تقدم سامسونج لدائرة المعاشات التقاعدية الوطنية في كوريا الجنوبية عرضا لا يمكنها رفضه: يجب عليها أن تدعم أكبر تكتل وطني (أي سامسونج) في حربها ضد صناديق التحوط الأجنبية، وإلا فإنها سوف تلقى ما لا يرضيها. عائلة لي التي تحكم شركة سامسونج تريد أن تقوم شركة صناعات تشيل، التابعة لها، بالاستحواذ على سامسونج (سي & تي) بسعر أقل بكثير من السعر الذي يقول مستثمرون مثل إيليوت أسوشيتس في مقرها في نيويورك إنها تستحقه. وتقوم شركة إيليوت بحشد الدعم لعرقلة صفقة تدعي أنها ليست لصالح الجميع، وإنما هي حركة يقوم بها أبناء الرئيس التنفيذي «لي كون هي» من أجل تدعيم مطالبهم بتولي السلطة في الشركة. وباعتبار أن دائرة المعاشات التقاعدية التي تديرها الدولة هي أكبر مساهم في شركة سامسونج سي & تي، حيث إنها تمتلك 10.15 بالمائة من الأسهم العادية، يمكن القول إن الكلمة النهائية هي بيد دائرة المعاشات. وبحسب العوامل التي تحكم الصفقة، ينبغي على دائرة المعاشات أن تصوت بالرفض. إن بيان المهمة الذي وضعت الدائرة - التي هي أكبر مستثمر في كوريا - مبدأ المنفعة العامة فيها- يمنحها مسؤولية العمل على تشجيع التحسين في حوكمة الشركات. هذا يتطلب العمل على الحد من تأثير عائلة لي، التي تسلطت وتحكمت بسامسونج لعدة عقود، على حساب أسعار الأسهم في الشركة. ولكن من شبه المؤكد أن دائرة المعاشات سوف تؤيد سامسونج- ولأسباب تلخص كل ما هو خاطئ في رابع أكبر اقتصاد في آسيا. وتربط الدائرة علاقة متعمقة جدا مع عائلة لي. بالإضافة إلى امتلاكها لأسهم شركة سامسونج سي& تي، فهي تقتني أيضا أصولا في ما لا يقل عن 11 شركة أخرى من الشركات التابعة لسامسونج، بقيمة تساوي 18 مليار دولار. هذا يعني أن ما هو جيد بالنسبة لعائلة لي- بما في ذلك سعر الشراء المتدني لشركة سي& تي- هو جيد أيضا لعائدات دائرة المعاشات، والعكس صحيح. لكي نكون منصفين، لا أحد خارج نطاق دائرة رئيس مجلس الإدارة تشوي كوانج الداخلية يعرف كيف سيكون تصويت دائرة المعاشات في الجلسة العامة الاستثنائية المقرر عقدها في السابع عشر من يوليو. لكن مدى مشاركة دائرة المعاشات مع شركة سامسونج يشير إلى أن تشوي كوانج لن يكون لديه خيار يذكر سوى دعم عائلة لي. من جانبها الرئيسة بارك جيون هاي لم تفعل شيئا يذكر منذ انتخابها قبل 28 شهرا لكبح جماح التكتلات الكورية المملوكة للعائلات، أو ما يسمى «التشيبول». حيث ان خططها لتمكين الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، وتشديد قوانين مكافحة الاحتكار، وفرض الضرائب على النقدية الفائضة القابعة في خزائن الشركات، لم تذهب أبعد من لائحة القرارات. وعندما تباطأ الاقتصاد، تحولت بارك في الواقع إلى الأقطاب التي تعهدت بتقليصها لتطلب مساعدتهم في النهوض بالاقتصاد. من الممكن تماما بأنها سوف تلجأ إلى التشيبول مجددا في الوقت الذي تستمر فيه التداعيات من تفشي مرض الالتهاب الرئوي في كوريا في إيذاء مبيعات التجزئة والسياحة. (حتى هنا نجد أن الأمر له علاقة بسامسونج. قبل يومين، اعتذر لي جاي يونج، المرشح لإدارة الشركة، بعد أن تبين أن أحد مستشفيات الشركة كان أحد مصادر انتشار وتفشي ذلك المرض الذي أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 27 شخصا في كوريا. هل تستغرب حين تعلم أن سامسونج تمتلك مستشفيات؟ المفروض ألا تستغرب.) وفي الوقت نفسه، يمكن القول إن اسم سامسونج أصبح الوجه العالمي للاقتصاد الكوري. لهذا السبب فإن كيم كي سيك، عضو المجلس التشريعي، منزعج جدا إزاء شجار سامسونج مع صندوق التحوط التابع لبول إيليوت سينجر، الذي يراه كيم على أنه اختبار للثقة العالمية في كوريا الجنوبية. قال كيم، الناشط الذي أصبح عضوا في المجلس التشريعي، في مقابلة مع بلومبيرج: «لقد كانت ردة فعل سامسونج حتى الآن مثبطة للهمم، حيث انها لا تبدو أنها قد بذلت الكثير من الجهود لإقناع مساهميها بسلامة عملية الاندماج». وإذا نجحت سامسونج في دمج اثنتين من وحداتها في ظل مثل هذه الظروف المشكوك فيها، فإن هذا سوف يرسل رسالة فظيعة. سيكون من المؤكد أن التكتلات العائلية الأخرى سوف تتبع نموذج عائلة لي. وعائلة لي، أيضا، بالتأكيد ستشعر بالجرأة للبحث عن أمور أخرى يمكن أن تفعلها دون عقاب. وأثناء التطورات التي ستحدث نتيجة هذه الأمور العائلية، قد يبدأ المستثمرون، الذين قاموا أصلا بوضع تقييمات أكثر انخفاضا للشركات الكورية من أقرانها في دول أخرى، بالخروج من الاقتصاد الكوري تماما. في الوقت نفسه، فإن تجمعات الاستثمار المحلي الكبرى قد تتعمق أكثر وأكثر في علاقتها مع التشيبول. وسوف تكون مفاجأة جميلة إذا رفضت دائرة المعاشات عرض سامسونج. المؤسف أن لديها 18 مليار سبب لتقول «نعم».