الكثير منا لا يعرف صاحب هذا اللقب الذي منحته إياه «فوربيس» حين وصلت ثروته 23.4 مليار دولار، ولكنه بالتأكيد يعرف أو تذوق منتجاته من الشكولاتة اللذيذة (نوتيلا، فيريرو روشيه، كندر)، التي تنتج في 11 مصنعا وتباع في 160 دولة، بمبيعات بلغت 9 مليارات دولار سنويا. فقد بذل الكثير ليوصلها لأسواقنا البعيدة، وكان طموحه منذ شبابه أن يبتكر «الشكولاتة الفاخرة» فتغزو العالم، وحقق حلمه. إنه صاحب شركة «فيريرو» الذي توفي قبل أيام مذكراً بقصة عائلته، لنستلهم منها عبرة النجاح في وقت الأزمات، إنه ميشيل فيريرو أغنى رجل في إيطاليا. أحياناً، اختصار المجد يكون بالمولد، وهذا ما كان عليه بطل قصتنا اليوم، الذي ولد لأب صانع للحلوى يقتات منها، فكان «بيترو فيريرو» الحلواني الإيطالي يحترف صنع (صلصة) الشكولاتة الذائبة التي يمزجها بالحليب والزبدة والسكر ويضيفها على أكلة كانت مفضلة لدى الطليان، في أربعينيات القرن المنصرم، اسماها (عجينة الجاندويا) (Di Pasta Gianduja)، والجاندويا اسم لشخصية إيطالية كانت مشهورة آنذاك -وهي فكرة إعلانية تسويقية ذكية حينها- مكونة من عجينة المكرونة (الباستا) وكان يوضع فيها لوح من الشكولاتة كنكهة مضافة، فلاحظ أن الاطفال يبتاعون المنتج لأجل لوح الشكولاتة التي تغلف بالقصدير لعزلها ويلقون بالعجينة. هذه الملاحظة جعلت من بيترو يفكر في تحويل شرائح الشكولاتة إلى صلصة كريما قابلة للدهن سماها (سوبر كريما)، كان يضعها في قلب العجينة، وأقبل الناس على شراء هذا المنتج اللذيذ، حتى اشتهر به في العام 1940، إلا أن منتجه تعرض لضربة موجعة في أعقاب الحرب العالمية الثانية، بعد أن شح وغلا منتج الكاكاو الذي أول من عرفه وصنعه بشرابه الحالي (الشكولاتة الساخنة)، وأدخله إلى القارة الأوروبية هي أسبانيا بعد استعمارها للمكسيك في القرن السابع عشر. وفي 1944 بعد أن اشتد التقشف بالدول الأوروبية المنهارة اقتصاديا، عانى بيترو من أزمة بتوفير «الكاكاو» والابقاء على سعر يكون في متناول الجميع؛ لضمان شرائه، فما كان منه إلا أن جرب العديد من الإضافات لتقليل مقدار الكاكاو الباهظ الثمن، ولم يكن يدري وهو يجرب مطحون البندق المتوفر بكثرة في شمال غرب إيطاليا أن هذه الإضافة «الغريبة» ستكون سر نجاح عائلة فيريرو لأكثر من ستين عاما، فلا تزال تزاول السرية في وصفاتها باتخاذها تدابير تمنع التجسس على صناعتها. نجح بيترو في صنع نوتيلاه الخاصة، فأسس شركته عام 1946 بمسمى عائلته «فيريرو» بفضل منتج «نوتيلا» التي تعني بالإيطالية «إنها البندق» ف»Nut» تعني ثمرة الجوز أوالبندق و»ella" وتعني «هي» اسم الإشارة للبندق. ميشيل الذي طور منتج أبيه وجعله «مشاع» عالمياً، صنع هو أيضا شكولاتاه الفاخرة عام 1982 تحت اسم العائلة «فيريرو روشيه»، ليعطينا درسا مفاده أن أكبر النجاحات تصنعها الحاجة.