بدأ اللون الأبيض هذه الأيام يتغلغل بين خضار جبال منطقة الباحة في ظاهرة طبيعية موسمية يربطها أهالي المنطقة بموسم طلائع «أشجار اللوز» التي تنتشر في سفوح جبال الباحة كالآلئ منثورة مع أواخر فصل الشتاء من كل عام. وتتميز شجرة اللوز بتحملها لمختلف الظروف المناخية وقلة استهلاكها للمياه، حيث ترتوي بقدرة الله عز وجل دون أي تدخل بشري، كون موسم إنتاجها يرتبط دائمًا بقرب نهاية فصل الشتاء الذي يشتهر بغزارة المطر، كما أثبتت الأبحاث الزراعية قدرة هذه الشجرة على تحمل الجفاف. وتُنتج شجرة اللوز الواحدة ما يقرب من 200 كيلو جرام في الموسم الواحد، وتتفاوت أسعار كيس اللوز في بداية الموسم عن وسطه وآخره، حيث تبدأ الأسعار في أول الموسم بالارتفاع ثم تنخفض في وسطه ثم تعود مرة أخرى للارتفاع في نهايته، ثم يأخذ اللوز شكله الآخر والنهائي عند قرب انتهاء الموسم ويصبح «اللباب» الذي يُشبه بذرة خشبية مائل لونه للبني الفاتح، يتراوح سعره المجفف مع القشر ما بين 70 إلى 100 ريال. ويختلف البعض حول المكان الأصلي لزراعة شجرة اللوز في الجزيرة العربية، بيد أن عضو هيئة التدريس في جامعة الباحة ومؤلف كتاب (النبات في جبال السراة والحجاز) الدكتور أحمد قشاش أوضح أن منطقة الباحة الملاذ الطيب لزراعتها، مبينًا أن المنطقة كانت تصدر كميات كبيرة من اللوز في الزمن القديم إلى مكةالمكرمة والمدينة المنورة، وبقية مناطق الجزيرة. وقال الدكتور قشاش: إن اللوز من المنتجات الزراعية التي تتحمّل التخزين لأعوام طويلة، وله نكهة خاصة، ويعرف منه نوع يُسمى (اللوز البجلي) الذي يُزرع في أراضي ديار بني مالك. وقال الدكتور قشاش: «إن اللوز من السلع التي تتحمل التخزين لأعوام طويلة، كما أن لوز المنطقة له طعم خاص، وينبت اللوز في جبل إبراهيم وبعض شعاب زهران وهو يحتاج إلى عناية، ولا بد أن تعاد زراعته وأن يُشجع المزارعون، كما لا بد أن تنشأ جمعية للوز كجمعية الرمان في المنطقة. وتعتبر أشجار اللوز من الأشجار القوية والتي تتحمل الظروف المناخية، فهي تقاوم قلة المياه، كون موسم إنتاجها يكون في نهاية فصل الشتاء، فتكون الأمطار في الشتاء سببًا في بقاء هذه الأشجار وترتوي بدون تدخل، مما قد يقلل من حجم الخسارة في ريها، ولكن في الآونة الأخيرة ومع الجفاف وقلة الأمطار التي اجتاحت المنطقة أدى ذلك إلى عزوف كثير من المزارعين عن رعايتها، ما أدى إلى إهمالها وعدم الاهتمام بها، ورغم ذلك فإن هذه الأشجار قاومت تلك الظروف، وأثبتت قدرتها على تحمل الجفاف، فأصبح القليل من المزارعين يهتم بها، وبعضهم يستفيد منها رغم عدم عنايته بها، ونتيجة لذلك نجد أن بعض إنتاج الأشجار التي لا يعتنى بها لا يكون مميزًا، وأما التي يعتنى بها فتجد ثمارها رائعة الطعم. وإنسان منطقة الباحة كان ولا يزال يفخر بانتشار أشجار اللوز في سراة منطقة الباحة وبعض ضواحيها حاملة ثمارها التي تشبه اللآلئ المنثورة على سفوح جبالها الفطرية، فهي تتميز بفوائد طبية عدة، منها خفضه مستويات الكولسترول الضار والمساعدة في تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب وحماية الخلايا من التلف، أما المدير العام لفرع الشؤون الزراعية بوزارة الزراعة في الباحة المهندس سعيد الغامدي فقد أفاد أن الوزارة خصّصت ثلاثة مواقع زراعية مجهزة لزراعة أشجار اللوز في المنطقة، بغية زيادة الإنتاج وحمايتها من الاندثار، مشيرًا إلى أن وزارة الزراعة تتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، وإمارة المنطقة لإيجاد عينات تشجيعية لحث المزارعين على الاهتمام بزراعة مدرجاتهم بمختلف الأصناف التي تناسب طبيعة المكان. «الزراعة» خصّصت ثلاثة مواقع مجهزة لزراعتها في المنطقة