لا يكاد يحضر الوطن بكل ما يتصل به؛ قيادة وإنساناً، ماضيا وحاضرا ومستقبلا وبكل التفصيلات في مختلف الشؤون إلا ويحضر وجه المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه ورفع مقامه في جنات النعيم هذا الرجل الاستثنائي والقائد المبهر بكل ما تحمله الكلمة من دلالة دالّة.. حين قيض الله لهذا الوطن قائداً عظيماً يجمع شتاته.. ويرسي قواعد أمنه وأمانه وبنائه.. ويوحد أطرافه وحدوده ضمن كيان وطني واحد.. تحت راية ديننا الإسلامي الحنيف مستنيراً بنور كتاب الله الكريم وهدي نبيه الأمين صلوات الله وسلامه عليه.. وحين تتشرف جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بتنظيم المؤتمر العالمي الثاني عن تاريخ الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود– طيب الله ثراه– فهي في حقيقة الأمر تنهض بواجب وطني وتاريخي وعلمي متحتم.. تجاه الوطن وتجاه الأجيال والتأريخ والكتابة.. حيال قائد صاغ ملحمة المجد بفرادة جعلت القاصي والداني أصدقاء وأعداء وأندادا يتأملها باحترام ومهابة وتقدير كامل ولا أدل على ذلك من تلك المؤلفات والأبحاث التي أنتجها باحثون من الداخل والخارج تناولت تاريخ جلالته يرحمه الله على مختلف المستويات بدءا بالسمات الشخصية والسجايا الخاصة وانتهاء بدبلوماسيته وسياساته محلياً وخارجياً.. ناهيك عن ما كتب حول ملحمة التوحيد وما صاحبها من أحداث ووقائع.. وتأتي رعاية سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله لهذا المؤتمر الأثير إلى قلوبنا وعقولنا ووجداننا الوطني العام.. تشريفاً كبيراً تزهو به جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.. فمليكنا المفدى يحفظه الله قامة ثقافية وتاريخية شاهقة.. واهتمامه الدقيق بالتاريخ عموماً وبتأريخ وطننا الغالي أحد أهم أولوياته القرائية والتوثيقية.. ولعل دارة الملك عبدالعزيز.. إحدى دلائل اهتمامه وعنايته أيّده الله بهذا الحقل الوطني والثقافي الهام.. لقد أرسى الملك عبدالعزيز– رحمه الله وطيب ثراه - دعائم هذه الدولة الشامخة.. وعمل على ترسيخ مبادئ المسيرة التنموية الشاملة التي حققت لبلادنا الغالية وثبات البناء الحضاري الخلاّق.. مع الحفاظ على هويتنا الإسلامية المعتدلة وقيمنا العربية الأصيلة.. وهو النهج والمنهج المتين الراسخ الذي رسم سياقاته العميقة الملك المؤسس رحمه الله ومضى على أثره من بعده أبناؤه البررة الكرام ملوك وطننا الغالي داخلياً وخارجياً.. ومن بين أهم صور ذلك النهج ترسيخ المبادئ والأسس المستمدة من ثوابت الإسلام.. ودعم قضايا التضامن العربي والإسلامي والدفاع عن قضايا الأمتين العربية والإسلامية مع الحفاظ على الأمن والسلم العالمي.. لقد حفل المنجز الكتابي والتأليفي لدى الآخر عن جلالة الملك المؤسس رحمه الله بمنتج معرفي مهم.. ولعلي في هذه العجالة أشير إلى ما ذكره بعض الساسة والمفكرين في وصف شخصية الملك العظيمة- طيب الله ثراه- إذ قال وليام إيدي (1954) في كتابه (F.D.R. Meets Ibn Saud) «كان عبدالعزيز أحد عظماء القرن العشرين.. لقد وحد مملكته ووحد شعبه بقدراته القيادية الفذة».. كما وصف سخاء الملك عبدالعزيز الكاتب روجرز 2011 (في كتابه World's Great Men ) حيث قال «يشهد كل من قابل ابن سعود أنه كان يجسد الكرم العربي الأصيل».. ويقول عنه آرمسترونغ «كان رجلاً مهيباً، نشيطاً، يتمتع بصفات الحاكم.. لقد ظهر بقوة رغم قسوة الصحراء.. كان مصدر إلهامه واعتقاده الذي يدفعه قدماً، أن الله قد عهد إليه مهمة لمّ شمل العرب وتوحيدهم، ليعيد إليهم أمجاد أسلافهم وتكون كلمة الله هي العليا».. رحم الله جلالة المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود.. وجعل مقامه الدرجات العُلى من الجنة.. وحفظ الله وطننا شامخاً أبياً.. كما أسأل الله جل في علاه أن يؤيد والدنا وقائد مسيرتنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بالنصر والتوفيق والتمكين..