يبلغ سعر لتر البنزين في الاسواق العالمية (سنغافورة ونوتردام وامريكا) حالياً حوالي 2.1 ريال وسعر الديزل حوالي 2.2 ريال ايضا. وهذا السعر عبارة عن سعر النفط مضافا اليه تكلفة التكرير. ولكن يضاف لسعر المستهلك كلفة التوزيع، وكثير من دول العالم تفرض ضرائب صارمة على الوقود، لذلك نلاحظ ان سعر البنزين والديزل في اوروبا واليابان علي سبيل المثال اعلى من 6 ريالات للتر وذلك بسبب الضرائب التي تزيد على 100% من سعر التكلفة. ويبلغ حالياً سعر برميل نفط برنت حوالي 60 دولارا وهذا يعني ان سعر اللتر يساوي حوالي 1.4 ريال وكلفة التوزيع والتكرير تساوي حوالي 35% من سعر الوقود اي حوالي 0.7 ريال لكل لتر وهذا يجعل تكلفة لتر الديزل والبنزين للمستهلك وبدون ضرائب تقارب 2.1 ريال. ومؤخراً حررت دولة الامارات الشقيقة اسعار الديزل والبنزين وهذا يعني رفع اي دعم تقدمه الدولة، وبذلك اصبح سعر لتر الديزل في محطات التوزيع 2.05 درهم بدلا من 2.90 درهم وسعر بيع لتر البنزين ب 2.14 درهم بدلا عن 1.72 درهم. وستراقب لجنة المتابعة الأسعار العالمية لمادتي الجازولين والديزل بشكل يومي حيث سيتم في ال 28 من كل شهر الإعلان عن متوسط أسعار الشهر لاحتساب سعر بيع الوقود للشهر القادم. وبذلك تكون الامارات قد تخلصت من عبء كبير على كاهلها وهو دعم الوقود الذي يهدر كثيرا من مقدرات الدولة ويزيد الاستهلاك الجائر ويرفع من معدلات التلوث البيئي. والجدير بالذكر ان اسعار الديزل في الامارات وصلت ومنذ 2011م الي حوالي 3.5 ريال للتر، ولان اسعار النفط قد انخفضت فكان لابد ان يصاحب ذلك انخفاض باسعار الديزل، وبذلك اصبحت اسعار البنزين والديزل في الامارات مرتبطة بشكل مباشر باسعار النفط العالمية تصعد وتهبط معها شهرياً وهذا هو حال الدول الصناعية ومعظم دول العالم. وتتوقع دولة الامارات ان يدعم رفع الدعم ميزانية الدولة بحوالي 29 مليار درهم سنوياً بالاضافة الى خفض أعداد السيارات بحوالي 150 الف سيارة في الطرقات. لاشك ان عدم استخدام السيارات القديمة هو من اهم نتائج رفع الدعم عن الوقود لتقليل التلوث وتخفيف الزحام في المدن. وفي المملكة يباع الديزل بسعر ثابت عند ربع ريال للتر سواء وصلت اسعار النفط الى 113 دولارا للبرميل او 50 دولارا للبرميل. ويباع البنزين بحوالي نصف ريال للتر.. وتشجع هذه الاسعار على الهدر والاستهلاك الجائر. وتستهلك المملكة حالياً حوالي 730 الف برميل باليوم من الديزل وهذا يعادل تقريباً استهلاك الدول العربية مجتمعة. كما تستهلك اكثر من 520 الف برميل باليوم من البنزين وهو يعادل استهلاك مصر والمغرب والجزائر والامارات وعمان وتونس والكويت معاً. ويكلف دعم سعر البنزين والديزل المملكة حوالي 170 مليار ريال سنوياً. واما صناعات البتروكيماويات والاسمدة فتدعمها المملكة بشكل لا مثيل له. يباع لقيم الايثان والميثان عصب الصناعات البتروكيماوية ومنذ 18 عاما ب 0.75 دولار للمليون وحدة حرارية. وهذا من المفترض ان يكون قد ساعد الشركات البتروكيماوية السعودية على جني ارباح هائلة ولاسيما ان الشركات العالمية المنافسة كانت تشتري هذين اللقيمين لفترات طويلة بحوالي 6-10 دولارات للمليون وحدة حرارية مما اعطى الشركات السعودية مرتبة تنافسية افضل من الجميع. وفي الوقت الذي كانت تعاني فيه الشركات الاوروبية من لهيب ارتفاع اسعار النافثا لانتاج الايثيلين، جعلت اسعار الايثان منخفضة الكلفة النقدية لانتاج طن ايثيلين بالمملكة ارخص من تلك في اوروبا او اسيا بحوالي 500 دولار للطن. وحتى سوائل الغاز الطبيعي من بروبان وبيوتان تباع بالمملكة بسعر يقل عن الاسعار العالمية بحوالي 30%. المتأمل والمراقب للصناعات البتروكيماوية يتوقع ان تكون الشركات البتروكيماوية السعودية قد حققت ارباحاً طائلة بسبب الميزة التنافسية بكلفة الانتاج عن نظيراتها الاوروبية والاسيوية. وفعلاً حققت بعض الشركات قفزات رائعة وملفتة للنظر. ولقد وصل ترتيب سابك رابعاً عالمياً من حيث المبيعات، اذ وصلت قيمة مبيعاتها الكيميائية الى اكثر من 162 مليار ريال. ومما يعد مصدراً للفخر، تصدرت سابك كل شركات العالم البتروكيماوية من حيث الربحية التشغيلية على المنتجات البتروكيماوية التي وصلت في العام الماضي الى حوالي 45 مليار ريال مقارنة بحوالي 30 مليار ريال لشركة باسف الالمانية التي تعتبر اكبر شركة كيماوية في العالم وحوالي 22.5 مليار ريال لثاني اكبر شركة بتروكيماوية في العالم وهي شركة داو كميكال الامريكية. لا شك ان اسعار اللقيم احد اهم العوامل في تحديد ربحية ومسار الشركات البتروكيماوية في العالم. وخير مثال على ذلك ما يحدث لشركة ليونيديل باسل بعد انخفاض اسعار الايثان في امريكا نتيجة لطفرة الغاز الصخرى. اوشكت ليونيديل باسل على اعلان افلاسها قبيل طفرة الغاز الصخري وكانت اسعار الايثان انذاك تتراوح بين 6 الى 8 دولارات للمليون وحدة حرارية. ومع انخفاض اسعار الايثان في السنتين الماضيتين الى 3-4 دولار للمليون وحدة، تمتعت شركة ليونيديل باسل بميزة تنافسية كبيرة استطاعت ان تقفز من شركة على وشك الافلاس الى المرتبة السابعة في العالم من حيث المبيعات. ولكن وعلى الرغم من انخفاض قيمة اللقيم في المملكة الا اننا لا نزال نرى بعض الشركات البتروكيماوية التي لم يرق اداؤها الى المستوى المنشود. وقد تم اعلان ارباح النصف الاول لهذا العام قبل ايام. والحقيقة ان اداء بعض الشركات البتروكيماوية السعودية يجعلنا نتساءل هل الدعم اللامحدود لم يعد يجدي نفعاً لانه يتسبب بخفض الكفاءة. وهل من الافضل ان يزال جزء من هذا الدعم لمساعدة شرائح اخرى في المجتمع.