أكد عضو مجلس الشورى الدكتور عيسى الغيث، خلال محاضرته التي استضافتها غرفة أبها بعنوان "الوطنية بين النظرية والتطبيق"، أهمية الاعتزاز بالوطن وتكريس مشاعر الوطنية في أنفس النشء، حيث تابع الغيث حديثه بعد تقديمه من قبل رئيس نادي أبها الأدبي الدكتور احمد آل مريع، متناولا إشكاليات اضطراب مفهوم الوطنية واعتزاز بعض الأشخاص بالأسرة، والقبيلة، وتجاهله للوطن، معتبرا هذا الأمر تجاوزا لمفهوم الوطنية. وأشار إلى أهمية مراعاة الشباب والاهتمام بهم؛ كونهم يمثلون نسبة 75% من المجتمع، وأهمية توجيه الخطاب الوطني في الجامعات والمدارس والتربية المنزلية، وفقا لمعاني الوطنية، والبعد عن تأصيل مبادئ الحزبية. محذرا من العديد من محاضن الفكر الإرهابي التي تستهدف أبناء السعوديين وضرورة حماية الجيل الجديد من الانتماءات الفكرية، مشددا على أهمية التزام المنهج العلمي القائم على التثبت وفحص الأقوال والأخذ والرد على هدي من الكتاب والسنة، مع ضرورة استخدام العقل والاستقلال. وبيّن أن مجتمعنا يحتاج إلى وسطية تتسع للرأي والرأي الآخر، وفق منظومة شرعية أخلاقية، تستوعب جميع أبناء هذا الوطن، وتحتوي اختلافاته التنوعية. وأشار الغيث قائلا: إننا في بلاد الحرمين ومعقل الإسلام وأن حب الوطن والعيش فيه جبلة بشرية وغريزة خلقية، وهو يشمل الضرورات الخمس الخاصة بالإنسان، وتابع أن الوطنية هي مشاعر يجب أن يتم تأصيلها في النفوس، فالناس لا يخرجون من أوطانهم ألا للضرورة القصوى، ويرجعون ويحنون إليها فهي ملاذهم ومسقط رؤوسهم. وشدد على أهم معاني الوطنية الحقة التي يجب ترسيخها في نفوس الأجيال، مؤكدا على أهمية التزام النقد الموضوعي البناء في كافة القضايا الوطنية؛ لإيضاح الايجابيات وتجاوز السلبيات وعلاجها بنظرة واقعية، وعلى ضرورة استفادة الوطن من اليوم الوطني، وأنها يجب ألا تقف عند كتابة الشعارات، والإعلانات الدعائية، ولكن يجب أن تتجاوزها إلى النموذج العملي والتطبيقي من خلال القيام بالواجب الديني، والشرعي في العمل والإنجاز. وأضاف إن حب الوطن ليس جاهلية، وهو أمر فطري ولازم، وتساءل قائلا: هل من الوطنية أن تسكت عمن يهاجم وطننا وولي أمرنا؟ هل من الوطنية تجاهل الايجابيات الموجودة في هذا الوطن وإعطاء الانطباع السيئ عن كل مقدراته ومساندة القنوات الفضائية التي تهاجمه؟ واستنكر العديد من التصرفات السلبية، والتي تعبر عن عدم الانتماء للوطن. وأضاف كلنا مواطنون من الدرجة الأولى، ولدينا كامل الحقوق والواجبات وحقوق المواطنة، وشدد على أهمية الابتعاد عن التصنيفات وعلى ترسيخ العلاقات الأخوية، فلا احد يملك ميزان الإسلام؛ كي يكفر هذا أو يدخل هذا في الإسلام، داعيا إلى الإخوة الإسلامية الحقة، وإلى عدالة المنهج مطالبا فقهاء الشريعة الإسلامية بتعليم فقه الخلاف وفقه المسائل ومقاصد الشريعة الإسلامية وتقبل الرأي والرأي الآخر، والتعريف بالمسائل الخلافية في المجتمع وضرب بذلك مثالا باختلاف المنطوق والمنظور في حديث بني قريظة، وتصرف الرسول -صلى الله عليه وسلم- عندما لم ينكر على أحد فعله، فلكل مجتهد نصيب، وليس كل مجتهد مصيب. وتحدث الغيث عن مفهوم الأمن الفكري من الناحية الشرعية، والارتباط بين الأمن والإيمان وأهميته، كما تناول خطورة الإخلال بالأمن الفكري، وما حصل للأمم السابقة الذين أصابهم انحراف في فكرهم، وتطرق إلى وسائل حماية الأمن الفكري ووجوب إعادة النظر في طرق التربية سواء في البيت أو المسجد أو المدرسة. وفي نهاية اللقاء، كرم نائب رئيس مجلس إدارة غرفة أبها الدكتور زايد عسيري، الشيخ عيسى الغيث، وشكره على تجشمه عناء السفر، والحضور إلى مدينة أبها وتلبية دعوة الغرفة التجارية الصناعية بأبها، مؤكداً على دور الغرفة المهم في تكريس مفهوم الخدمة الاجتماعية وتعزيز الوطنية كما كرم رئيس النادي الأدبي.