هذه الأيام نحتفل في المنطقة الشرقية بعيد ميلاد مهرجان الأفلام السعودية. والمهرجان الآن في دورته الثانية بعد البداية الأولى في شهر مايو عام 2008م، وفي هذه الأيام نحتفل أيضاً بتكريم المخرج السعودي إبراهيم القاضي، الذي قضى جل عمره في الهند، وأسس مدرسة الدراما الوطنية الهندية وأدارها خمسة عشر عاماً، وتخرج على يديه عدد من المخرجين والسينمائيين الكبار. المهرجان الذي غاب طيلة السنوات السبع المنصرمة، أو ظل يمتد وينحسر، كأنه لم يغب، فالفكر الثقافي السينمائي هو حياة ممتدة متجددة، لذا ونحن ننظر الآن في هذا المهرجان لا نكاد نحيط به، لأن الذي ظهر لنا منه بعد الغياب أوسع وأغنى وأبقى من الذي كنا نتوقعه قبل أن يبدأ، كأنما تجاوز المنظمون بالمهرجان حيّزه الذي كانت ترسمه لنا حواسنا، وخرج إلى أصله فاتحد بالكل بإصرار وعزيمة. والعجيب أن تجتمع كل هذه المواهب وأن تكتمل في مهرجان اعتمد على العمل التطوعي اعتماداً تاماً، كأنهم كلما طلبوا طلباً استجيب لهم، أو أنهم كانوا يتحسرون على ما فاتهم من سنين عجاف، وبذلوا أضعافا مضاعفة من الجهد لهذا التميز، وأظن أن المطلوب بعد هذا التنظيم المميز، هو النظر في الأفكار المطروحة، كيف تعالج سلبيات المجتمع بفكر إنساني راق، وكيف يتم الاستفادة من الثواني قبل الدقائق في الحيز المتاح، ليزخر العمل بالروح الجياشة، وعدم قتل الوقت في فراغ محسوب، فالترهل يصيب المتلقي بالملل، والمبالغة الزائدة عن حدها أيضاً تصرف النظر عن الفكرة. وسواء اختلفت مع الفكرة أو اتفقت، لا يجب أن يولّد ذلك تصادما، بل إن الحاجة ماسة إلى المزيد من الطرح الهادف. وأستطيع أن أقول: إن المهرجان في ميلاده الثاني، وجهاً لوجه أمام المتلقي، ففرصته سانحة أن يعبر عن عرض ما هو هادف، لحل وعلاج قضايا المجتمع بروح وطنية سامية، شأنه شأن الرواية والقصة والشعر والمسرح، التي تقدمت - لدينا - عن الفكر السينمائي بمراحل، الذي يراه البعض أنه علاج لأمراض نفسية وجسدية وروحية معاً.