عندما يكون العلم هو الأساس الذي يقوم عليه العمل، فاعلم انه يسير على أسس وضوابط ثابتة. فمجال كالتقييم العقاري اشيد وبشدة بالدورات التي تقدم للمهتمين من خلال الهيئة السعودية للمقيمين المعتمدين بالتعاون مع وزارة العدل ومؤسسة النقد السعودي، لأنها تهدف الى العمل وفق ضوابط ومعايير منظمة وليست عملا عشوائيا وتعتمد على الرأي الشخصي الذي يتأثر عادة بعدة عوامل كالميول والاهتمامات والخبرة وتهدف الى تهيئة المتدربين لتولي خدمات التقييم للمحاكم ومؤسسات التمويل والبنوك لأغراض التمويل التجاري واستعادة الحقوق في إجراءات الحجز والتنفيذ وتوزيع الارث والاستحواذ والاندماج. ومن خلال ممارستي للتقييم «كعضو خبرة» ممثلا عن الغرفة التجارية، والاحتكاك بمن هم مكلفون من جهات عملهم في نزع الملكيات للمنفعة العامة لصالح الدولة أرى العجب العجاب!! وكنت دائم التساؤل ما هي معايير اختيارهم لأداء هذه المهمة دون خلفية مهنية. ولأن العمل يرتبط بمصالح أفراد ومؤسسات كان لا بد من تطوير العاملين في هذا المجال واعتبار التقييم مهنة تحتاج الى تعلم ودراسة. فالمقيم لا يمكنه ممارسة المهنة الا بعد اجتياز عدد معين من الساعات التدريبية. ومن تجربتي خلال دورة التقييم العقاري لاحظت منذ اليوم الاول اهتمام الجميع وحرصهم بمختلف أعمارهم ومكانتهم الاجتماعية على الحضور والالتزام رغبة منهم في تطوير أنفسهم وحرصاً على مواكبة التقدم في هذا المجال. وكما ان هيئة المقيمين السعودية سعت بشكل كبير الى تحسين نوعية العمل ودقة العاملين فيه بتنظيم دورات متتابعة ومترابطة من خلال معايير دولية تطبق في عدد من البلدان كنوع من توحيد النظرة وتأصيل جودة العمل، فالمقيّم الحاصل على الدورات الكافية يمكنه ممارسة عمله في اي بلد آخر لانه يعتمد على معايير موحدة تنطبق على عدد كبير من الدول، وهذه ميزة إضافية بحيث يمكنك استيعاب وفهم العمل في عدد من الدول دون الحاجة للذهاب اليها. وهذه الخطوة اعتبرها من افضل ما يمكن تقديمه للعاملين في هذا المجال لانه لن يستمر بالتعلم والحصول على الدورات الا الراغب فعلا بممارسة هذا العمل او من يملك خبرة لكنه بحاجة الى مرجعية علمية مهنية. ربط أي عمل بدورات من جهات الاختصاص منتهية باختبار اجتياز حقيقي مطلب لكل الجهات الرسمية تجاه موظفيها لخدمة أفضل للمستفيدين، وانا هنا اصنفه «بالإحسان» في العمل، وخاصة ان كانت التجربة كما هي معمول بها في الهيئة باعتماد المعايير الدولية. ولأنني أذكر دائما ان «الثبات منافٍ للابداع» لا بد ايضا من التأكيد على ان الجهل منافٍ للتقدم، بل العلم والمعرفة هما المحركان الأساسيان لمواكبة التطور وتقديم افضل خدمة وخصوصا اننا نعيش فترة انتقالية مهمة في عالم التنمية والتطوير، وبدون التأهيل الجيد لا يمكننا مواكبة التغيّر السريع من حولنا ولا حتى مجاراة طموح دولة تسعى لتحقيق رغد العيش لمواطنيها وتهدف الى التقدم بخطوات متسارعة في كافة المجالات.