فاز حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا في الانتخابات التشريعية التي جرت أمس الأحد، لكنه خسر الأغلبية المطلقة في البرلمان ولم يعد قادرا على ان يحكم بمفرده، وفق نتائج أظهرها فرز 98 بالمائة من الأصوات. وحصل حزب الرئيس رجب طيب أردوغان على 259 مقعدا من أصل 550 (41 بالمائة من الأصوات) في حين فاز حزب الشعب الديموقراطي الكردي ب «78» مقعدا (12,5 بالمائة) حسب النتائج التي نقلتها شبكات التلفزة التركية. وقد أدلى الأتراك بأصواتهم أمس لاختيار نوّابهم في انتخابات تأمل الحكومة الاسلامية المحافظة الحاكمة منذ 13عاما، في تحقيق فوز ساحق فيها، ما سيعزز سلطة الرئيس رجب طيب أردوغان في وقت يواجه حكمه احتجاجات. ودُعي حوالى 54 مليون ناخب، إلى صناديق الاقتراع بعد حملة انتخابية سادها التوتر، إثر اعتداء أوقع قتيلين وحوالى مئة جريح بين أنصار الحزب الكردي الأبرز في معقله ديار بكر (جنوب شرق). ويسعى أردوغان إلى الفوز بأغلبية كبيرة لحزب العدالة والتنمية لتعزيز صلاحياته. ويقول: إن رئاسة تنفيذية على غرار النظام الأمريكي ضرورية لتعزيز النفوذ الإقليمي والنجاحات الاقتصادية لتركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي. ويقول معارضوه: إن رؤيته بشأن الرئاسة ستفتقر للضوابط والتوازن الضرورين. وينظر الغرب إلى تركيا، باعتبارها حليفا مهما يقتسم حدودا مع العراق وسوريا وإيران ويثمّن استقرارها. ورغم حفاظ أردوغان على العلاقات، فقد روّج لصورة تركيا كبلد بات أقل ميلا لتنفيذ رغبات واشنطن. وستُعرف النتائج اليوم، وتشير التوقعات إلى فوز جديد لحزب العدالة والتنمية الذي فاز بجميع الانتخابات المتتالية منذ 2002. وتشير استطلاعات الرأي إلى إمكانية أن يخسر أردوغان رهانه، ولو أنه يتحتّم عليه توخّي الحذر في التعاطي معها. فإنْ كان حزبه لا يزال يحتفظ بشعبية قوية إلا أنه فقد اعتباره، نتيجة تباطؤ الاقتصاد التركي مؤخرا، بعدما كان الاداء الاقتصادي حجته الرئيسية، والانتقادات المتكررة التي تأخذ عليه نزعته إلى التسلط. وتشير استطلاعات الرأي إلى فوز الحزب الحاكم ب40 إلى 42% من الأصوات في تراجع كبير عن نسبة 49.9% التي حققها في الانتخابات الأخيرة قبل أربع سنوات. المحك وسيكون الفوز حاسما لأردوغان الذي يعتبر مصيره على المحك في هذه الانتخابات. فبعد أن كان على مدى 11 عاما رئيس وزراء، حكم بقبضة من حديد، اُنتخب رئيسا للدولة في أغسطس الماضي، فسلّم مقاليد السلطة التنفيذية والحزب إلى وزير الخارجية السابق أحمد داود أوغلو. غير أنه ينشط منذ ذلك الحين من أجل تحويل نظام الحكم إلى نظام رئاسي، تصميما منه على الاحتفاظ بالسلطة. ومن أجل إنجاح مشروعه، يحتاج أردوغان إلى فوز ساحق. ففي حال فاز حزبه بثلثي المقاعد النيابية (367 من أصل 550)، سيكون بإمكانه التصويت منفردا على الإصلاح الدستوري الذي يعزز صلاحيات الرئيس. أما في حال حصل على 330 مقعدا فقط، فسيتمكن من طرح مشروعه في استفتاء. أما عدا ذلك، فسوف تخيب طموحات أردوغان. وقال أردوغان، بينما كان يدلي بصوته في أسطنبول: إن «نسبة المشاركة مرتفعة، إنها مؤشر جيد على الديموقراطية»، مضيفا: إن تركيا «ترسخ مؤشرات الثقة والاستقرار». وصرح محمد كوشي (50 عاما)، وهو بائع فاكهة، أثناء الإدلاء بصوته في أسطنبول: «نحن مع حزب العدالة والتنمية من كل قلبنا. منحته صوتي مجددا لأني أريد أن يحكم تركيا رئيس قوي». وقال مراد سيفاجيل (42 عاما)، ناخب آخر من أسطنبول، صوّت للمعارضة: «صوّتُ لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات الاخيرة؛ لأنهم قاموا بعمل جيد. لكني لم أعد أثق بهم». وقال أرجين ديلك المهندس في ال42 الذي وصل للتصويت مع زوجته في حي يلديز السكني في أنقرة: «آمل في أن تكون هذه الانتخابات عادلة، ونتخلص من (طيب) وفريقه». العقبة الاساسية ويشكّل الحزب الرئيسي المؤيد للاكراد، حزب الشعب الديموقراطي، العقبة الأساسية على طريق أردوغان. ففي حال تخطى هذا الحزب عتبة 10% من الاصوات المطلوبة للدخول الى البرلمان، فسيحصل على حوالى خمسين مقعدا نيابيا، ما سيحرم حزب العدالة والتنمية من الغالبية الكبرى التي يطمح اليها. وفي حال تقدّم حزب الشعب الجمهوري وحزب العمل القومي، قد يخسر الحزب الحاكم غالبيته المطلقة. أما الحزب الكردي يساري التوجّه ومناصر الأقليات برئاسة صلاح الدين دمرتاش، وهو زعيم يتحلى بالجاذبية، ويأمل في اغتنام موقعه كصانع ملوك، في حال دخول حزبه البرلمان من أجل توسيع قاعدته التقليدية. وقال إيلكر سورغون، الناخب من أنقرة، الذي حضر للإدلاء بصوته عند فتح مراكز الاقتراع: «لست من أصل كردي، لكنني قررت التصويت لحزب الشعب الديموقراطي من أجل حصول حزب العدالة والتنمية على عدد أقل من المقاعد». ولدى الإدلاء بصوته الأحد في أسطنبول، أكد دمرتاش طموحاته قائلا للصحفيين: «لا يمكننا القول إن الحملة كانت ديموقراطية». وأضاف: «لكني آمل في أن تساهم نتيجة الاقتراع في إرساء السلام والديموقراطية في تركيا». وقال رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، لدى الادلاء بصوته في معقله في كونيا (شرق): «نريد أن يكون هذا اليوم احتفالا بالديموقراطية». واغتنم أوغلو المناسبة ليعلن توقيف مشتبه به في الاعتداء الذي أوقع قتيلين خلال تجمع انتخابي لحزب الشعب الديموقراطي في ديار بكر قبل يومين. ونشر أكثر من 400 ألف شرطي ودركي في كافة أنحاء البلاد لضمان أمن الاقتراع، وفقا لوسائل الإعلام التركية. وشهدت عمليات الاقتراع حوادث معزولة. وأسفر عراك بين الناخبين عن سقوط 15 جريحا في مدينة شانلي أورفة (جنوب شرق).