اختتمت، أمس، بمنتجع شرم الشيخ السياحي، بمصر، أعمال القمة العادية ال26 للجامعة العربية، بإعلان شرم الشيخ، الذي كشف بيانها الختامي عن موافقة القادة العرب على الاقتراح بإنشاء قوة عربية مشتركة لمواجهة التحديات وصيانة الأمن القومي العربي.. مشيراً إلى أن المشاركة في القوة العسكرية المشتركة "اختيارية" بالنسبة للدول العربية، وأوضح أن هذه القوة، ستتدخل عسكريا لمواجهة التحديات التي تهدد أمن وسلامة أي من الدول الأعضاء بناء على طلب من الدولة المعنية، وهو القرار الذي تحفظ عليه العراق. وفيما اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في رسالته للقمة، "أنه من المستحيل مكافحة الإرهاب بدون التطبيع الإقليمي" ودعا إلى "تسوية النزاع في سوريا وليبيا واليمن، وفق القانون الدولي، عقّب صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية، على رسالة بوتين، متهماً روسيا بأنها تعطي النظام السوري الحالي فوق ما يريد من الأسلحة لمحاربة الشعب السوري.. مستنكراً دعوة روسيا لحل سلمي في سوريا، وأشار إلى أن القانون الروسي نفسه يمنع بيع السلاح الروسي لأنظمة تحارب شعوبها "حتى ولو كان للدفاع وليس للهجوم". البيان الختامي وأيد البيان، الذي تلاه الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي، في الجلسة الختامية، الإجراءات العسكرية التي يقوم بها التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية ضمن عملية عاصفة الحزم، مطالبا الحوثيين بالانسحاب الفوري من العاصمة صنعاء والمؤسسات الحكومية وتسليم سلاحهم للسلطات الشرعية. كما دعا المقاتلين الحوثيين الذين استولوا على أجزاء كبيرة من اليمن، للتوقف عن استيلائهم على السلطة وتسليم أسلحتهم. وأكد البيان، أن التحديات العربية تستدعي تدخلات عربية كما حدث في اليمن، وتستمر هذه الضربات حتى تنسحب المليشيات الحوثية، كما يستمر الدعم للقضية الفلسطينية حتى يحصل على حقوقه وفقًا لمبادرة السلام العربية، وفي ليبيا التي شهدت تطورات في فترة انتقالية أدت إلى تدخلات أجنبية على أرضها لتحديد مستقبل الشعب الليبي. وعن سوريا ذكر البيان، أن النظام السوري لم يعد قادرًا على حماية الشعب السوري وتأمين سلامة أراضيه، الأمر الذي تكرر في العراق الذي فقد السيطرة على أراضيه. وتعهدت الدول العربية في البيان، بأن تعقد العزم على توحيد الجهود، والنظر في اتخاذ التدابير لمواجهة التطورات المتلاحقة من جماعات العنف والإرهاب، التي تعيث فسادًا في البلاد العربية، وتخطيط الجهود لإنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة، وفقًا للشرعية الدولية وميثاق الجامعة العربية. يذكر أن العراق كان قد جدد رفضه لأي تدخل عسكري من أي دولة في شؤون أي دولة أخرى، ودعا الى اعتماد الحوار سبيلا للحل، أما لبنان فشدد على السير بأي موقف يقوم على الإجماع العربي، ونأى عن أي خطوة لا تحظى بالإجماع أو التوافق. نص البيان نحن - قادة الدول العربية المجتمعين في الدورة السادسة والعشرين لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في شرم الشيخ /جمهورية مصر العربية يومي 28 و29 مارس، والتي كرست اعمالها لبحث التحديات التي تواجه أمننا القومي العربي وتشخيص اسبابها، والوقوف على الاجراءات والتدابير اللازمة لمجابهتها بما يحفظ وحدة التراب العربي ويصون مقدراته وكيان الدولة، والعيش المشترك بين مكوناته في مواجهة عدد من التهديدات النوعية، وهو الأمر الذي يتطلب تضافر جهودنا واستنفار امكانياتنا على شتى الأصعدة، السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية- إذ نؤكد اعتزازنا بجامعتنا العربية في الذكري السبعين لانشائها، فاننا نجدد التزامنا بمقاصد الزعماء والقادة المؤسسين من ضرورة توثيق الصلات بين الدول الاعضاء وتنسيق خططها السياسية تحقيقا للتعاون بينها وصيانة لاستقلالها وسيادتها ومحافظة على تراثها المشترك والتي تجسدت في ميثاق جامعة الدول العربية 1945. واذ ندرك أن مفهومنا للأمن القومي العربي ينصرف الى معناه الشامل وبأبعاده السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية، من حيث قدرة الدول العربية على الدفاع عن نفسها وحقوقها وصيانة استقلالها وسيادتها وسلامة اراضيها وتقوية ودعم هذه القدرات من خلال تنمية الامكانيات العربية في مختلف المجالات، استنادا الى الخصائص الحضارية والجغرافية التي تتمتع بها، واخذا في الاعتبار الاحتياجات الامنية الوطنية لكل دولة والامكانيات المتاحة والمتغيرات الداخلية والاقليمية والدولية التي تؤثر على الامن القومي العربي. وإذ نستشعر أن الأمن العربي قد بات تحت تهديدات متعددة الابعاد فبنيان الدولة وصيانة أراضيها قد أضحيا محل استهداف في اقطار عربية عديدة، ونتابع بقلق اصطدام مفهوم الدولة الحديثة في المنطقة العربية بمشروعات هدامة تنتقص من مفهوم الدولة الوطنية وتفرغ القضايا العربية من مضامينها، وتمس بالتنوع العرقي والديني والطائفي وتوظفه في صراعات دموية برعاية أطراف خارجية ستعاني هي نفسها من تدمير كل موروث حضاري، كان لشعوب المنطقة دور رئيس في بنائه فضلا عن التحديات التنموية والاجتماعية والبيئية، وإزاء كل ما يحيط بالامن القومي العربي من تهديدات وتحديات في المرحلة الراهنة تهدد المواطنة كأساس لبناء مجتمعات عصرية تحقق الرفاهية والازدهار لشعوبها كي تستعيد الامة العربية مكانتها المستحقة، فإننا: نؤكد على التضامن العربي قولا وعملا في التعامل مع التطورات الراهنة التي تمر بها منطقتنا، وعلى الضرورة القصوى لصياغة مواقف عربية مشتركة في مواجهة كافة التحديات، ونجدد تأكيدنا على أن ما يجمع الدول العربية عند البحث عن اجابات على الاسئلة الرئيسة للقضايا المصيرية هو أكبر كثيرا مما يفرقها، ونثمن في هذا السياق الجهود العربية نحو توطيد العلاقات البينية وتنقية الاجواء. نجدد تعهدنا بالعمل على تحقيق ارادة الشعوب العربية في العيش الكريم والمضي قدما في مسيرة التطوير والتنوير، وترسيخ حقوق المواطنة وصون الحريات الاساسية والكرامة الانسانية وحقوق المرأة وتحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية وجودة التعليم، وندرك أهمية تلك الاهداف كأدوات رئيسة وفاعلة تصون منظومة الأمن القومي العربي، وتعزز انتماء الانسان العربي وفخره بهويته. ندعو المجتمع الدولي الى دعم الجهود العربية في مكافحة الارهاب واتخاذ كافة الاجراءات اللازمة لتجفيف منابع تمويله للحيلولة دون توفير الملاذ الآمن للعناصر الارهابية، كما نشدد على ضرورة تنسيق الجهود الدولية والعربية في هذا المجال من خلال تبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية والتعاون القضائي والتنسيق العسكري مشددين على حتمية الشمولية في الرؤية الدولية في التعامل مع الارهاب دون اتقائية أو تمييز بحيث لا تقتصر على مواجهة تنظيمات يعينها وتتجاهل أخرى، خاصة وأن كافة تلك التنظيمات يجمعها نفس الاطار الايديولوجي وتقوم بالتنسيق وتبادل الخبرات والمعلومات والمقاتلين والسلاح فيما بينها، ونؤكد في هذا الاطار على رفضنا الكامل لأي ربط يتم لتلك الجماعات أو ممارساتها بالدين الاسلامي الحنيف. ندعو كافة المؤسسات الدينية الرسمية في عالمنا العربي الى تكثيف الجهود والتعاون فيما بينها نحو التصدي للافكار الظلامية والممارسات الشاذة التي تروج لها جماعات الارهاب والتي تنبذها مقاصد الاديان السماوية وندعوها الى العمل على تطوير وتجديد الخطاب الديني، بما يبرز قيم السماحة والرحمة وقبول الآخر ومواجهة التطرف الفكري والديني ودحض التأويلات الخاطئة لتصحيح المفاهيم المغلوطة تحصينا للشباب العربي. كما نشدد في هذا السياق على دور المثقفين والمفكرين العرب والدور الرئيس لوسائل الاعلام العربية والقائمين على منظمة التعليم في العالم العربي بما يستهدف نشر قيم المواطنة والاعتدال. ندرك ان التحديات العربية باتت شاخصة لا لبس فيها ولا نحتاج الى استرسال في التوصيف بقدر الحاجة الى اتخاذ التدابير اللازمة للتصدي لها، وقد تجلى ذلك بشكل ملموس في المنزلق الذى كاد اليمن ان يهوي اليه، وهو ما استدعى تحركا عربيا ودوليا فاعلا بعد استنفاد كل السبل المتاحة للوصول الى حل سلمي ينهي الانقلاب الحوثي ويعيد الشرعية وسيستمر الى ان تنسحب الميسليشيات الحوثية وتسلم اسلحتها ويعود اليمن قويا موحدا، واذ نجدد تاكيدنا على محورية القضية الفلسطينية كونها قضية كل عربي فيسظل التاييد العربي التاريخي قائما حتى يحصل الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه المشروعة والثابتة في كل مقررات الشرعية الدولية وفقا لمبادرة السلام العربية، اما في ليبيا فقد اورثت المرحلة الانتقالية منذ عام 2011 دولة ضعيفة ازدادت ضعفا إثر انتشار وسيطرة قوى متطرفة معادية لمفهوم الدولة الحديثة على مناطق ليبية فضلا عن تدخلات قوى خارجية تسعى لتوجيه مستقبل الشعب الليبي، كما يعاني العراق منذ عام 2003 من عمليات ارهابية ممنهجة اثرت سلبا على قدرته في بسط سيطرته على كامل اراضيه وضبط الاستقرار فيه، فضلا عن أن العنف في سوريا انتج تطرفا حولها الى ساحة لصراعات اقليمية ودولية بالوكالة، مما افضى الى غياب دور الدولة ومؤسساتها عن ربوع البلاد، وعدم قدرتها على حماية شعبها والحفاظ على سيادتها ووحدة اراضيها. نتعهد ان نبذل كل جهد ممكن وان نقف صفا واحدا حائلا دون بلوغ بعض الاطراف الخارجية مآربها في تأجيج نار الفتنة والفرقة والانقسام في بعض الدول العربية على اسس جغرافية او دينية او مذهبية او عرقية، حفاظا على تماسك كيان كل دولة عربية وحماية لاراضيها وسيادتها واستقلالها ووحدة ترابها وسلامة حدودها والعيش المشترك بين مواطنيها في اطار الدولة الوطنية الحديثة التى لا تعرف التفرقة او تقر التمييز. نعقد العزم على توحيد جهودنا والنظر في اتخاذ التدابير الوقائية والدفاعية لصيانة الامن القومي العربي في مواجهة التحديات الراهنة والتطورات المتسارعة وخاصة تلك المرتبطة بالممارسات لجماعات العنف والارهاب والتي تتخذ ذريعة لوحشيتها ونؤكد في هذا السياق على احتفاظنا بكافة الخيارات المتاحة بما في ذلك اتخاذ اللازم نحو تنسيق الجهود والخطط لانشاء قوة عربية مشتركة لمواجهة التحديات الماثلة امامنا ولصيانة الامن القومي العربي والدفاع عن امننا ومستقبلنا المشترك وطموحات شعوبنا وفقا لميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع العربي المشترك والشرعية الدولية وهو ما يتطلب التشاور بيننا من خلال آليات الجامعة تنفيذا للقرار الصادر عن هذه القمة. نؤكد على ضرورة اخلاء منطقة الشرق الاوسط من الاسلحة النووية واسلحة الدمار الشامل وعلى انضمام اسرائيل الى معاهدة منع الانتشار النووي في الشرق الاوسط وكذا على اخضاع جميع المرافق النووية لدول منطقة الشرق الاوسط بما في ذلك ايران لنظام الضمانات الشامل للوكالة الدولية للطاقة الذرية. نؤكد في هذا الاطار ان تحقيق التكامل الاقتصادي العربي هو جزء لا يتجزأ من منظومة الامن القومي العربي بما في ذلك استكمال منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وتحقيق الامن الغذائي ومبادرة السودان في هذا الشأن وكذلك التنمية المستدامة والاستغلال الامثل للموارد وتضييق الفجوة الغذائية العربية والادارة المستقبلية للموارد المالية تحقيقا للأمن المائي العربي. نعرب عن شكرنا العميق لفخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية ولشعبها العظيم على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة ولحكومة جمهورية مصر العربية بمؤسساتها المختلفة على دقة التحضير للقمة العربية والتنظيم المحكم والادارة الجيدة لأعمالها كما نتوجه بالشكر لمعالي امين عام جامعة الدول العربية ومسؤولي الامانة العامة على ما أبدوه من حرص وبذلوه من جهد لانجاح أعمال القمة. رسالة الرئيس الروسي بالسياق، تلا نائب الأمين العام، السفير أحمد بن حلي، رسالة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، للقمة العربية، أعرب فيها عن وقوف بلاده إلى "جانب مواطني الشعوب العربية، في طموحاتهم إلى تسوية جميع القضايا التي يواجهونها، بطرق سلمية وبدون أي تدخل خارجي". وأضاف بوتين، انه "للأسف يتعرض الوضع الأمني في الوقت الحاضر في العديد من الدول العربية للخطر، بسبب الأعمال الإرهابية التي تسيطر على مدن ومحافظات بأكملها، كما تدمر التراث الثقافي للبشرية" مؤكداً استنكار بلاده لمثل "هذه الأعمال الإجرامية التي ليس لها أي تبرير، وتعتبر أنه من المستحيل مكافحة الإرهاب بدون التطبيع الإقليمي" ودعا بوتين إلى "تسوية النزاع في سوريا وليبيا واليمن، وفق القانون الدولي، وطريق البحث عن مصالح هامة، ومعالجة القضية الفلسطينية التي تعد من أهم شروطها تحقيق الحق الفلسطيني في إقامة دولته". توضيح سعودي من جهته، عقّب صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية، على رسالة الرئيس الروسي للقمة، وقال إن روسيا تتحدث عن مشكلات الوطن العربي وكأنهم ليسوا جزءا من هذه المشكلات، فروسيا لها يد فاعلة في سوريا، لأنها تعطي النظام السوري الحالي فوق ما يريد من الأسلحة لمحاربة الشعب السوري. وأضاف خلال كلمته بالجلسة الختامية للدورة ال26 للقمة العربية: "لا يمكن أن نغفل أن القانون الروسي يمنع بيع السلاح الروسي لأنظمة تحارب شعوبها حتى ولو كان للدفاع وليس للهجوم". واستنكر الفيصل، دعوة روسيا لحل سلمي في سوريا، على الرغم من استمرار الدعم للنظام السوري، بعد أن فقد هذا النظام شرعيته، وعلى الرئيس الروسي أن يعدل من مواقفه حتى تكون العلاقات بينها وبين بقية الدول العربية الأخرى قائمة على أسس صحيحة، خاصة وأن العرب يحتاجون علاقات جيدة من روسيا، ويريدون دعمها في القضايا العربية التي لا خلاف عليها. القوة المشتركة من جهته، كشف الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، أن القادة العرب، قرروا اعتماد مبدأ إنشاء قوة عسكرية عربية، على أن يتم تشكيل فريق رفيع المستوى، تحت إشراف رؤساء أركان القوات المسلحة بالدول الأعضاء، لدراسة كافة الجوانب المتعلقة بإنشاء القوة العربية المشتركة وتشكيلها. وقال في كلمته بختام الجلسة، إن التحديات التى تواجه أمننا القومي العربي هي تحديات جسام، وشدد على ضرورة العمل، على تطوير الأساليب والآليات الجماعية اللازمة لصيانة أمننا القومي العربي، اِستناداً إلى إعلان شرم الشيخ لصيانة الأمن القومي "حفاظاً على أمتنا وتحقيقاً لتطلعات شعوبها نحو غد أفضل يصون أمجاد الماضي وآمال الحاضر، ويصوغ لها موقعاً فاعلاً في مستقبل الحضارة الإنسانية". وأعرب عن التعهد باستمرار "العمل والتواصل والتنسيق، خدمة لقضايانا العربية المشتركة، وإعلاء لمصالحها وتعزيزاً لتضامنها، في شفافية وجد وإخلاص". وأضاف: إن المحن التي تمر بها أمتنا العربية، وعلى عظمها، إلا أنها قد كشفت عن معدن أصيل لرجال تلك الأمة، وعن حجم الروابط والمصالح والآمال المشتركة التي تجمع منطقتنا العربية. الرئيس المصري يعلن اختتام قمة شرم الشيخ