يعاني طوال العام ومنذ عقود من عدم الالتفات والهجر بخاصة مع تصاعد موجة الرواية وتوجه الإعلام والحركة النقدية للاهتمام بها وكذلك توجه عدد غير قليل من كتابها للكتابة الروائية؟!". وختمت علي بالقول: "في النهاية لاشك أن إقامة ملتقى أو مهرجان لصنف إبداعي ذي أثر يتوقف على مدى فاعليته وما يحظى به من اهتمام فإما أن يقتصر أثره على نفض الغبار عنه قليلا، أو يسهم بدرجة أكبر في تنشيطه والأخذ به قدما" نصائح للمنظمين القاص ابراهيم مضواح الألمعي رفض ما يبديه بعض كتاب القصة من "الشعور بالمظلومية، وتكرار الشكوى، لأن المبدع ليس مسؤولاً عن إشكالات التلقي وإنما هو مطالب بالإبداع الدائم، وتطوير أدواته دون الارتهان لردود الأفعال، أو انتظار الاعتراف من أحد، ومع ذلك فإنه لا بدَّ من الاعتراف بأن الاهتمام بالقصة القصيرة أقل مما تحظى به الفنون الأدبية الأخرى، وأن هذا المهرجان القصصي سيكون جبراً لانكسارات عاناها القاصون، الذين يشعرون بالغياب عن المشهد النقدي والاحتفائي، مما دفع بعضهم إلى هجر الكتابة، أو محاولة العودة إلى المشهد مجدداً عبر بوابة الرواية، أو النقد". وأضاف الألمعي: ومع القيمة الكبيرة لهذا المهرجان فإنه لن يكون محققاً للقدر الأكبر من أهدافه الثقافية النبيلة إلا إذا تبرأ من عيوب ممضة نشهدها في أكثر الملتقيات المشابهة، من المجاملات في الدعوات، حتى أصبح وجود بعض الأسماء لازما في كل ملتقى أو محفل ثقافي. ومن الضروري أن يكون المهرجان متجهاً بالدرجة الأولى لكتاب القصة تحديداً وليس مقصورا على النقاد والأكاديميين ومبهَّرًا بحضور بعض القاصين، وأن يُعتمدَ ضابطٌ دقيقٌ في توجيه الدعوات للقاصين، فمن الخلل الواضح أن يُدعى ذو المجموعة القصصية، ويُهمل ذو المجموعتين والثلاث. أو أن تمتلئ ردهات المهرجان بالشعراء، أونقاد الشعر، أوالنقاد الذين ليس لديهم أوراق لتقديمها في الملتقى فكل ذلك سيكون على حساب المعنيين الأصليين بهذا المهرجان وهم كتاب القصة القصيرة. ويختم الألمعي قائلا: "أقدِّم ملحوظاتي المتواضعة هنا مع كل التقدير لجهود منظمي المهرجان، أقدمها بين يدي مهرجانهم الكريم، لعل فيها ما يفيد، ولو أن عملهم قد تم أو انقضى لما نبهت عليها، راجياً أن يكون هذا العمل العظيم ريادة جديدة لنادي الباحة الأدبي تسير على أثره بعض أنديتنا الأدبية كريادته في ملتقى الرواية".