كتبت في مقال سابق عن أحقية ناصر الشمراني بجائزة افضل لاعب في آسيا، وقلت حينها إن الأفضلية لا تتجزأ والأخلاق جزء رئيس من الأفضلية وطالبت بمعاقبة من يسيئون الخلق سواء في الأندية أو المنتخبات. وخلال اقل من شهر وتحديدا أول أمس انتشر مقطع في وسائل التواصل الاجتماعي، وظهر فيه الشمراني مجددا وهو يشتم ويلعن والدة احد المشجعين في لقاء منتخبنا الودي مع البحرين قبل ان يلحقها بالاعتداء عليه بيده!!. مضت عدة دقائق بعد كتابة الجملة السابقة وأنا أقلب في مخزوني اللغوي لعلي أظفر بكلمة تصف سلوك الشمراني، لكن يبدو أنني لشدة قبح ما حدث لم أجد شيئا يعبر عنه فهو أكثر من قبيح وأشد من مشين وأقوى من أرعن. ملابسات الحادثة لم تكن واضحة للمتابعين، ولكن مهما كانت الحيثيات فلا يمكن قبول ما بما حدث ولا حتى محاولة تهوينه واعتباره ربما ردة فعل، فأنت عندما ترتدي شعار الوطن لا تمثل نفسك بل تمثل المملكة العربية السعودية، وعليك ان تتصرف وفق هذا المبدأ وأن تكون ردة فعلك منطقية ومحسوبة بدقة. لو كانت الحادثة هي الأولى لناصر الشمراني لربما تجاوزنا عنها وفق مبدأ جل من لا يخطئ، لكن اللاعب قبل عامين وفي كأس الخليج الحادية والعشرين في المنامة تلاسن مع أحد الصحافيين مهددا إياه بالضرب، تلتها حادثة البصق الشهيرة في مباراة سيدني ثم حادثة اول أمس مع المبتعث السعودي في مباراة البحرين وهنا يبرز سؤال مهم: هل كان ناصر الشمراني سيكرر هذه التصرفات لو عوقب بعد أول خروج عن النص؟. المشجع بلا شك هو الآخر مخطئ وما صدر منه من ألفاظ أشد بذاءة مما صدر من الشمراني، ويفترض أن يكون لوزارة التعليم العالي ايضا موقف، فمثل هذه التصرفات تسيء للمملكة قبل ان تسيء إلى قائلها او من قيلت بحقه، لكنه في نهاية الأمر يبقى مشجعا ضمن ملايين المشجعين الذين يتباينون في ثقافتهم وتربيتهم وأخلاقهم وقدراتهم العقلية وغيرها، في حين أن الشمراني يمثل المملكة ضمن 26 لاعبا تم اختيارهم في مهمة رسمية وهنا يكمن الفرق. ولذلك كان الحديث مركزا على الشمراني والمطالبة بإصدار عقوبة لا تتنافى مع مصلحة المنتخب كما يرى البعض، بحجة ان المنتخب يفتقد للاعب الهداف، وهنا يمكن الوصول الى حل وسط بتأجيل اصدار العقوبة الى حين العودة من استراليا، لكن يجب ان تكون العقوبة حينها صارمة وليست من نوع"عيب يا بابا" حتى لا يعتقد الشمراني أو غيره أنهم بمأمن من العقوبة أو أن حاجة المنتخب لهم ستمنحهم حصانة. يبقى أن هذه الحادثة وما تبعها من انقسام الرأي إلى فسطاطين ما هي إلا أحد مخرجات التعصب الرياضي، وما هي إلا حزمة من الحطب الذي يساهم في إيقاد نار الكراهية والبغضاء بين الجماهير الرياضية، خصوصا أن المشكلة بين لاعب هلالي ومشجع يرتدي شعار النصر في وقت طغى فيه الانتماء للأندية على الانتماء للمنتخب.